موسم اختبارات الشهادة العامة تحت القصف.. قصة صمود جديدة في وجه العدوان
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

استطلاع:بشرى الغيلي / لا ميديا -
تزامن موسم الاختبارات هذا العام مع استمرار العدوان الأمريكي على العاصمة صنعاء وبعض المحافظات، حيث سطر طلابنا هذا العام مشهداً مختلفا اختاروا فيه أن يمسكوا بالأقلام بدلاً من حمل الخوف، وأن يذهبوا إلى قاعات الاختبار رافعين شعار "بالعلم نبني الأوطان".. رغم التحديات الأمنية والاقتصادية ومعها نظام الأتمتة للاختبارات الوزارية للعام الدراسي 2024/2025 بين إشادات بتنظيم القاعات وعدالة التصحيح الآلي، وانتقادات لضغط الوقت وطبيعة بعض الأسئلة، تنوعت الانطباعات، لكنها اجتمعت على حقيقة واحدة: نجاح الاختبارات تحت القصف، لكن التحديات لم تتوقف عند حدود القصف والحصار فقد وجد بعض الطلاب في أدوات الذكاء الاصطناعي وسيلة جديدة للغش السليم المضمون بضغطة زر واحدة للهروب من صرامةِ الاختبارات، بينما خاض المراقبون معركة الكشف لأساليب الغش ومواجهتها بحزم حسب تصريحات خاصة لـ(لا) في هذا الاستطلاع نقترب من واقع الاختبارات عبر شهادات الطلاب، أولياء الأمور، المعلمين، والمختصين والتربويين.. تفاصيل أكثر ضمن السياق..
تجربة إيجابية مقابل ضيق الوقت
داخل مراكز صنعاء بدا واضحا الانضباط والالتزام، في قاعات ثانوية جمال عبدالناصر، لمس الطالب أحمد عبدالله الحاج أجواء منظمة ومراقبين متفهمين، مما ساعد على التركيز وخلق بيئة اختبارية محترمة، مع ملاحظة أن الأسئلة جاءت متوسطة الصعوبة دون تعجيز.
في المقابل، شعرت الطالبة سارة محمد القاضي (ثانوية بلقيس) بأن الوقت المخصص لبعض المواد العلمية كان غير كافٍ رغم وضوح الأسئلة، مما خلق حالة من التوتر مع اقتراب نهاية الجلسات.
الأتمتة تحت المجهر
في أروقة مراكز الاختبار، تباينت الآراء حول نظام الأتمتة، الطالب خالد علي النجار (ثانوية الثورة) عبّر عن خشيته من أن النظام الجديد لا يسمح بتدارك الأخطاء الصغيرة، معتبرا أن الغلطة الواحدة قد تكلف الطالب فقدان درجات ثمينة، وأبدى حنينه إلى النظام الورقي الذي يمنح فرص مراجعة أكثر مرونة.
بينما لاحظت الطالبة ريم حسن العريقي (ثانوية الزبيري) أن الأتمتة قدمت تنظيما جيدا، لكنها رأت أن بعض الأسئلة شابها الغموض أو جاءت من خارج المنهج الدراسي.
أما الطالب يوسف عبدالكريم الصبري من ثانوية الوحدة، فرأى أن الإشكالية الكبرى تكمن في تصميم الأسئلة نفسها، التي بدت كأنها صممت لمنافسات علمية أكثر منها اختبارات مدرسية.
وفي محافظة إب، بدت التجربة أكثر تصالحا مع الأتمتة، حيث عبّر الطالب مازن عبدالله المقرمي (ثانوية إب النموذجية) عن ارتياحه لأن التصحيح الإلكتروني أزال مخاوف التحيز أو الأخطاء البشرية.
أما الطالبة ندى أحمد السالمي (ثانوية الخنساء) فوجدت أن الأتمتة عادلة من حيث التصحيح، لكنها انتقدت قصر الوقت المخصص للإجابة.
تعزيز الفهم ومحاربة الحفظ التقليدي
في المرحلة الأساسية، كان المشهد أكثر إشراقا، الطالب رشاد وسيم (الصف التاسع)، تحدث عن تجربة اختبارية مختلفة هذا العام، حيث ساعده نظام الأتمتة على استدعاء المعلومات بسهولة وسلاسة، معتمدا على الفهم العميق بدلاً من الحفظ التقليدي.
رأى رشاد أن الأسئلة كانت واضحة ومتسقة مع المنهج الدراسي، بل أسهل مقارنة بالسنوات السابقة.
الهدوء داخل المركز الاختباري والتنظيم الدقيق وفرا له أجواء مثالية للأداء بثقة، رغم استيائه من مشاهدات لحالات غش فردية، معتبرا أن الغش يضر بالمجتهدين ويقلل من قيمة التنافس الشريف.
وفيما يخص تطوير نظام الاختبارات، أكد رشاد أن الأتمتة لا تحتاج إلى تعديل بل إلى تعزيز وتوسيع.
ضغوط الواقع ومطالب بالتطوير
خارج مراكز الاختبارات، كان لأولياء الأمور قصصهم الخاصة، أم الطالب محمد علي الحيمي، عبرت عن معاناتها مع استخدام الطلاب للهواتف الذكية وتأثير الإنترنت على التحصيل الدراسي.
في المقابل، أشارت أم الطالبة انتصار الكبسي إلى أن صعوبة بعض أسئلة المرحلة الأساسية كانت فوق طاقة الأطفال، مما خلق لديهم رهبة من الدراسة.
أم أنس الماخذي تحدثت عن معاناة أبنائها في ظل الضغط النفسي الشديد الذي رافق الاختبارات.
في حين أبدى والد الطالب أيمن الصعدي قلقه من غياب التهيئة الكافية للطلاب قبل تطبيق الأتمتة.
أما أم سام (ولية أمر) فسلطت الضوء على تحديات إضافية بسبب تزامن الاختبارات مع شهر رمضان "فترة المذاكرة والتهيئة"، مشيرة إلى أن القلق والإرهاق كانا مستمرين طوال الشهر، إضافة إلى معاناة الأسر من تأخر الكتب المدرسية واضطرار بعضهم لشرائها أو طباعتها.
رغم ذلك، عبرت أم سام عن ارتياحها لعدالة نماذج الأسئلة، مع مطالبتها وزارة التربية والتعليم بضمان تسليم الكتب مبكرا وتوفير دعم نفسي للطلاب.
معلمون يعملون بإمكانيات شحيحة
وسط هذه التحديات، واصل المعلمون أداء رسالتهم رغم الضغوط، الأستاذ عبدالكريم النهاري، أحد هؤلاء المعلمين المشاركين كملاحظين في مراكز الاختبارات، وصف صعوبة الأوضاع داخل المدارس، مؤكداً أن كثيراً من المعلمين يعملون بإمكانيات شحيحة ويتكفلون بتوفير الوسائل التعليمية من حسابهم الشخصي.
أما الأستاذة سمية المتوكل، فدعت إلى إعادة بناء البيئة التعليمية لتكون محفزة للمعلم، معتبرة أن الإبداع لا ينبت وسط الضغوط المادية والمعنوية.
الغش بالذكاء الاصطناعي
في السياق الرسمي، أكد سالم الصباح، رئيس مركز اختباري في صنعاء أن جهودا مكثفة بُذلت لمواجهة محاولات الغش بصفةٍ عامة، وأخطرها هذا العام ولأول مرة الغش الإلكتروني عبر الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الإجراءات الصارمة والتنسيق العالي ساعدا في حماية نزاهة الاختبارات.
كما أشار الأستاذ أحمد نشوان، مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية خولان إلى أن نجاح العملية الاختبارية كان رسالة صمود في وجه العدوان والحصار، مؤكداً أن الإنجاز لا يخص التربية وحدها، بل يمثل موقفًا وطنيًا شاملاً.
التصحيح الآلي يرسخ العدالة والشفافية
مصدر مسؤول في كنترول اختبارات الثانوية العامة بصنعاء أوضح في تصريحٍ خاص لـ(لا) أن الاعتماد الكامل على النظام الآلي مكّن الكنترول من إبعاد العامل البشري عن التأثير على النتائج، مما عزز من مصداقية العملية الاختبارية، وأشار إلى أن عملية التصحيح تمر عبر مراحل تدقيق إلكتروني معقدة، تليها مراجعة دقيقة للتأكد من مطابقة النتائج مع الإجابات النموذجية، وأضاف أن الاختبارات تحظى بمتابعة خاصة من القيادة وحكومة البناء والتغيير.
كما أكد ضمن تصريحه الخاص لـ(لا) أن جميع التظلمات تخضع لفحص يدوي دقيق من لجان مختصة تضمن حقوق جميع الطلاب دون استثناء، بما يعزز مبدأ الشفافية والنزاهة المطلقة.
وهنا نخلص إلى أنه نتيجة صمود الجبهة التربوية وسط أجواء الحرب والحصار أجريت اختبارات الثانوية العامة والأساسية بكل سلاسة لتشكل قصة صمود جديدة لا تلين أمام التحديات وأن الطريق إلى النهوض الوطني يمر حتمًا عبر بوابة التعليم، رغم كل الملاحظات والمآخذ لاختبارات هذا العام ضمن المنظومة التعليمية الأكثر عدلا ومتانة تليق بجيلٍ صامد يحمل النسخة اليمنية الأصيلة.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا