بين احتلال من وجهين وأدوات بلا ملامح.. حضرمـوت على كف عفـريت
- تم النشر بواسطة لا ميديا

تقرير / لا ميديا -
احتلال من وجهين يختلفان غنيمة ويتفقان وسائل وأدوات ومرتزقة. ما يحدث في حضرموت ليس جديداً ولن يكون؛ فهو ليس سوى استمرار لحالة شوهاء يظهر قبحها في صور شتى، يتبادل فيها المرتزقة أدواراً مرسومة بعناية من قبل المحتل السعودي والإماراتي، كأن يجاء بشيء اسمه "مقاومة مجلس" وشيء آخر اسمه "حلف قبائل"، وما بين "حلف" و"مجلس" لا أحد سوى تلك الأدوات نفسها، ولا صراع سوى ذلك الذي يؤول إلى نهم المحتل في البقاء.
الوئام الذي ظهرت به جارتا السوء الأعرابيتان (السعودية الإمارات) واتفاقهما طيلة عقد من الزمن على تمزيق اليمن ونهب ثرواته، وصل كما يبدو إلى مفترق طرق وحالة خلاف شديدة تجلت مؤخراً في محافظة حضرموت المحتلة، التي تشهد منذ أسابيع حالة من الاحتقان والتوتر المتصاعد بين أدواتهما، في ظل إقرارهما بفشل تحالفهما في اليمن، ومحاولة كل منهما تحميل الآخر مسؤولية ذلك الفشل. على الأقل ذاك ما أظهرته صحيفة "العرب"، التابعة لإعلام ابن زايد، والتي تصدر من العاصمة البريطانية لندن، وهي تشن في مقال نشرته في عددها الأربعاء الماضي، هجوماً شرساً على الرياض، متهمة إياها صراحةً بـ"التسبب في إفشال الحرب التي قادها التحالف السعودي-الإماراتي في اليمن منذ 2015". لم تدخر الصحيفة حتى الزعم بأن "التدخل السعودي في اليمن يفتقر إلى الشرعية"، وأنه "أدّى إلى تدويل الأزمة، وإدخال لاعبين دوليين، وخلق تبعيات خارجية قوّضت أي فرص لحل سياسي مستدام"، ولا أن تعير ابن سلمان بـ"الفشل الذريع في تحقيق أهداف الحملة العسكرية"، و"التسبب في خسائر بشرية فادحة بين المدنيين".
هذه اللغة التصعيدية تبدو أكثر تصعيداً في حضرموت، حيث يحاول كلا طرفي الاحتلال أن يغلب أطماعه وسيطرته على المحافظة، ويحشد أكبر قدر من قوى الارتزاق إلى صفه لإضعاف موقف الطرف الآخر.
فأطراف الارتزاق، التي تشكلت ككيانات متماهية في المشروع والهدف، تشهد في الأثناء صراع نفوذ محتدماً على المحافظة النفطية، وسط تلويح كل منها بإشعال فتيل المواجهة، حيث أصدرت ما تُسمّى "المقاومة الجنوبية في حضرموت"، الذراع العسكرية لانتقالي الإمارات، بياناً أكدت فيه استعدادها للتصدي لما وصفته بـ"التحركات المشبوهة" التي تهدد مديريات الساحل، في إشارة إلى تحركات موالية لفصائل الاحتلال السعودي داخل المحافظة.
في المقابل، سارعت ما تسمى اللجنة الأمنية في حضرموت إلى عقد اجتماع طارئ برئاسة المرتزق مبخوت بن ماضي، المعيّن من قبل الاحتلال محافظاً لحضرموت، وإصدار تحذير شديد اللهجة من "أي تجاوزات تهدد الأمن"، متوعدة برد صارم.
أما الطرف الثالث فهو المرتزق عمرو بن حبريش وما يسمى حلف قبائل حضرموت، والذي عاد من الرياض مؤخراً ليعلن عن أنه حصل على دعم سعودي واسع لما سماه "انتزاع حقوق حضرموت" وبلوغ هدف "الحكم الذاتي".
بالنسبة للاحتلال الإماراتي ومرتزقته، فإن طرف بن حبريش أكثر إقلاقاً من بن ماضي ولجنته الأمنية، خاصة مع إعلان "حلف قبائل حضرموت" –المدعوم سعودياً– تشكيل قوة عسكرية وأمنية خاصة تحت مسمى "قوات حماية حضرموت"، حيث تزايدت المؤشرات إلى احتمال اندلاع مواجهة مسلحة، ما قد يجرّ المحافظة إلى جولة جديدة من الصراع والفوضى.
"حلف القبائل" هذا أظهر توجّهاً واضحاً نحو امتلاك قوة عسكرية خاصة به، بل وقطع خطوة في ذلك الاتجاه، بالإعلان عن تشكيل تلك القوات بقيادة المرتزق مبارك أحمد العوبثاني، تحت مبرر "المصلحة العامة وترسيخ الأمن والاستقرار ولمواجهة الإرهاب والجهات التخريبية الشريرة والحفاظ على الوطن وثرواته"، وهو ما مثّل بالنسبة لانتقالي الإمارات تجاوزاً لخطّ أحمر، باعتبار تلك القوات تضيف طرفاً آخر منافساً لفصائله في حضرموت ويرى فيها قوات تابعة للخونج.
أما حكومة الفنادق ومجلسها الرئاسي فهي كالعادة غائبة عما يحدث، وترقب من غرفة فندقية في الرياض ما قد يتم تكليفها به من دور لن يكون أكثر من دور أراجوزي تؤديه بإتقان.
من كل ذاك، تبقى محافظة حضرموت وأبناؤها هم الخاسر والمتضرر الأكبر من كل ذلك الصراع المحتدم بين احتلال ذي وجهين، يستخدم أدوات بلا وجوه ولا ملامح.
المصدر لا ميديا