رمضان بطعم الوجع.. يحل ضيفاً بلا رواتب
الديلمي: سأبيع (قصائدي) لأشتري لأطفالي متطلبات الصيام..!


اعتاد اليمنيون على استقبال الشهر الكريم بطقوسٍ واستعداداتٍ مبكرة تسبق إطلالته البهية، في حين سيكون هذا العام بمذاقٍ مختلف في ظل انقطاع الرواتب للشهر الـ8 على التوالي.. أضف إلى ذلك الارتفاع الجنوني للأسعار، والغاز المنزلي، وغيره من السلع الأساسية، مما يضطر الأغلبية إلى تقليص احتياجاتهم الأساسية، حسبما تحدث موظفون لصحيفة (لا) من خلال لقائها معهم.. في حين أكدت وزارة الصناعة والتجارة أنها أعدت خطة لإلزام التجار بتسعيرة محددة، ومنع احتكار السلع الضرورية، إضافة إلى إصدارها قراراً بشأن التسعيرة الرسمية لأسطوانة الغاز، وضبط المتلاعبين.
أسبرين (مؤقت)..!
يرى مهتمون بالشأن الاقتصادي، أن مرتبات الموظفين التي دخلت شهرها الـ8 على التوالي، امّحت بين تصريحات (بن حبتور) و(بن دغر)، حيث قال الأول في تصريحاتٍ سابقة له: (سنصرف الرواتب لعدد من الأشهر دفعة واحدة...)، ومرت الأشهر ولم يلمس موظفو القطاع العام أية نتيجة، مما جعل الكثير لا يكترث لأي تصريحاتٍ لا تكون عند مستوى المسؤولية، ومثله صرّح (بن دغر): (سيتم الصرف لجميع موظفي الدولة بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين) كما سماهم.. وكلها تصريحات دون المستوى المسؤول لكليهما، حيث رأى متابعون أنها مجرد مهدئات تُستخدم لإسكات الموظفين المطالبين بمرتباتهم..

البطاقة (التموينية)
فيما حاولت حكومة (بن حبتور) إيجاد حلول أخرى لتخفيف معاناة الموظفين من خلال (البطاقة التموينية)، التي يرى البعض أنها ستحل جزءًا من المشكلة عبر تنسيقٍ بين الدولة ورجال المال والأعمال والتجار.. وهنا علّق مصدر (اقتصادي) فضل عدم ذكر اسمه: (بالرغم من تلك الخطوة، إلا أنها تمشي ببطءٍ شديد، فحتى اللحظة هناك مرافق حكومية لم تستلم حصتها من البطائق السلعية التي أقرها مجلس النواب، وهو ما يتوقع له أن تكون نسبة نجاح الفكرة ضئيلة جداً مقارنة بالتصريحات الرسمية)، حسب قوله.
 
سأبيعُ (أفكاري)..!
موظفو القطاع الحكومي معاناتهم مضاعفة، كونهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد، ويزيد من معاناتهم أن لديهم أطفالاً، ولا يجدون ما يطعمون به أسرهم.. عبدالوهاب الديلمي يقول: (بالنسبة لي كشاعر وموظف بدون راتب ومحروم من مصادر الدخل البديلة، اضطررت لإيجاد مصدر دخل بديل وهو: بيع أفكاري (قصائدي)..).
يستطرد الديلمي بمرارة: أدري أنها تجارة محرمة، إن لم تكن في الشرع، ففي شريعة الثقافة والأدب، لكنها الضرورات تبيح المحظورات و(الجوع كافر)، وسيسجل التاريخ أننا بعنا أفكارنا من أجل لقمة العيش.


أكتفي بالكريم كراميل..!
موظفو القطاع الخاص أيضاً منهم من فقدوا وظائفهم، بالمقابل هناك من يعملون مع قطاعاتٍ أخرى.. يقول محمد الحاضري: (نحن موظفي القطاع الخاص لا نتأثر كثيراً بانقطاع الرواتب، ولكن نظراً لارتفاع الأسعار سأكتفي بالكاسترد والكريم كراميل).
أما حسين الكدس (إعلامي) فيرى أن الاستعداد الأمثل للشهر الكريم سيختلف هذا العام كثيراً مقارنة بالأيام التي تعوّد عليها اليمنيون قبل العدوان، ويضيف أن ذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار الاقتصادي المطبق على البلاد لأكثر من عامين.

عَقدُ الآمال
الاستعدادات لاستقبال الشهر الكريم ستنحصر في عقد الآمال بتسليم (البطائق التموينية)، على الأقل لشراء احتياجات رمضان.. ذلك ما تؤكده سعاد الويسي (إذاعة صنعاء)، وماعدا ذلك فستنصب الدعوات على رؤوس قادة التحالف ومن تعاون معهم في الداخل والخارج لإيصالنا إلى هكذا وضع، حسب قولها.
ذلك يؤكد ما أشار إليه سابقاً المصدر الاقتصادي بأنه يتحتم التسريع في تسليم البطائق التموينية لبقية الجهات المختصة، كون رمضان على الأبواب، ولا بديل للموظفين يخفف معاناتهم سواها.

الاقتصار على الحاجات الضرورية
سيتم التقليل من شراء الحاجيات للحد الأدنى، والاقتصار على الضروريات فقط، ناهيك عن سعي الكثير من الأسر للبحث عن الحطب ومخلفات الكراتين لاستخدامها كبديل للغاز المنزلي المرتفعة أسعاره بشكل جنوني رغم تصريحات المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة بفرض رقابة صارمة.. ذلك ما بدأ به حديثه يونس الشجاع (صحفي)، مضيفاً: سيتميز أيضاً استقبالي لشهر رمضان هذا العام بصب لعناتي الأوتوماتيكية، ومعي لعنات المطحونين من أبناء الشعب اليمني، على المسؤولين عن معاناتنا والمتلذذين بأوجاعنا في الداخل والخارج.

دور رقابي
ولأن الجهات الرقابية هي الجهة المخولة بضبط أسعار السلع والغاز، ومن مهامها إشعار المواطن أنه ليس وحيداً في ميدان المعاناة الاقتصادية، من تلك الجهات وزارة الصناعة والتجارة التي تعتبر الجهة الرقابية العليا لضبط المتلاعبين.. وهنا يؤكد مصدر بالوزارة أنها اتخذت حزمة من الإجراءات والقرارات كقيام مكاتبها بالمحافظات والمديريات بإعداد خطة موسمية خاصة بشهر رمضان، كعادتها عند إطلالة الشهر الكريم، وذلك ببرامج عمل تنفيذية تتم صياغتها وإعدادها بالتنسيق مع الغرف التجارية، وهيئة المواصفات والمقاييس، وصحة البيئة، والأجهزة الأمنية، بإشراف السلطة المحلية.. ذلك ما قاله الأخ مكرم الدميني (مدير عام العلاقات العامة بالوزارة)، موضحاً أن تلك الإجراءات تهدف إلى استقرار الوضع التمويني والسعري للسلع الغذائية والاستهلاكية الرمضانية، وحماية المستهلك من الممارسات التجارية غير المشروعة، والتي تزداد خلال الشهر الكريم.

حملات ميدانية
من ضمن هذه الإجراءات توفير كميات كافية تلبي احتياجات السوق والمواطنين من السلع الرمضانية، عبر التنسيق مع التجار والغرف التجارية، وجعلها في متناول الجميع، كذلك إعداد حملة ميدانية للرقابة على الأسواق وفقاً لبرنامج زمني لفترة الشهر الكريم، للحد من المخالفات التجارية بأنواعها المختلفة، في مقدمتها بيع المواد المنتهية والمغشوشة، حسب مدير عام العلاقات بوزارة الصناعة والتجارة.
تسعيرة محددة (للغاز المنزلي)
وبشأن الارتفاع الجنوني للغاز في الآونة الأخيرة، أكد الدميني أن الوزارة أصدرت قراراً وزارياً رقم 50 لسنة 2017م، يمثل آلية تنفيذية للتعامل مع الاختلالات المتعلقة بالغاز، وتجسيد المسؤولية المشتركة للجهات ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة، والمجالس المحلية، وشركة الغاز، ووزارة الداخلية، والتي تضمن انسياب وتدفق مادة الغاز إلى جميع المحافظات.
من خلال تصريحات الوزارة يأمل المواطن أن يستقر الوضع للأسعار أثناء الشهر الكريم، وللغاز المنزلي الذي ارتفع بجنون خلال الآونة الأخيرة.

منعطف أخير
الشهر الكريم زائر خفيف الظل يأتي بخيراته معه، ورغم الوضع الاقتصادي، وتوقف الرواتب، وارتفاع الأسعار بشكلٍ مبالغ فيه، إلا أن اليمنيين سيبتسمون لأجمل الشهور وأكرمها، ويستقبلونه حتى بأقل القليل.. فقط نأمل أن تكون الجهات المسؤولة عند مستوى المسؤولية لحماية المواطن من عبث وجشع المتلاعبين بأقوات الناس، كذلك الآمال على ما سُمّي (البطاقة التموينية) التي تُسلّم ببطءٍ شديد، كون أغلب الدوائر الحكومية لم تستلمها حتى الآن، والتي ستخفف إلى حدٍّ ما من معاناة الموظفين.