السعودية تقر بالجرم وأمريكا ـ بريطانيا لاحقاً
لامناص من ذلك ولو بعد حين!


وسط استمرار وديمومة تساقط الصواريخ الباليستية اليمنية على رؤوس (الغزاة ومرتزقتهم) في أكثر من منطقة عسكرية وتدريبية نائية وعلى امتداد محاور المواجهات المختلفة داخل المملكة السعودية وخارج حدودها الجغرافية (المُطبقة)، والتي ادعت منذ الوهلة الأولى للحرب بأنها استطاعت تدميرها والنيل منها،  تتساقط الصواريخ والقنابل الانشطارية والنيترونية (الأمريكية - السعودية) على رؤوس الأطفال والشيوخ اليمنيين بشكل شبه يومي، في صورة تكشف مدى الانحطاط والتخبط الذي تعاني منه تلك البيادق الأمريكية اللعينة، وتبيّن حجم الحقد الأجوف الذي يكتنز خلجاتها الداخلية الخالية من أدنى المبادئ والأعراف الإنسانية، فضلاً عن مبادئ الإسلام الحنيف، والذي تتبجح دوما باعتبارها الراعي الأول لقيمه وخصاله الإلهية الخالدة، بل وتقدّم نفسها (بصورة مفضوحة) على أنها (إنما تصنع كل تلك الجرائم الوحشية بحق الطفولة في اليمن، حفاظاً على الدين الإسلامي، وصوناً له من الاندثار والتهاوي)!
وفيما ارتفعت أصوات المنظمات الدولية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن  (بالتنديد) و(الشجب) لقتل الطفولة اليمنية، كما جاء في تقارير المنسقية السامية في مجلس الأمن ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والعديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، والتي أعقبت مجزرة دار المكفوفين في صنعاء، حيث حملت في مجمل بياناتها ومناشداتها الأممية الكثيرة المملكة السعودية ودول التحالف مسؤولية (ارتكاب جرائم حرب في اليمن)، ووصفتها (بالفظيعة واللا إنسانية)، وهو الأمر الذي لم تكترث له المملكة السعودية، حيث استمرت مدعومة بالموقف والسلاح والجيش الأمريكي البريطاني المتجسّد على هيئة شركات أمنية (كبلاك ووتر) وجماعات أخرى لقيطة تحمل جنسيات الدول المعنية، في ارتكاب العديد من المجازر التي أقل ما يمكن وصفها به كما يقول مراقبون (بالفاشية والنازية).
 كما  حدث في مجزرتي (رأس عيسي) بمحافظة الحديدة، و(ضحيان) بمحافظة صعدة، خلال الفترة التي أعقبت تلك التقارير الدولية، والتي راح ضحيتها العشرات من المدنيين اليمنيين، وتوزعت جثثهم المتفحّمة ما بين (الأطفال والأطباء والإعلاميين والعمال في الحقول النفطية والمزارع الخاصة)، في صورة توضح مدى الرغبة المتعجرفة في القتل من جهة، واللامبالاة وعدم الاهتمام بالتقارير المنظماتية والدولية من جهة أخرى. 
ومع بروز الضوء الأخضر الأمريكي الذي أعقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي  (جون كيري) للرياض، مطلع الأسبوع قبل الماضي، حيث التقى بوزير الخارجية السعودي (عادل الجبير)، وأعلن عن عزم بلاده تزويد الرياض بأسلحة نوعية أكثر فتكاً وذكاءً من سابقاتها، وقال في تصريح رسمي له عقب الاجتماع بأن أمريكا تقف مع الرياض في مواجهة التمرد الحوثي في اليمن، حد وصفه. وهو ما أثار غضباً شعبيا عارما في الداخل اليمني، حيث أعلنت العديد من النقابات المحلية والمؤسسات الحقوقية والمدنية تأسيس الجبهات المناسبة ضد الهيمنة الأمريكية المفضوحة، ليخرج بعدها الأستاذ محمد علي الحوثي (رئيس اللجنة الثورية) مدشناً حملة (أمريكا تقتل الشعب اليمني)، ويقول في تصريح رسمي له بأن تصريحات (كيري) (تكشف الوجه الحقيقي لأمريكا الملطخ بدماء اليمنيين منذ الأزل)، وحمّلها مسؤولية القتل الممنهج الذي تقوم به طائراتها وصواريخها على مدى يومي، ودعا في ذات السياق الى هبّة وانتفاضة شعبية عارمة لمواجهة ما سماه (العدوان الأمريكي ضد بلاده). 
وعلى ذات الصعيد، وبالتزامن مع انطلاق الحملة اليمنية لمواجهة العدوان (الأمريكي)، واصلت آلة الحرب (الأمريكية-السعودية) ضرباتها المكثّفة على مصانع وشركات القطاع الخاص، وخلّفت وراءها العديد من الضحايا المدنيين، وألحقت دمارا هائلا بالمباني الخاصة، وأحدثت خسائر مادية مهولة، وسرّحت العديد من العمالة البشرية الكفؤة والماهرة، لتُضيف من معاناة المدنيين اليمنيين في إطار استكمال منظومة الحصار الجائر الذي صاحب عدوانها الهمجي منذ بدايته في أواخر مارس الماضي، كما حدث في مصنع البفك التابع لشركة الكبوس، ومصنع حليب الأطفال التابع لوكالة شهاب في العاصمة صنعاء، بالإضافة الى استهدافها المباشر للعديد من منازل المواطنين اليمنيين، كما حدث لمنزل القاضي الشهيد يحيى ربيد، الأمر الذي نجم عنه استشهاد معظم أفراد أسرته جلّهم من النساء والأطفال. 
ومع استمرار التحدي (الأمريكي - السعودي)  لقرارات وبيانات ومناشدات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والمدنية ذات الصلة، وإيغاله الهمجي في سفك دماء المدنيين اليمنيين واستهداف مصالحهم الخاصة على مدى شبه يومي،  تواصل الإرادة اليمنية الصلبة شق طريقها المشروعة في سبيل التحرر من الهيمنة الأمريكية، فعلى مختلف المحاور القتالية الممتدة على الشريط الحدودي للمملكة السعودية مع اليمن، يثبت الجيش اليمني أنه هو صاحب القرار السيادي على الأرض، وهو صاحب المبادرة الفصل في هذا الشأن، وهو ما يفسّر تجنب العدوان البربري الخوض في الحرب البرية، ليواصل قصفه الجنوني والهمجي على المنازل والمنشآت العامة والخاصة داخل المدن الرئيسية المكتظة بالسكان، مستعرضا عضلاته البائسة على المواطنين العُزّل، وصاباً جام أحقاده الخبيثة على الأطفال اليمنيين الرُّضّع.
وبلاشك فإن كل المجازر المروّعة التي ارتكبتها طائرات التحالف (الأمريكي - السعودي) لم تأخذ حقها الطبيعي في الاعتراف السعودي، وإن جاء اعترافها الأخير عبر حساب البعثة السعودية في الأمم المتحدة على تويتر، بأن (الممكلة تأسف لسقوط ضحايا مدنيين)، وقالت (إن هذا أمر غير مقصود، وإنه يحقق في الأمر، وسيعمل على تحسين آلياته في الاستهداف). وأضاف البيان أن قوات التحالف (تأسف بشدة لسقوط ضحايا مدنيين في اليمن).
كما أفاد بيان الأمم المتحدة الذي أعلنته (رويترز) الأربعاء الماضي، بأن (التحالف الذي تقوده السعودية استهدف مدنيين في اليمن، كما وثقت 119 غارة قالت إنها مرتبطة بانتهاكات للقانون الإنساني الدولي).
وأضاف بيان البعثة السعودية: (تعلن قوات التحالف العربي عن تشكيل فريق مستقل عالي المستوى من ذوي الكفاءة والاختصاص من كبار الضباط والمستشارين العسكريين والخبراء في مجال الأسلحة والقانون الدولي الإنساني، لتقييم الحوادث وإجراء التحقيق وآلية الاستهداف المتبعة وتطويرها). 
مراقبون أفادوا بأن الهدف من وراء الاعتراف السعودي الأخير محاولة (لذر الرماد في العيون)، وعبّروا عن أسفهم الشديد إزاء الانتهاكات المستمرة والمتواصلة لطائرات العدوان، والتي كما تقول تقارير مجلس الأمن الدولي بأن (عدد الضحايا المدنيين تجاوز الـ20 ألف شخص منذ بداية العدوان أواخر مارس الماضي)، حسب تقرير مركز الإحصاء الدولي الذي نُشر قبل حوالي شهر، حيث يفيد التقرير بأن العدوان ارتكب جرائم يمكن تصنيفها بكل سهولة ضمن جرائم الحروب الدولية نظرا لبشاعتها ووحشيتها.
 وكان رئيس اللجنة الثورية العليا قال في رد رسمي له على بيان البعثة السعودية، بأن (من أقدم على عدوان همجي وغير شرعي ولا يستند إلى أي قانون، لن يحافظ على الحقوق والواجبات، كونه منتهكاً لها أصلا من البداية)!
وأفاد بأن (البيان المنسوب إلى قيادة تحالف العدوان عبر وكالة الأنباء السعودية  واس، يؤكد أنه أتى للتضليل الكبير ولذر الرماد في العيون، وهو أيضا ما يؤكد سبق الإصرار والترصد للجريمة من قبل أمريكا وحلفائها، والتي دأبت على خرق القوانين وانتهاك الأعراف الدولية ومواثيق الأمم المتحدة).
وكان الناطق باسم قوات التحالف (الامريكية - السعودية) قال خلال لقاء بثته رويترز قبل أيام، بأن (المقاتلين الحوثيين وقوات الجيش اليمني الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أطلقوا أكثر من 40 ألف مقذوف عبر الحدود منذ أن بدأت الحرب). 
وأضاف أحمد عسيري أن (قواعدنا للاشتباك حاليا هي: إذا اقتربتم من الحدود ستقتلون).
وفي ما يشير إلى مدى شراسة القتال على الحدود، قال عسيري في مقابلته إن الحوثيين والقوات الموالية لصالح أطلقوا قرابة 130 قذيفة مورتر و15 صاروخاً على مواقع حدودية سعودية الاثنين فقط!
وكان ناشطون حقوقيون وسياسيون سخروا من التصريحات الأخيرة للناطق الرسمي باسم قوات التحالف (عسيري)، ووصفوها بالمخادعة والمدفوعة من قبل الأمريكان، وقالوا بأن من يقتل الأطفال بالآلاف لن يتردد في الكذب والتضليل على الرأي العام مهما حاول أن يكون دقيقاً في اختيار الأرقام التافهة، وأشاروا الى أن جميع القتلى السعوديين جنود وضباط من الرتب الكبيرة، وتحدوا في ذات السياق (السعودية ومن يقف معها أن تثبت صحة ما تدعي وتنشر)، كما اعتبروا التصريحات الأخيرة محاولة ضعيفة لتفريغ بيان البعثة السعودية في الأمم المتحدة من محتواه، والذي اعترفت فيه صراحة بوجود تجاوزات حقيقية ومتعمدة استهدفت المدنيين منذ بداية الحرب).  
وفيما تشير التقارير الدولية الى أن السعودية ارتكبت جرائم إبادة جماعية في اليمن خلال الفترة الماضية، وزادت من جرائمها الوحشية والمهولة خلال الأسبوعين الماضيين، الى الحد الذي جعل جهة رسمية تعترف بارتكاب كل تلك الجرائم، داعية الى (تحسين الاستهداف) حد وصفها، يقول اليمنيون بأن المعني المباشر في الحرب هي أمريكا وبريطانيا والدول العظمى المتحالفة معه، فهل سيأتي اليوم الذي تعترف فيه أمريكا وبريطانيا صراحةً بارتكاب كل تلك الجرائم منذ العام 2004 الى اليوم، وبشكل واضح؟!
 يجيب متابعون: (لامناص من ذلك ولو بعد حين)!