خلف القضبان
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
خلف تلك القضبان يقبع الكثير من البشر ووراء كل منهم حكاية لا نعلم كيف بدأت وكيف ستنتهي، حكاية ربما بدأت بحق أخذ من أحدهم فحوله ذلك الظلم لوحش كاسر لا تعرف الرحمة طريقا لقلبه وآخر استوطنت القسوة قلبه وملامحه فغدا مجرما بالسليقة وصار يتلذذ بأوجاع من حوله وصار لا بد من وضع حد لجبروته ووضع القيود على يديه ليكف ظلمه عن الآخرين.
لكنني اليوم لن أتحدث عن كل هؤلاء، فمهما اختلفت أسبابهم ومبرراتهم فهم في المكان الذي يجب أن يكونوا فيه حتى تلين قلوبهم ويشعروا بقيمة الحرية التي لم يكونوا على دراية كافية بأهميتها، ولكنني سأتحدث عن السجين الذي فقد حريته بسبب ضيق الحال، سنتحدث عن ذلك الشخص الذي لم ترحمه الظروف وتراكمت عليه ديونه وغدا اليوم خلف القضبان حتى ينقضي دينه، وكيف سينقضي ذلك الدين في حين أنه عاجز كليا من قبل أن يدخل السجن وصار الآن أكثر عجزا بعد أن فقد آخر ما يملك في الحياة وسلبت منه الظروف حريته بعد أن حاصره الفقر والعجز!
فبحسب بعض المصادر أن المئات مازالوا يقبعون خلف القضبان دون أمل يرتجى بأن يتم الإفراج عنهم إما بسبب غرامات مالية فرضت عليهم من قبل المحكمة لأسباب كثيرة، فقانون الجرائم والعقوبات اليمني يتيح للقضاة فرض غرامات، عادة ما تكون تعويضاً مالياً عن الخسائر التي لحقت بالضحية، بالإضافة إلى عقوبة الحبس أو بدلاً منها، على سبيل المثال، قد تقضي محكمة على قاتل مُدان بدفع الدية إلى عائلة الضحية، إلا أنها قد تأمر بحبسه لأجل غير مُسمى إن لم يدفع الدية.
وتنص المادة 508 على عدم إطلاق سراح السجناء إلا بعد الوفاء بكافة التزاماتهم المالية إلا إذا “توفر دليل على عجزهم عن الوفاء بتلك الالتزامات”.. وإلى ذلك الحين سيبقى السجين مكبلا بأغلال العجز وقلة الحيلة.. ولكنهم يعيشون على أمل أن يجدوا من يقضي دينهم ويعتق رقابهم من الموت الجزئي، حينها فقط يمكن أن يرى النور ويعاد الأمل لحياته وأسرته، ولعله بعد خروجه يعمر في الأرض بعد أن عرف قيمة كل لحظه خارج تلك القضبان.

أترك تعليقاً

التعليقات