كيف تموّل السعودية الاحتلال «الإسرائيلي»؟!
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي
«لا» 21 السياسي -
وُضعت قاعدة الاستثمارات المتبادلة بين السعودية و»إسرائيل» في العام 2021، عندما أقنع جاريد كوشنر صندوق الاستثمارات العامة السعودي (مزود بـ620 مليار دولار) بمنحه ملياري دولار لصندوق الاستثمار الخاص «أفينيتي بارتنرز» (Affinity Partners) الذي كان قد أطلقه لتوه.
بعد ذلك، استثمر جاريد كوشنر في شركتين «إسرائيليتين»، هما مجموعة «شلومو» (Shlomo Group) في العام 2023، و»فينيكس فايننشل» (Phoenix Financial) في العام 2024. تدير مجموعة «شلومو» وسائل النقل والإمدادات لقوات الاحتلال «الإسرائيلية». أما «فينيكس» المالية، إحدى شركات الخدمات المالية الرائدة في «إسرائيل»، فهي متخصصة في التأمين وإدارة الأصول، وتمتلك حصصاً في شركات «إسرائيلية» أخرى.
هكذا سهلت السعودية، من خلال شركة الاستثمار التابعة لجاريد كوشنر، وبشكل غير مباشر، الاحتلال «الإسرائيلي»، بل واستفادت منه، إلى جانب قطر والإمارات. وتمتلك شركة «فينيكس» 3.88% من شركة «إلبيت سيستمز» (Elbit Systems)، وهي أول شركة لتصنيع الأسلحة في «إسرائيل»؛ إذ توفر 80% من الأسلحة والمعدات للقوات البرية «الإسرائيلية»، و85% من الطائرات المقاتلة المسيّرة للقوات الجوية.
في شباط/ فبراير 2024، نظمت مؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار»، وهي مؤسسة مالية سعودية، قمة في ميامي برعاية صندوق الاستثمارات العامة السعودي. كان من بين المندوبين الألف أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة «بالانتير تكنولوجيز»، والتي يوجد من بين مؤسسيها الملياردير الليبرتاري بيتر ثيل من وادي السيليكون، وحامي نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس، الذي ألقى الكلمة الافتتاحية.
تزود «بالانتير» القوات «الإسرائيلية» ببرنامج للتنبؤ البوليسي التلقائي، وهو ما انتقدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، في تقريرها الأخير حول اقتصاد الإبادة الجماعية في غزة. تتضمن أسلحتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي نظام «هابسورا» (الإنجيل)، الذي يحدد تلقائياً أهداف القوات الجوية «الإسرائيلية»، و«يولّد» توصيات بسرعة كبيرة لدرجة أن ضباط استخبارات «إسرائيليين» سابقين يصفونه بـ«مصنع القتل الجماعي». في كانون الثاني/ يناير 2024، أعلنت «بالانتير» عن شراكة استراتيجية جديدة مع «إسرائيل»، وعقدت اجتماعاً لمجلس إدارتها في «تل أبيب» «تضامناً». وفي 20 نيسان/ أبريل 2025، خلال منتدى «هيل أند فالي» (Hill and Valley Forum)، وردّاً على اتهامات بأن بالانتير قتلت فلسطينيين في غزة، أجاب كارب: «هم بشكل أساسي إرهابيون، هذا صحيح».
لصندوق الاستثمارات العامة روابط وثيقة مع «بالانتير» عبر «شركة التركي القابضة» (Al-Turki Holding)، وهي شركة سعودية رائدة أبرمت في كانون الثاني/ يناير 2025 «شراكة استراتيجية» مع الشركة الأمريكية. وتُعد إحدى الشركات التابعة الرئيسية القابضة للتركي، «نسمة وشركاؤها» (Nesma & Partners)، وهي واحدة من أربع شركات بناء سعودية اختارها صندوق الاستثمارات العامة في إطار استثمار بقيمة 1.3 مليار دولار.
في نيسان/ أبريل 2023، ومن خلال فرعها لرأس المال المخاطر، «سنابل للاستثمارات» (Sanabil Investments)، استثمر صندوق الاستثمارات العامة أيضاً في شركة كاليفورنيا للاستثمار المخاطر، صندوق «فاوندرز» (Founders Fund)، الذي يديره بيتر ثيل، المؤسس المشارك لشركة «بالانتير» وشريك سابق للممول والمجرم الجنسي جيفري إبستين.
فضلاً عن ذلك، استثمر صندوق الاستثمارات العامة، في أيار/ مايو 2017، 20 مليار دولار في عملاق الاستثمار الأمريكي «بلاكستون» (Blackstone)، الذي زاد حصصه في شركات التكنولوجيا «الإسرائيلية»، منها «بنتيرا» (Pentera)، «ميتيغا» (Mitiga)، «وايز» (Waze)، و«كلاوديناري» (Cloudinary). وبعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قدم صندوق الاستثمار الأمريكي هذا مساعدات بقيمة 7 ملايين دولار لـ«إسرائيل». في نيسان/ أبريل 2021، دشن «بلاكستون» مكتباً في «تل أبيب». وبعد ثلاثة أشهر، فعل عملاق الاتصالات الياباني «سوفت بنك» (SoftBank)، أكبر شركة استثمار مخاطر في العالم، الشيء نفسه، وعيّن يوسي كوهين، الرئيس السابق لـ»الموساد»، رئيساً لمكتبه «الإسرائيلي». في العام 2017، استثمر صندوق الاستثمارات العامة 45 مليار دولار على مدى خمس سنوات في صندوق «سوفت بنك فيجن» (SoftBank Vision). ومع ذلك، خسر هذا الصندوق المتخصص في التكنولوجيا 17.7 مليار دولار في الفترة 2019-2020.
كما استثمرت السعودية بكثافة في شركة تكنولوجية «إسرائيلية» أخرى: «ماجيك ليب» (Magic Leap)، وهي شركة أمريكية ناشئة مكرسة لتقنيات الواقع المعزز. وفي العام 2022، استحوذت السعودية على حصة الأغلبية في «ماجيك ليب» بقيمة 450 مليون دولار، لدى «ماجيك ليب» عمليات مهمة في «إسرائيل»، إذ استحوذت على شركة الأمن السيبراني «الإسرائيلية» «نورث بت» (North Bit) في نيسان/ أبريل 2016.
ونذكر من بين الشركات «الإسرائيلية» الأخرى الموجودة في السعودية: «مؤسسة البحث والتطوير الصناعي الثنائية «الإسرائيلية» - الأمريكية» (BIRD)، التي تمول التقنيات التي طورتها الشركات في كلا البلدين؛ «صندوق البحث والتطوير الزراعي «الإسرائيلي» - الأمريكي» (BARD)، الذي يمنح قروضاً للمشاركين الأمريكيين في السعودية، و»إيكو ويف باور» (Eco Wave Power)، وهي شركة متخصصة في الطاقات المتجددة، و«سايبر آرك» (CyberArk)، وهي منصة «إسرائيلية» لأمن الهويات شريكة لشركة الأمن السيبراني الإماراتية «سباير سوليوشنز» (Spire Solutions) في السعودية. تشمل هذه الشراكة شركة «إكس إم سايبر» (XM Cyber) «الإسرائيلية»، والتي كان أحد مؤسسيها تامير باردو، رئيس سابق آخر لـ»الموساد».
في الختام، تتجاوز أنشطة محمد بن سلمان وياسر الرميان عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي على مدى السنوات الخمس الماضية مجرد التطبيع. لقد استغلوا أموال النفط لتعميق علاقاتهم مع «إسرائيل»، من خلال تمويل احتلالها والإبادة الجماعية.
نُشر هذا المقال على موقع (Arab Digest) بتاريخ 8 آب/ أغسطس 2025 تحت عنوان «شريك رؤية 2030 السري: كيف تمول السعودية بهدوء التكنولوجيا والجيش الإسرائيليين»، وترجم المقال عن الفرنسية حميد العربي.










المصدر «لا» 21 السياسي