إعداد: عادل بشر / لا ميديا -
يحتفي الشعب الإيراني في 11 شباط/ فبراير الجاري، بالذكرى الـ46 لانتصار ثورة الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام آية الله الخميني، على نظام التبعية للغرب تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وهي الثورة التي اندلعت شرارتها في 7 كانون الثاني/ يناير 1978م، واستمرت حتى 11 شباط/ فبراير 1979م، بمشاركة فئات مختلفة من الشعب وحولت إيران من نظام ملكي، مدعوم من الولايات المتحدة وتابع ذليل لها، إلى الجمهورية الإسلامية في حدث تاريخي قلب الموازين الاستراتيجية إقليميا ودولياً فارضا واقعاً سياسياً مغايراً، بعيداً عن تلك الاصطفاف التي كانت موجودة في تلك الفترة.
أعوام كثيرة من الصبر والحصار والعمل الدؤوب انتقلت إيران خلالها من درك الدول المتخلفة إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال إنجازاتها المختلفة فارضة نفسها وبقوة أمام العدو والصديق كدولة إقليمية عظمى، فأحرزت الجمهورية الإسلامية في إيران على مدى 46 سنة من عمر ثورتها المباركة تقدما مثيرا للإعجاب في مختلف المجالات ورغم الهجوم الشامل للاستکبار العالمي ضدها والعقوبات الظالمة عليها، لكنها تزايدت تقدمها وعظمتها بعد الثورة الإسلامية يوم بعد آخر.
صحيفة «لا» تستعرض في هذه المساحة أبرز الإنجازات التي تحققت في عهد الثورة الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية. 

مؤشر التنمية البشرية
تقدمت إيران 34 مركزا في التصنيف العالمي للتنمية البشرية منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، وبانتقالها من التنمية المنخفضة إلى المتوسطة، أصبحت من الدول ذات التنمية البشرية العالية، وتعد من بين الدول الخمس الأولى في العالم التي حققت أعلى نمو في مؤشر التنمية البشرية خلال الفترة الماضية من عمر الثورة الإسلامية.
وتظهر تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة أن مؤشر التنمية البشرية في إيران نما بنسبة 77% في السنوات التي تلت انتصار الثورة، ويبين مؤشر التنمية البشرية مستوى العدالة والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والصحية والثقافية لكل دولة ويتضمن رقما من صفر إلى واحد، وكلما زاد هذا الرقم دل على زيادة التنمية البشرية في تلك الدولة.
وبحسب هذا التقرير، كان مؤشر التنمية البشرية في إيران 0.437 قبل عام واحد من الثورة الإسلامية، وارتفع هذا الرقم في الأعوام التي تلت الثورة، إلى 0.552 في عام 1990، وإلى 0.652 في عام 2000، ووصل إلى 0.681 في عام 2005، و0.725 في 2010، و0.774 في 2021.

معرفة القراءة والكتابة والتعليم
وفقا للإحصائيات الرسمية والتقارير الحكومية التي نشرت أخيرا، بلغ معدل معرفة القراءة والكتابة في إيران أكثر من 97% بينما كان هذا الرقم قبل انتصار الثورة الإسلامية، أقل من 50% وكانت أغلبية هذه الأرقام تختص الرجال من دون النساء.
وكانت نسبة السكان المتعلمين قبل انتصار الثورة الإسلامية 48.8% من جميع المواطنين الإيرانيين، بينما بلغ هذا الرقم الآن 97% للفئة العمرية من 10 إلى 49 سنة. بالإضافة إلى النمو السكاني من 36 مليون شخص إلى 85 مليون شخص، حيث شهدت إيران نموًا كبيرًا في مجال النسمة في البلاد وأيضًا نموا جيدا في مجال معرفة القراءة والكتابة. وكانت الفجوة بين النمو ومعرفة القراءة والكتابة بين الرجال والنساء قبل انتصار الثورة 23.4%، واليوم وصلت هذه الفجوة إلى 6% وانخفضت بنسبة 17.5%. كما انخفضت الفجوة في محو الأمية في المناطق الحضرية والريفية من 34.5% إلى 11%.

الطب
المجال الطبي هو من أبرز المجالات التي استطاعت إيران أن تحجز به مكانة عالمية بعد أن أصبح قطباً علمياً في المنطقة.
وفي هذا المجال تشير الأرقام الرسمية إلى وجود 15 طبيباً لكل 10 آلاف شخص، مقارنة بثلاثة أطباء لكل 10 آلاف شخص قبل الثورة.
ويتوافد حالياً إلى إيران سنوياً عشرات الآلاف من السياح للعلاج، فيما كان قبل الثورة علاج الإيرانيين من قبل الأطباء البنغلاديشيين والهنود والباكستانيين.
واستطاعت إيران تحقيق الاكتفاء الذاتي بإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية حيث إنها لا تستورد إلا ما يقل عن 5% من علاج الأمراض النادرة، وهذا رقم قياسي ليس في المنطقة وحسب بل بالعالم كله، إضافة لـ67% من المستلزمات الطبية التي تحتاجها في هذه الصناعة. كما أنها باتت تصدر أكثر من 100 منتج طبي إلى 55 دولة حول العالم. كما تصدرت طهران منطقة الشرق الأوسط، واحتلت مراتب متقدمة عالمياً في زراعة الأعضاء، زراعة الكبد والعظام والرئة، وزراعة القرنية وأطفال الأنابيب وعلاج العقم، إضافة لعمليات التجميل بكل أشكاله وتجديد وترميم الأنسجة. كما أنها احتلت المرتبة 15 في العالم والأولى بالشرق الأوسط في عملية توليف شبكة العين.
هذا وتنافس إيران دول العالم في مجال الخلايا الجذعية وعلاج الأمراض المستعصية، وأصبحت رائدة في إنتاج العظام الاصطناعية عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وفيات الأطفال دون سن 5 سنوات
تسجل البيانات انخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 126 طفلاً لكل ألف طفل قبل الثورة إلى 13 طفلاً بعد الثورة. ويبلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في إيران حوالي ثلث المعدل العالمي البالغ 38، وارتقت إيران في هذه النقطة 29 خطوة للأعلى مقارنة بفترة ما قبل الثورة.
كما انخفض معدل وفيات الأطفال أقل من عام من 88 حالة لكل ألف طفل قبل الثورة إلى 11 طفلاً فقط وهو أقل من نصف المتوسط العالمي المُقدر بـ28 طفلاً لكل ألف طفل.

براءات الاختراع
تعد إيران من بين أفضل 11 دولة في العالم في مجال براءات الاختراع، ووفقاً لبيانات مجموعة البنك الدولي فقد سجلت إيران في العام 2021م عدد 10210 طلبات تسجيل براءة اختراع، وهي أكثر من دول متقدمة مثل إسبانيا وسويسرا والسويد وهولندا وبلجيكا وكندا، وقبل الثورة سجلت إيران فقط 169 براءة اختراع.
وتنفق إيران على البحث العلمي 6432 مليون دولار؛ الأمر الذي يشير إلى شدة اهتمامها بالعلم وهو ما ساهم في زيادة براءات الاختراع المسجلة في المؤسسات الدولية.

الجامعات
بعد انتصار الثورة الإسلامية حتى الآن وصل عدد الجامعات في أنحاء البلاد إلى أكثر من 2640 وحدة، مقارنة بـ15 وحدة جامعية قبل الثورة. كما بلغ عدد المدارس التي كانت قرابة 47 ألف وحدة قبل الثورة، 220 ألف مدرسة بنمو يقارب خمسة أضعاف.
النمو الكمي للطلاب أيضا هو مؤشر آخر للتطور العلمي في السنوات التي تلت الثورة. في حين أن عدد الطلاب في جامعات البلاد قبل الثورة لم يتجاوز 155 ألفًا، إلا أنه يتجاوز اليوم 4,200,000.

الدخول إلى النادي النووي
خطت إيران في مجال التكنولوجيا النووية خطوات كبيرة بعد انتصار الثورة وخاصة في السنوات الأخيرة. تأسست منظمة الطاقة الذرية الإيرانية عام 1975، كما تم توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية. وفي شباط/ فبراير 2001، أعلن رئيس الجمهورية آنذاك عن تجهيز الوقود النووي من قبل خبراء إيرانيين لمحطات الطاقة النووية الإيرانية. وفي نيسان/ أبريل عام 2005 أعلن الرئيس الإيراني أن إيران نجحت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5%. وفي شباط/ فبراير 2012 أعلنت إيران عن بناء قضيب وقود نووي مخصب بنسبة 20% وتحميله في مفاعل أبحاث طهران بقدرة 55 ميجاوات. أدت هذه التطورات إلى حقيقة أنه في عام 2013، أعلنت شركة بريتش بتروليوم، التي تقدمت 29 دولة كدول منتجة للطاقة النووية في العالم، عن المركز 28 لإيران في قائمة منتجي الطاقة النووية في عام 2013 وأعلنت أن إيران زادت إنتاجها من الطاقة النووية بمقدار 3 مرات هذا العام، وتقدمت على هولندا في هذا المجال.

تقنية النانو
تقنيه النانو أو تقنية الصغائر، العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري أو الجزيئي، تقينة انطلقت في إيران بشكل مبرمج منذ عام 2005، وآخر المعلومات تقول إنها ضمن الدول المتفوقة في هذه التقنية، وبدأت نشاطات تطوير تقنية النّانو في إيران منذ العام 2000، ومع إقرار القرار الأول كوثيقة استراتيجية مستقبلية لتطوير تقنية النانو خلال الأعوام 2005-2014 أخذت النّشاطات والأبحاث في هذا المجال تتوسّع بشكل لافت. وطوال فترة العشر سنوات لتنفيذ هذا القرار الاستراتيجي تم إقرار 3 قرارات ملحقة به.
ومن الملفت للانتباه أنّه وفي حين أن العديد من دول العالم لا تملك أي إنجازات علمية معتبرة في مجال النانو، إلّا أن الجمهورية الإسلامية استطاعت أن تكون سبّاقة في مجال تقنية النانو بحيث إن مركز إيران من حيث إنتاج المقالات العلمية، التي تُعتبر مقياسا من المقاييس العلمية، بين المراكز الأربعة الأولى في العالم والأول بين الدول الإسلامية.

مجال النفط
وفي مجال النفط استطاعت إيران لأول مرة في العالم ومن خلال الإفادة من التكنولوجيا النانوية تحويل النفط الثقيل إلى نفط خفيف وهو يعد إنجازا ضخما. وفيما يخص إنتاج المواد النانوية المضافة إلى الوقود والتي تؤدي إلى خفض استهلاك الوقود فقد حققت إيران نجاحات باهرة. وتتابع التكنولوجيا الهندسية للأنسجة استراتيجية جديدة بعنوان تصنيع الأنسجة الطبيعية في البيئة المخبرية من خلايا الشخص نفسه. وقد نجح العلماء الإيرانيون لأول مرة في إنتاج نوع من العرق الصناعي ذي مواصفات فريدة من نوعها. وتم زراعة النموذج الأولي للعرق الصناعي قبل نحو 3 أعوام في عنق خروف ويشير آخر الاختبارات إلى أن هذا العرق يواصل أداءه بشكل طبيعي.

التقدم في مجال الفضاء
تعد إيران من الدول العشر الأولى عالميا في امتلاك التقنيات والمعرفة في العلوم الفضائية. البرنامج الفضائي احتل بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران موقعا متقدما على قائمة الأولويات الإيرانية، وقد حققت طهران إنجازات عدة على الصعيد الفضائي منها كسر احتكار عدد من الدول لهذه العلوم والتقنيات، وأصبحت ضمن الدول القادرة على إطلاق الأقمار الاصطناعية عالمياً.

منجزات عسكرية
منجزات الثورة الإسلامية في إيران شملت أيضاً البعد العسكري، حيث شهدت إيران نقلة نوعية على صعيد تطوير الأسلحة لديها لا بل تجاوزت هذه الحقبة رغم الحصار وغاصت في صناعة الأسلحة كافة بمجهودها الذاتي كصناعة وتطوير الصواريخ الباليستية والنقطوية والأقمار الاصطناعية وصناعة المدرعات والسفن الحربية والمقاتلات الجوية، والطائرات بدون طيار بأجيالها المختلة، بالإضافة إلى صناعة الرادارات والدفاعات الجوية وصولاً إلى امتلاك تقنية التشويش الإلكتروني المتطورة، لتصل الجمهورية الإسلامية بفضل ثورتها الصادقة الى مرحلة الجهوزية لخوض الحروب الإلكترونية وعلى نطاق واسع.

قطاع الكهرباء
أدت جهود الخبراء المحليين خلال السنوات التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية إلى أن تصبح إيران من بين أكبر خمس دول في العالم في مجال تصنيع توربينات الطاقة، فبعد انتصار الثورة الإسلامية، بدأت العقوبات الاقتصادية والسياسية والحرب المفروضة لمدة 8 سنوات، وتضررت نحو 2200 ميغاواط من قدرة محطة الطاقة وكمية كبيرة من خطوط الكهرباء ومرافق محطات الطاقة الفرعية، الأمر الذي تطلب بذل قدر كبير من الجهد لإصلاحها.
في الوقت الحالي، تتولى 631 وحدة توليد طاقة حرارية في 146 محطة كهرباء مسؤولية إنتاج 94 بالمائة من احتياجات البلاد من الكهرباء، وزاد الإنتاج السنوي للطاقة في هذه الوحدات 35 مرة مقارنة ببداية الثورة، ليصل إلى 354 مليار كيلووات في الساعة.

السدود الوطنية والكبيرة
تُعد إيران حالياً الثالثة عالميا في صناعة بناء السدود، فقبل الثورة الإسلامية تم تدشين 19 سد تخزين بخزان حجمه 13 مليار متر مكعب (يعادل 25 بالمائة) وتبلغ طاقتها التخزينية 14 مليار متر مكعب من المياه سنويا. تم بناء هذه السدود بتعاون مع خبراء الهندسة من خارج البلاد. بعد الثورة الإسلامية أنشئ 195 سد تخزين تبلغ السعة الكلية لخزانها 51 مليار متر مكعب أي ما يعادل 75 بالمائة ويشمل طاقة استيعاب بسعة 37 مليار متر مكعب من المياه القابلة للتعديل. فحظيت إيران بالكفاءة الذاتية إضافة إلى تصديرها علم إنشاء السدود إلى أكثر من 20 دولة في العالم.