قبل وقوع الفأس في الرأس
- مريم أزاد الخميس , 9 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 3:32:03 AM
- 0 تعليقات
مريم أزاد / لا ميديا -
لقد كان هجوم "إسرائيل" على قطر فرصة ذهبية لتشكيل جيش موحد وتحالف عربي حقيقي ضد الكيان الصهيوني، والتي ضاعت بسبب الإهمال الناتج عن عدم الثقة بالقوة العسكرية والرغبة في الاكتفاء الذاتي والطمع في المنصب والمكانة.
كان من الممكن أن يُجبر هذا العدوان السافر دول المنطقة على إعادة النظر في ثقتها بالرفقة والأمن اللذين توفرهما أمريكا. كان ينبغي أن تقتنع هذه الدول بأن أمريكا، قبل أن تفكر في توفير الأمن للدول العربية والإسلامية، تفكر في مصالحها وتحالفها مع "إسرائيل".
خلال هجوم قطر، شهدنا أن الولايات المتحدة، المُلزمة بضمان أمن قطر، لم تردّ بحزم على تجاوزات "إسرائيل"؛ لأن وجود القواعد العسكرية الأمريكية في الدول العربية لا يوفر لها درعاً أمنيةً، بل يهدف إلى حماية "إسرائيل" والحفاظ على المصالح الأمريكية.
كما وجّه غياب الرد العسكري من قطر رسالةً مهمة، مفادها أنه رغم الجيش الأمريكي المُستأجر، والجيش والمعدات التي تمتلكها قطر نفسها، لم تكن هناك قدرة أو إرادة للرد على عدوان النظام الصهيوني.
وأخيراً، اختتمت الحكومة القطرية مسألة الرد العسكري ببيان إدانة وإعلان قوة بدلاً من ممارسة القوة. والحقيقة هي أن "إسرائيل" اليوم، من حيث التوسع الجغرافي للقوة العسكرية والهيمنة، لديها أفضل فرصة لتحقيق مخطط "إسرائيل الكبرى" الشرير.
سقطت سورية، وجزء كبير من أراضيها تحت سيطرة الكيان الصهيوني. أما الجزء الاستراتيجي والمهم من لبنان، الذي كان حزب الله يحميه، فقد أصبح ملاذاً للطائرات المقاتلة "الإسرائيلية" بسبب خيانة وسذاجة حكومة نواف سلام.
والحكومة اللبنانية قيّدت حزب الله عملياً بالإجراءات البرلمانية والصلاحيات التي يتمتع بها حتى الآن. ورغم وقف إطلاق النار وخطة نزع سلاح حزب الله، ورغم دعم الحكومة المركزية اللبنانية لهذه الخطة الأمريكية - الصهيونية، إلا أنها لا تزال تتعرض لهجوم يومي ومتواصل، و"إسرائيل" تُظهر قوتها في هذه المنطقة.
إن العدوان على قطر وغياب المحاسبة يدلان على افتقارها للقوة والإرادة الكافيتين لمواجهة هذا النظام الخبيث في هذا البلد. كما أن موقف مصر السلبي تجاه غزة يدل على عدم استعدادها للدخول في مواجهة عسكرية مع "إسرائيل" وتحمل ثمن الحرب، ليس فقط بسبب غزة، بل وليس لأي سبب آخر.
يُعتبر ملك الأردن حليفاً وثيقاً للصهاينة، وفي حال نشوب حرب شاملة، سيكون حتماً من داعمي "إسرائيل". كما لا تزال الأردن والبحرين والسعودية تسعى إلى تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني.
في العراق، عندما يُثار الحديث عن الحرب مع "إسرائيل" في الأوساط الرسمية والسياسية، يسود غموض بين السياسيين، وقد يكون ذلك راجعاً بالطبع إلى الخوف من التقارب مع سورية التي يحكمها الإرهابيون. ومن الأسباب الأخرى تبعية العراق الاقتصادية وانخراطه في ظروف ما بعد الحرب، التي لم تحقق بعدُ التماسك السياسي الكامل. كما أن عدم رغبة الشعب العراقي في بدء حرب جديدة ودفع ثمنها عاملٌ مساهم؛ لكن ينبغي للعراق أن يأخذ على محمل الجد التحذيرات من هجوم أمريكي - "إسرائيلي" وشيك، وليس من المستبعد أن نتوقع هجوماً عسكرياً على البلاد قريباً.
ولن تصمد غزة طويلاً في ظل صمت وتقاعس دول المنطقة، تحت وطأة القنابل والصواريخ والجوع. كما أن خطة ترامب الجديدة لوقف إطلاق النار في غزة تبدو "سلمية"، وتهدف إلى تخفيف الضغط الدولي على الكيان الصهيوني؛ لكن هدفها الرئيسي في الواقع هو استسلام المقاومة الفلسطينية وتدمير حماس، ولم تُفصح عن أي ضمانات لانتهاء الحرب، بل قد تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم. في غضون ذلك، لم يتمسك بموقف المقاومة سوى أنصار الله في اليمن وإيران.
ونحن نعلم أنه إذا جاءت اللحظة الموعودة لـ"إسرائيل" وقررت بدء حرب شاملة لتحقيق حلمها بربط النيل بالفرات، فإن الحكومات الأوروبية (ضد إرادة شعوبها) والولايات المتحدة ستشكل تحالفاً مع "إسرائيل" للمشاركة في نهب موارد المنطقة في ظل الفوضى والحرب... ولكن، هل سيكون الوقت كافياً لتشكيل درع أمنية قوية ورادعة ضد "محور الشيطان الأكبر"؟!
إن وجهة نظرنا الدينية الإسلامية تقول إن الأرض هي المصير الأخير للصالحين، وأن تدمير "إسرائيل" أمر مؤكد. لكن المسألة تكمن في الثمن الذي ستدفعه الدول في اليوم الموعود. وبالطبع، فإن الشعار الخالد والحقيقي هو أن ثمن المقاومة دائماً أقل من ثمن التنازل.
المصدر مريم أزاد
زيارة جميع مقالات: مريم أزاد