صحيفة الجيش البلغاري: على أمريكا البحث عن مخرج دبلوماسي يُقرّ بقوة «الحوثيين»
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

تقرير/عادل بشر / لا ميديا -
سخرت وسائل إعلام أوروبية من مزاعم الإدارة الأمريكية نجاح الحملة الجوية المكثفة التي تشنها الولايات المتحدة ضد اليمن، منذ 15 آذار/ مارس الفائت.. مؤكدة أن واشنطن تواجه معضلة كبيرة في عدوانها على اليمن خدمة للكيان الصهيوني الذي ينفذ حرب إبادة للفلسطينيين في قطاع غزة على مدى أكثر من 18 شهراً، حيث تكمن معضلة البيت الأبيض في مواصلة التصعيد الجوي الذي أثبت فشله، وربما التورط في حرب برية غير مضمونة النتائج، أو التراجع والاعتراف صراحة بهزيمة أضخم قوة في العالم أمام صنعاء.
صحيفة الجيش البلغاري Bulgarian Military نشرت تقريراً حديثاً بعنوان «حملة أميركية بمليارات الدولارات تكافح صواريخ الحوثيين»، تحدثت فيه عن حقيقة وصفتها بـ«القاسية» بدأت تظهر على الحملة الأمريكية ضد اليمن.
وجاء في التقرير: «بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحملة الجوية الأميركية المتواصلة ضد الحوثيين في اليمن، بدأت تظهر حقيقة قاسية: فقد فشلت الضربات، التي كلفت دافعي الضرائب ما يقرب من مليار دولار، في شل قدرة المجموعة على تهديد القوات البحرية الأميركية في البحر الأحمر».
ونقل التقرير عن شبكة CNN الأمريكية القول بأن القصف المتواصل الذي شنته القوات الجوية الأمريكية منتصف آذار/مارس الفائت، لم يُلحق ضررًا يُذكر بقيادة الحوثيين، لا سياسيًا ولا عسكريًا، ولا بقدراتهم الصاروخية. وأكدت الشبكة، نقلًا عن مصادر مطلعة على العملية، أن الحوثيين يواصلون شن هجمات على أهداف «إسرائيلية» وسفن حربية أمريكية، مما يُبرز محدودية تأثير القوة الجوية الأمريكية.
وصرح مسؤول أمريكي لشبكة CNN بأن موارد العملية على وشك النفاد، مما يثير تساؤلات حول استدامتها في ظل ارتفاع تكلفتها.
وأضاف التقرير: «أثار هذا الخبر، الذي نشرته لأول مرة قناة NEXTA البيلاروسية على منصة X، جدلاً حول ما إذا كانت العملية البرية هي الخطوة التالية، وهو احتمال ينطوي على تحديات هائلة».
وأوضح: «اعتمد الجيش الأمريكي بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة لتنفيذ هذه الحملة، مستخدمًا مزيجًا من الذخائر الموجهة بدقة والأنظمة غير المأهولة. ومن بين هذه الأسلحة، صواريخ جو-أرض بعيدة المدى (JASSMs)، المصممة لضرب الأهداف من مسافة آمنة».. مشيراً إلى أن هذه الأسلحة تُطلق من طائرات مثل قاذفة الشبح بي-2 سبيريت، ويتجاوز مداها 230 ميلاً، وتعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتصوير بالأشعة تحت الحمراء لإصابة الأهداف بدقة متناهية. وإلى جانب صواريخ جاسمي، استخدم البنتاغون صواريخ توماهوك الهجومية البرية (TLAMs)، التي تُطلق من سفن حربية مثل مدمرات من فئة أرلي بيرك وغواصات من فئة أوهايو، إضافة إلى طائرات MQ-9 Reaper المسيرة، ذات المهام المتعددة في المراقبة وتنفيذ ضربات باستخدام صواريخ هيلفاير».
وأكد تقرير صحيفة الجيش البلغاري أنه «ورغم هذه الترسانة المتطورة تقنيًا، لايزال الحوثيون قادرين على العمل، ويُعد صمودهم دليلًا على قدرتهم على التكيف التي صقلوها على مدى سنوات من الحرب، حيث تكمن قدرتهم على الصمود في وجه هذا الهجوم الشرس في تطورهم التكتيكي».
وأضاف: «طوّر الحوثيون شبكة لامركزية تتحدى أساليب الاستهداف التقليدية. فبدلاً من الاعتماد على قواعد مركزية، نشروا منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وقياداتهم عبر تضاريس اليمن الوعرة. وتوفر المناطق الجبلية، غطاءً طبيعيًا، بينما تحمي المخابئ تحت الأرض مواقع حيوية».
هدف بعيد المنال
تقرير صحيفة الجيش البلغاري، أعاد التذكير بتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، في 4 نيسان/ أبريل الجاري، والتي أشارت فيه «إلى إحباط البنتاغون من صعوبة تحديد مواقع مخازن الصواريخ والطائرات المُسيّرة التابعة للحوثيين، والتي غالبًا ما تكون مخفية أو متنقلة. ويُذكّر هذا بمقاومتهم المستمرة منذ عقدٍ من الزمن للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي أسقط عشرات الآلاف من القنابل بين عامي 2015 و2022 دون أن يُفكّك سيطرتهم على شمال اليمن».
وأضافت الصحيفة البلغارية «تعهد الرئيس دونالد ترامب باستخدام (قوة ساحقة) حتى توقف صنعاء هجماتها البحرية، وهو هدف أكده وزير الدفاع بيت هيجسيث في مقابلة مع قناة فوكس نيوز. ومع ذلك، لايزال هذا الهدف بعيد المنال».. لافتة إلى أن التفاوت التكنولوجي بين واشنطن وقوات صنعاء ملفت للنظر. فبينما ينشر البنتاغون أنظمة متطورة، تعتمد القوات المسلحة اليمنية على مزيج من الأسلحة غير باهظة الثمن ومنها الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي قامت صنعاء بتعديلها وتطويرها لتكون قادرة على ضرب أهداف بعيدة المدى، كما تجلى في ضربة قاتلة على «تل أبيب» العام المنصرم.
وأشارت إلى أن قدرة الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية على الحركة، جعلت من الصعب القضاء عليها.
وحول أسباب عدم نجاح الضربات الجوية الأمريكية، أفادت صحيفة الجيش البلغاري أن «النقص الاستخباراتي هو السبب» إضافة إلى أن «المرونة البسيطة» التي أتقنتها قوات صنعاء «تتفوق على القوة النارية المتطورة».
وأوضحت أن «تجربة الحوثيين ضد الغارات الجوية السعودية خلال سبع سنوات، علمتهم كيفية البقاء على قيد الحياة. لقد تعلموا نقل الأسلحة بسرعة، وتحصين المخابئ، واستغلال جغرافية اليمن، وهو درس تواجهه الولايات المتحدة الآن».
العملية البرية محفوفة بالمخاطر
وعن العملية البرية التي برز الحديث عنها مؤخراً كتصعيد ضد صنعاء بعد أن أثبتت الهجمات الجوية المكثفة فشلها، قالت الصحيفة البلغارية إن أمريكا في حال اتخذت هذا الإجراء فإنها ستغرق «في ذات المستنقع الذي غرقت فيه السعودية في حربها على اليمن وكلفها مليارات الدولارات».
وأشارت إلى أن قوات صنعاء «تتمركز في مرتفعات جبلية تصل إلى أكثر من 12 ألف قدم، وتتميز بوديان ضيقة ومنحدرات شديدة الانحدار مثالية للكمائن. وخلال الحرب التي قادتها السعودية، استخدم مقاتلو الحوثي هذه الجبال لتدميرها، مما أدى إلى غرق قوات التحالف في مستنقع كلف الرياض مليارات الدولارات».
وأضافت: «يقدم التاريخ قصصًا تحذيرية: في أفغانستان، لم يكن التفوق الجوي الأمريكي كافيًا لتحقيق النصر بدون قوات برية، وحتى في تلك الحالة، صمدت طالبان. وواجهت فيتنام قيودًا مماثلة، حيث فشلت الحملات الجوية في طرد عدو متحصن في الأدغال والأنفاق. وقد يتكرر هذا النمط في أي غزو بري في اليمن، مستبدلًا حربًا جوية باهظة الثمن باحتلال أكثر تكلفة».
وخلصت الصحيفة إلى القول: «ربما يكون الحوثيون قد حققوا بالفعل تفوقًا معنويًا. فبصمودهم أمام أقوى جيش في العالم لأسابيع، استعرضوا قوتهم على قواعدهم وما وراءها. كما أن قدرتهم على فرض شروطهم في البحر الأحمر، وإجبار قوة عظمى على إنفاق المليارات، تُحوّل الرواية من الهزيمة التي يزعمها المسؤولون الأمريكيون، إلى الانتصار، وعلى الولايات المتحدة الآن أن تُقيّم خطوتها التالية: تعزيز استراتيجيتها المتعثرة، أو المخاطرة بحرب برية بلا مخرج واضح، أو البحث عن مخرج دبلوماسي يُقرّ بقوة الحوثيين».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا