أهالي ضحايا جرعة «الدواء الملـــوث» يناشدون رئيس الجمهورية:نـحـــن فــي وجــهــك
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
عادل بشر / لا ميديا -
بحلول اليوم، الثلاثاء 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، يكون قد مضى 149 يوماً على مُذكرة رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، إلى محافظ البنك المركزي اليمني، هاشم إسماعيل علي، بإنصاف أهالي الأطفال ضحايا جرعة "الدواء الملوثة" في مركز لوكيميا الدم بمستشفى الكويت الجامعي بصنعاء، وتسليم محكمة غرب الأمانة مبلغ 39 مليون ريال وخصمها من حساب الهيئة العليا للأدوية لدى البنك أو لدى أي بنك آخر أو منشأة صرافة، حتى يتسنى للمحكمة تسليمها لأهالي المجني عليهم كتعويض عن الأضرار التي تعرضوا لها.
ورغم مضي قرابة 5 أشهر على هذه التوجيهات، إلا أن المذكرة، التي صدرت في 1 حزيران/ يونيو الماضي، خرجت من رئاسة الجمهورية لتختفي في دهاليز البنك المركزي، كشعرة سقطت في بئر مهجورة لا قاع لها.
ووفقاً لشكاوة أولياء الأطفال الضحايا لـ"لا" فقد حفيت أقدامهم جيئة وذهاباً إلى مكتب محافظ البنك المركزي، وبُحّت أصواتهم في المطالبة بتنفيذ توجيه رئيس الجمهورية؛ إلا أن نداءاتهم ومطالباتهم التي بلغت حد التوسل والترجي، قوبلت بأذن من طين وأخرى من صخرة صماء، لا يهمها أمر المواطن، حدّ تعبيرهم.
وقال أهالي الأطفال الضحايا إنهم ترددوا على مكتب محافظ البنك المركزي عشرات المرات، رافقهم في بعضها أمين صندوق محكمة غرب الأمانة، وفي كل مرة يكون الرد بأن "المذكرة مازالت عند المحافظ ولم يتم التوجيه بشأنها"، وحين يطالب الأهالي بلقاء محافظ البنك يخبرونهم بأنه "غير موجود".
وجدد الأهالي، عبر "لا"، مناشدتهم لرئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، بإنصافهم ورفع الظلم عنهم، والمتمثل فيما وصفوه بـ"المماطلة المتعمدة" في تنفيذ ما تبقى من بنود حكم محكمة غرب الأمانة الصادر قبل أكثر من عامين.
وخاطبوا الرئيس المشاط في مناشدتهم قائلين: "فلذات أكبادنا قُتلوا بجرعة دواء ملوثة قبل ثلاثة أعوام، ومنذ ذلك الحين نتجرع مرارة الظلم والقهر بحثاً عن العدالة، وحين أصدرت المحكمة حكمها في أيلول/ سبتمبر 2023، استبشرنا خيراً؛ ولكن المعاناة استمرت؛ نتيجة تهرُّب الهيئة العليا للأدوية من تنفيذ الحكم. والآن بعد أن تفضلتم علينا بالتوجيه إلى البنك المركزي، لم نجنِ شيئاً سوى المزيد من التعب والإذلال، وكأن من قُتلوا ورفاقهم الذين لا يزالون يصارعون الموت حتى اليوم، ليسوا بشراً وإنما كائنات لا قيمة لها عند بعض المسؤولين".
واختتم أولياء دم الأطفال مناشدتهم للرئيس بالقول: "نحن في وجهك، وليس لنا أمل بعد الله سواك".
من جهتنا في "لا" حاولنا أكثر من مرة التواصل مع مدير مكتب محافظ البنك المركزي، عبر الاتصال برقمه؛ لكنه لا يرد، وفي بعضها اكتفى بالرد برسالة: "أنا في اجتماع".
تجاوب رئاسي سابق
وكان الرئيس مهدي المشاط قد وجّه مذكرة إلى محافظ البنك المركزي، تجاوباً مع ما نشرته "لا" في أيار/ مايو الماضي، حول شكاوى أهالي الأطفال الضحايا من مماطلة الهيئة العليا للأدوية في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة غرب الأمانة، فيما يتعلق بالمبالغ المالية المحكوم بها على الهيئة كتعويض لأهالي الضحايا عن الأضرار التي تعرضوا لها.
وجاء في مذكرة رئاسة الجمهورية إلى محافظ البنك المركزي، حصلت "لا" على نسخة منها، أنه "بشأن ما نشر في صحيفة "لا" الصادرة بتاريخ 11 مايو 2025، العدد (1616) عن قضية الأطفال المصابين بسرطان الدم الذين تعرضوا لجرعة الدواء الملوثة في مستشفى الكويت الجامعي، تقتضي توجيهات الأخ الرئيس بأن يتم التنفيذ بشكل استثنائي".
معاناة مستمرة
وكان الأطفال من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت بصنعاء قد تلقوا، بتاريخ 24-25 أيلول/ سبتمبر 2022، جرعة من دواء (methotrexate) المصنّع لدى شركة "سيلون لابز" (CELON LABS) الهندية، ليتضح أن الدواء ملوث، وأودى حينها بحياة 11 طفلاً، وإصابة عشرة آخرين بمضاعفات خطيرة، بينهم طفلان بمركز الأورام في سيئون بمحافظة حضرموت، وتسببت المضاعفات لاحقاً بوفاة 3 أطفال، ليصل عدد المتوفين جراء هذه الجرعة حتى الآن إلى 14 طفلاً، فيما لا يزال 7 آخرون يصارعون مرض اللوكيميا مضافاً إليه مضاعفات خطيرة تسببت بها جرعة (methotrexate).
والثلاثة المتوفون الجدد هم: جود فهد الصلاحي، يوسف أمير عوض، ويوسف عثمان الضريبي.
وأصدرت محكمة غرب الأمانة، بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2023، حكمها في هذه القضية. وقضى البند السابع من منطوق الحكم بإلزام الهيئة العليا للأدوية بدفع مبلغ عشرة ملايين ريال لأسرة كل طفل متوفى، ومبلغ خمسة ملايين ريال لأسرة كل طفل مصاب، بإجمالي 160 مليون ريال، تعويضاً لهم عن الأضرار التي تعرضوا لها، وإلزام الهيئة بمعالجة الأطفال الذين أُصيبوا بمضاعفات على نفقتها الخاصة حتى يتماثلوا للشفاء. إلا أن أهالي الأطفال الضحايا شكوا لـ"لا" مماطلة هيئة الأدوية في دفع مبلغ المحكومية كاملاً.
وكانت "لا" نشرت، في عددها بتاريخ 11 أيار/ مايو الماضي، تقريراً بعنوان "ألف يوم على الجريمة بحق "أطفال اللوكيميا" والعدالة متعثرة"، ووضعت الصحيفة القضية بين يدي رئيس الجمهورية أملاً في إنصاف الضحايا.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها، تصريحاً لمصدر قضائي أفاد فيه بأن الهيئة العليا للأدوية سلمت محكمة غرب الأمانة، في حزيران/ يونيو 2024، مبلغ مائة مليون ريال من المبلغ المحكوم عليها في القضية.
وأوضح أنه وبعد خصم مبلغ 21 مليون ريال كانت الهيئة العليا للأدوية قد سلمته لأمهات الأطفال الضحايا بعد وقوع الجريمة، كـ"جبر خاطر"، تكون الهيئة ملزمة بدفع المتبقي من المبلغ الإجمالي 139 مليون ريال؛ غير أنها سلمت المحكمة في حزيران/ يونيو 2024م، مبلغ 100 مليون، فقط، تم توزيعه على أهالي الأطفال الضحايا، فيما لاتزال الهيئة تمتنع عن تسليم بقية المبلغ (39 مليون ريال).
وأكد المصدر أن المحكمة وجهت مطلع العام الجاري مذكرة إلى محافظ البنك المركزي اليمني، حصلت "لا" على نسخة منها، طالبته فيها بخصم مبلغ 39 مليون ريال من حساب الهيئة العليا للأدوية لدى البنك أو لدى أي بنك آخر أو منشأة صرافة، حتى يتسنى للمحكمة تسليمها لأهالي المجني عليهم.
وتواصلت "لا" مع الشؤون القانونية في البنك المركزي اليمني، للاستفسار عن مصير هذه المذكرة، فأفاد أحد مسؤولي الشؤون القانونية في البنك المركزي بأن المذكرة موجودة لدى البنك؛ ولكنها مجمدة، نتيجة لوجود توجيه من رئاسة الجمهورية إلى محافظ البنك المركزي بعدم صرف أي مبالغ من المحكوميات القضائية على جهات حكومية، بينها وزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية.
وقال المسؤول: "سبق أن قمنا بالرفع إلى محافظ البنك المركزي باستثناء مبلغ الأطفال ضحايا الجرعة الملوثة باعتبارها قضية إنسانية؛ ولكن لا نعتقد أن الأخ المحافظ سيخالف توجيهات الرئاسة". وأضاف: "أقترح أن يجد الأهالي طريقة للحصول على توجيه من رئاسة الجمهورية إلى البنك المركزي بصرف هذا المبلغ".
صحيفة "لا"، وبلسان أولياء الأطفال الضحايا، وضعت القضية بين يدي فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، خصوصاً أن المبلغ المالي المتبقي لأهالي الأطفال لا يستحق كل هذا العناء.
وتجاوباً مع هذا جاء توجيه رئيس الجمهورية إلى البنك المركزي بأن يتم التنفيذ، وتسليم مبلغ الـ39 مليون ريال من حساب هيئة الأدوية إلى محكمة غرب الأمانة، ليتسنى للمحكمة توزيعه على أهالي الأطفال الضحايا؛ إلا أن التوجيه شارف على إكمال شهره الخامس دون نتيجة.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا