فيالق الخرافة وطواحين الهواء
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / عبدالقادر حسين
الوهابية عصب الجيش السعودي
فيالق الخرافة وطواحين الهواء
كعانس تتابع جديد مستحضرات التجميل وتحرص على اقتنائها، ظلت المملكة السعودية مهووسة بشراء أحدث تقنيات التسليح، غير مستوعبة أن المقاتل هو من يقف خلف الآلة العسكرية.. على وقع المعارك المحتدمة التي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبية في مواجهة قوات العدو السعودي في ما وراء الحدود، تنهار معنويات الجيش السعودي والمواطن ورأس السلطة في المملكة وهم يرون تقانتهم العسكرية تتحطم وتصيبهم الخيبة لاسيما مع توزيع الإعلام الحربي مشاهد مصورة تظهر فرارَ جنوده وضباطه من أرض المعركة تاركين وراءهم آلياتهم وعتادهم الحربي ذا التقانة المتطورة معطوباً أو غنيمة للمقاتل اليمني.
الأمر الذي يجعل سلطة بني سعود تتكتم على ذلك، فقد ظنَّوا أن ترسانة التسليح مانعتهم من شعب يرفض عدوانها واستمرار نفوذها عليه، لكن الانهيار المعنوي بات واضحاً داخل المملكة جيشاً ومواطناً وسلطة، وبدأت التسريبات الإعلامية تكشف ذلك، حيث تفيد مصادر إعلامية بأن أجهزة الاستخبارات الغربية تشير إلى أن عدد الجنود الهاربين من المعسكرات والمراكز الحدودية السعودية مع اليمن بلغَ أكثر من 3970 جندياً، فيما تتحدث تقارير أخرى عن هروب أكثر من 10 آلاف جندي من الوحدات العسكرية من عموم فرق الجيش والحرس الوطني السعودي.
ونقلت صحيفة (الوطن) السعودية تقريراً عن إنشاء مركز صحي خاص تابع للقوات المسلحة السعودية لإعادة الجنود الذين يعانون من صدمات نفسية، وقال وزير الصحة السعودي: (إن طواقم طبية متخصصة في التأهيل النفسي تسعى لمساعدة أفراد الجيش في مواجهة الحالات الصحية النفسية).
فيما بيَّن عبد الله طمزة أستاذ علم النفس بجامعة جازان السعودية، (أن المركز تمكن من تقييم عدم الاستقرار النفسي لدى العديد من الجنود الذين يعتنقون عقائد متشددة قد تعطيهم مبررات لأفعال إجرامية تحت مسميات دينية). وبحسب مراقبين فإن التعاليم الوهابية ودعواتهم الدائمة للجهاد في سوريا والعراق واليمن، مهدت الأرضية النفسية لترسيخ الخرافات لدى العسكريين السعوديين.
ويرتكز الجيش السعودي في عقيدته القتالية على الموروث الديني المتمثل في التيار السلفي الوهابي التكفيري المتشدد، وفي قلب المؤسسة العسكرية توجد الإدارة العامة للشؤون الدينية التي تقف بموقع التوجيه المعنوي، وغالباً ما يتولى قيادتها شيخ عسكري سلفي، وكان أحد أفراد آل الشيخ رئيساً لهذه الإدارة سنين طويلة، تنشط هذه الإدارة في كافة قطاعات الجيش بأعمال التوجيه المعنوي وترسيخ العقيدة القتالية بحسب المفهوم السلفي الوهابي وتغذية الحقد الطائفي.
وتنطلق المملكة في الحفاظ على معنويات جيشها منطلقاً وهابياً يمجد الخرافات والشعوذة لتبرير الانكسارات المتوالية، حيث دفعت بالرئيس اليمني الفارّ عبدربه منصور هادي في أيار المنصرم، في ختام ما عُرف بـ(مؤتمر الرياض)، إلى اتهام المقاتلين اليمنيين بالسحر والشعوذة، محاولاً بذلك إيجاد تبرير لهزائم القوات السعودية يحظى بالقبول في الداخل السعودي، متهماً قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي بخداع أنصاره بطلاسم سحرية وإيهامهم أنه المهدي المنتظر، وقال (إنه يجند الأطفال ويربط لهم حروزاً (طلاسم) تحميهم من الرصاص).
وكان هادي استبق العدوان بأيام وأصدر فتوى سياسية متدينة بقوله: (إن اليمنيين زيود وشوافع لن يقبلوا المذهب الاثنى عشري)، يُبيح بذلك قتل المنتمين للمذهب الاثنى عشري، ويعلل الصراع من منطلقات دينية.
من جانبها، ذكرت قناة (العربية) في منتصف أيار المنصرم، أن (إحدى دوريات فرق المجاهدين، في محافظة الخوبة، ألقت القبض على ساحر أرسله الحوثيون لتكبيل أفراد الجيش السعودي، متسللاً قرب مركز الخشل الحدودي المحاذي لسوق المشنق اليمنية).
وقالت صحيفة (الحياة) إن إحدى دوريات فرق المجاهدين ألقت القبض على يمني متسلل، لوحظ خلال القبض عليه أنه يمارس أعمال الشعوذة ويهذي بكلمات لا يفهم معناها، وأنه مكبل يديه وقدميه بسلاسل مفردة، وفي كل سلسلة قفل، وعثر بحوزته على أعمال سحرية وطلاسم.
ويرى أكاديميون أن السحر ورقة لا تقل عن الطائفية في رهانات نظام المملكة في صراعها الإقليمي والمحلي كنظام ملكي، حيث يركز نظام بني سعود على ورقة السحر ويوفر مساحة إعلامية ضخمة لأخبار السحر وشؤون السحرة من أجل صرف النظر وإشغال الرأي العام المحلي، وطبقاً لمراقبين فإنها ركزت في تدخلها في حروب صعدة على جانب السحر و(فك سحر الحوثيين من قبل كتائب فك السحر في الجيش السعودي، التي دُربت من أجل تلك المهمات المعقدة) حسبما تدعي.
في آذار 2008 طلبت هيومن رايتس ووتش من مسؤول رفيع المستوى في وزارة العدل السعودية، توضيح تعريف جريمة السحر في السعودية والأدلة المطلوبة كي تثبت المحكمة مثل هذه الجريمة، وأكد المسؤول عدم وجود تعريف قانوني، ولم يوضح الأدلة ذات القيمة الثبوتية في محاكمات السحر، حيث لا يوجد في السعودية قانون عقوبات، وجميع القضايا التي ينظرها القضاة تخضع لتعريفهم للأعمال التي يرونها إجرامية، كما أن لهم سلطة تحديد العقوبات الواجبة فيها.
فيما قال وزير العدل عبد الله آل الشيخ، في شباط 2008، رداً على احتجاج هيومن رايتس ووتش على الإدانة (تعزيرياً) في 2006 وحُكم الإعدام الصادر بحق مواطنة سعودية بتهمة السحر، (إنها تتبنى فكرة غربية متحيزة ضد الشريعة الإسلامية)، لكنه لم يُجب على أسئلة المنظمة بشأن اعتقال المواطنة تعسفاً وانتزاع الاعتراف منها بالإكراه أو محاكمتها غير المنصفة ثم إدانتها بالخطأ.
تعتبر العقائد والأفكار والأيديولوجيات عاملاً مهما في تشكيل الوعي والعقيدة العسكرية عند أي جيش أو قوة مسلحة، ويُعرف عن السعودية أن قرار الحرب أو السلم بيد العائلة المالكة المتعاضدة مع التيار الوهابي المتشدد، إذ تتسم حروبها بتأثير الأيديولوجيا الوهابية التي تنظر إلى الحروب من منظور دار الكفر والإيمان، وهي حالياً تتهم اليمنيين بأنهم روافض ومجوس، أي دار كُفر جائز قتلهم.
وسيراً على الوثيقة البريطانية الموقعة مع مؤسس الوهابية محمد بن عبدالوهاب، المتضمنة تكفير المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم، يتجند علماء الدين في صفوف العدوان السعودي الأمريكي، وأصدرت عدد من المؤسسات والشخصيات الدينية فتاوى لدعم العدوان وتكفير الشعب اليمني وإباحة دمه، معتبرةً الحرب ضد اليمنيين (جهاداً) في تكفير واضح لأبناء الشعب اليمني، طبقاً لهيئة كبار علماء السعودية. بينما يُذكر أن محمد عبد الوهاب كان قد أصدر فتوى شهيرة تحرم مهاجمة الأساطيل البريطانية وحامياتهم العسكرية النفطية إبان أعمال التنقيب عن النفط.
وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء فهد بن سعد الماجد: (إننا إذ نسأل الله تعالى السلامة لجميع القوات العسكرية ولجميع أفراد الشعب اليمني الشقيق؛ فإن اللجنة الدائمة للفتوى سبق أن صدر عنها الفتوى في أن من قتل في سبيل الله في معركة مع العدو وهو صابر محتسب، فهو شهيد معركة لا يغسل ولا يكفن بل يدفن بملابسه).
كما أيدت هيئة علماء الأزهر العدوان الذي يقتل الشعب اليمني، واصفةً إياه بأنه جهود عربية ساعية لإعادة الاستقرار والأمن لدولة اليمن بما يساهم في دعم واستقرار المنطقة العربية المتنازعة، وموافقاً للمصلحة العليا للعالم العربي والإسلامي بهدف بسط الاستقرار في المنطقة.
من جانبه، أصدر عبدالمجيد الزنداني فتوى تأييد للعدوان قائلاً إنه جاء (لإغاثة بلد جار وشعب مكلوم وقيادة شرعية استنجدت لوقف العبث بأمن ومقدرات اليمن والحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته)، بينما كان قد أفتى بعدم جواز استباحة الأجواء اليمنية من قبل الطائرات الأمريكية التي كانت تحارب عناصر تنظيم القاعدة في عهد الرئيس السابق صالح.
ومثّل إعلان مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ دعوته إلى التجنيد الإجباري في المملكة، الخطوة التي توّجت حملة تقوم بها المؤسسة الدينية الوهابية لحشد المقاتلين استعدادا للعمليّات البريّة في اليمن، ورافقها حملات تحريض مذهبي تكشف خبث السعودية التي تجد نفسها يتيمة في التوجه إلى الصراع البري، كما تحكيه الانفعالات لخطباء مساجد الفكر الوهابي لتخفي رجفة وذعراً ينتابهم.
كما هو عهد المملكة في حروبها القائمة على أساس ديني وطائفي، تُسخر الفتوى والخرافات في محاربة أبناء الشعب اليمني، إلى جوار البوارج والإف 16 وأحدث المعدات الحربية التي يمتلكها العدو السعودي، والتي لم تفلح سوى بإتقان الإغارة بالطائرات الأمريكية والغدر على أطفال وشيوخ عزل دون تحقيق أية نتائج تذكر سوى رفع عدد الشهداء الشاهدين على غدر وحقد النظام السعودي، ويبدو الشعب اليمني بعد نيفٍ و300 يوم أكثر صموداً واعتزازاً بموقفه الثوري الرافض للخنوع والهيمنة بالرغم من الاحتشاد الدولي ضده، ولاتزال القوات اليمنية تواصل تقدمها في ما وراء الحدود، وتنهار نفسيات الجيش المعادي مع كل تقدم تحرزه القوات اليمنية.
المصدر صحيفة لا / عبدالقادر حسين