«لا» 21 السياسي -
«يا نفس ما تشتي». مقولة يتم تداولها بكثرة في الأوساط الشعبية اليمنية آخر أيام شهر شعبان. ويقصد بها تناول الشهي والنوعي من المأكولات والحلويات قبل دخول شهر رمضان. كان الأوائل يفعلون ذلك استعداداً للصيام والزهد في المأكل والمشرب؛ غير أن هذه العادة انقلبت رأساً على عقب مع الأجيال التالية، والتي جعلتها مقدمةً لشهرٍ يقضونه في تناول أشهى ما يستطيعون من الطعام.
بعيداً عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها اليمنيون جراء العدوان والحصار فإن عاداتهم الغذائية لم تتغير كثيراً، حيث يبدون وكأنهم يصومون أحد عشر شهراً ويأكلون في رمضان.
وفق الحسابات النظرية ينبغي أن ينخفض معدل استهلاك الفرد المسلم في شهر رمضان فيما يخص الغذاء، حيث يتقلص عدد الوجبات التي يتناولها الفرد خلال اليوم، كما أن الوقت المتبقي من اليوم يقتطع منه وقت للنوم ووقت للصلاة، وهو ما يجعل الوقت المتاح لتناول الطعام أقل بكثير من المعتاد في بقية العام.
كل هذه المؤشرات «النظرية» يلزم منها أن ينخفض الاستهلاك للنصف على الأقل، إن لم يكن الثلث في شهر رمضان!
وتشير بعض إحصائيات السنوات السابقة إلى أن أكثر من 85٪ من اليمنيين يغيرون عاداتهم الغذائية في شهر رمضان، ويرتفع حجم الاستهلاك بنسبة تقترب من 150٪، أي ما يعادل حجم استهلاك 3 أشهر بالسنة، فبدلاً من انخفاض الاستهلاك إلى الثلث نجده يزيد ثلاثة أضعاف!
ولا يقتصر الاستهلاك الغذائي في رمضان على زيادة كمية فقط، بل تظهر الحاجة إلى نوعيات مختلفة من الطعام ليست على القائمة الغذائية المعتادة لغالب العائلات، فهنــــــاك «حلويات رمضانيـــــــة» و«مشروبـــــات رمضانية» تعتبـــــر مائدة الإفطار «ناقصة» عند غيابها، وهو ما يشكل ضغطاً مادياً إضافياً على ميزانية غالب الأسر في شهر رمضان.
مؤخــــراً، وبسبب العدوان والحصار، تأثرت هذه العادات بالتأكيد، إلا أن اليمنيين ما يزالون يتخذون من رمضان موسماً للطعام، وباقي السنة للعصيد والصيام.