تقرير / لا ميديا -
منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يواجه قطاع غزة واحدة من أعنف حروب الإبادة وأكثرها دموية في التاريخ الحديث.
فصول المأساة تتوالى، والأرقام تقف عاجزة أمام وصف حجم الكارثة الإنسانية، بينما تستمر آلة الحرب الصهيونية في حصد الأرواح بلا هوادة.
في آخر المستجدات، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس الثلاثاء، أن 17 شهيدًا جديدًا و69 مصابًا ارتقوا خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان إلى أكثر من 51 ألف شهيد، وأكثر من 10 آلاف مفقود، و116,343 مصابًا، في حصيلة تجسد مشهدًا مستمرًا من الموت والمعاناة. وحدها الأسابيع الأخيرة، منذ 18 آذار/ مارس، كانت كفيلة بحصد أرواح 1,630 شهيدًا، وإصابة 4,302 آخرين، في مؤشر صارخ على تصاعد وتيرة القصف والدمار.
الأحياء تُباد، والمستشفيات تتحول إلى ساحات انتظار للموت، بعدما استُنفدت الأدوية وتوقفت العمليات الجراحية، بحسب ما أكده مدير مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، بشار مراد. الأطباء يعودون إلى الوسائل البدائية لإنقاذ الجرحى، في مشهد يعيد الذاكرة إلى عصور سحيقة من الألم واليأس، وكل ذلك بفعل اليد الصهيونية الآثمة.
يقول أحد الأطباء في مستشفى الشفاء، وقد غطى الرماد وجهه وهو يخرج من تحت أنقاض غرفة العمليات: «نحن لا نملك إلا ضوء الشمس وبعض القطن. نحاول أن نُبقي المصابين أحياء، لكن الموت أقرب إليهم منا».
وسط هذا الجحيم، تواصل قوات العدو الصهيوني قصفه المكثف، مستهدفة خيام المدنيين في رفح ومدينة غزة والشمال، حيث سقط العشرات بين شهيد وجريح. وفي رفح تحديدًا، تم تسوية مبانٍ سكنية بالأرض، وتحوّلت مناطق بأكملها إلى أطلال.
ولا تقتصر جرائم الحرب على القصف وحده، بل يشهد القطاع حصارًا خانقًا طال كل مناحي الحياة. تُمنع المساعدات، وتُستهدف محطات تحلية المياه وآبارها، في سياسة «تجويع جماعي» كما وصفتها حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي طالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووقف هذه الجريمة الممنهجة.
في المقابل، لاتزال حركة حماس تدرس مقترحًا قدمه الوسطاء، لكنها رفضت بشدة بندًا يقضي بنزع سلاح المقاومة، معتبرة إياه محاولة لتجريد الشعب من وسيلته الوحيدة في الدفاع عن نفسه. وتشدد الحركة على أن وقف العدوان وانسحاب الاحتلال هما الشرطان الأساسيان لأي اتفاق.
في سياق متصل دعت حماس إلى «أيام غضب عالمي» الجمعة والسبت والأحد، و»أسبوع تضامني تحت عنوان غزة تستصرخكم»، مؤكدة أن صرخات الأطفال وأنين الجرحى لن تُنسى.
في موازاة ذلك لاتزال المقاومة الفلسطينية المسلحة حاضرة لتجابه العدو الصهيوني.
وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها فجرت عبوة في دبابة صهيونية متوغلة في محيط ملعب المنطار شرق الشجاعية بمدينة غزة.
 
 100 ألف صهيوني يعلنون الحرب على نتنياهو
على جانب العدو الصهيوني، بدأت أصوات المعارضة للعدوان المكلف والفاشل تتصاعد من قلب الكيان نفسه.
أكثر من 100 ألف صهيوني وقّعوا خلال أيام على عرائض تطالب بوقف «الحرب»، من بينهم فنانون ومثقفون وطيارون ومقاتلون من نخبة وحدات الكوماندوز البحرية «شايطيت 13»، الذين أعلنوا صراحةً أن «عودة المختطفين أهم من استمرار الحرب».
ووفق هيئة البث الصهيونية فإن «من بين الموقعين على العريضة التي تدعو لوقف الحرب 4 من القادة السابقين لسلاح البحرية».
ويبدو أن هذه الضغوطات أصبحت عبئاً هائلا على العدو الصهيوني، خصوصًا بعد إعلان كتائب القسام عن فقدان الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي الصهيوني الأمريكي عيدان ألكسندر، إثر قصف صهيوني مباشر، في ما وصفته بأنه محاولة متعمدة من قوات الاحتلال للتخلص من ضغط ملف الأسرى.
وقال الناطق العسكري باسم كتائب القسام: «نعلن أننا فقدنا الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألكسندر بعد قصف مباشر استهدف مكان تواجدهم ولازلنا نحاول الوصول إليهم حتى اللحظة».
وأضاف: «تقديراتنا أن جيش الاحتلال يحاول عمدا التخلص من ضغط ملف الأسرى مزدوجي الجنسية بهدف مواصلة حرب الإبادة على شعبنا».

الأمير الفارسي يكشف بيانات سرية لآلاف من جنود الاحتلال
أما على الصعيد الأمني الداخلي الصهيوني، فقد كشفت صحيفة «هآرتس» عن ثغرة خطيرة في موقع «تيكتشاك» أدت إلى تسريب بيانات آلاف الجنود النظاميين، بينهم رئيس الأركان إيال زامير، ما أثار فزعًا في الأوساط الأمنية خشية استغلال تلك البيانات في عمليات استهداف أو اختراق.
وبحسب التقرير فقد نجح هجوم سيبراني في الوصول إلى معلومات شخصية تشمل الاسم الكامل، ورقم الهوية، ورقم الهاتف، وذلك من خلال موقع «تيكتشاك»، الذي استخدمته وحدات في الجيش لتقديم امتيازات ترفيهية للعاملين فيها.
وقد جرى الهجوم السيبراني عبر أدوات برمجية بسيطة، أنشأها مستخدم مجهول قدّم نفسه باسم «الأمير الفارسي»، وتمكّن من تشغيل برنامج يجرّب أرقام هوية محتملة ويستخرج تفاصيل أصحابها.
ولم يفعّل الموقع أي آلية للحماية من المحاولات الآلية المتكررة أو القيود الجغرافية، ما سمح للمهاجم بالوصول إلى البيانات من خارج الكيان، بما في ذلك من «دولة معادية»، على حد تعبير الصحيفة.
وأظهرت قاعدة البيانات المكشوفة تفاصيل العديد من الجنود في الخدمة الدائمة، بينهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، بحسب ما ورد، في خرق وُصف بـ»الخطير أمنيًا»، «إذ يُمكن لجهات خارجية أو معادية استخدام هذه المعلومات لتتبع أفراد الجيش، أو استهدافهم إلكترونيًا أو ميدانيًا».
وفي تعقيبها، زعمت قوات العدو أن «الخلل عولج فورًا، وتم التحقيق في الحادث واستخلاص العبر»، فيما أوضحت شركة «تيكتشاك»، المشغّلة للمنصة، أن الموقع مؤمّن وفقًا للمعايير الدولية، لكنها أقرّت بأن «نظام تسجيل الدخول البسيط فُعّل بناءً على طلب العميل، دون مصادقة مزدوجة»، وأنه تم تعزيز مستوى الأمان بعد الحادثة المذكورة.