تقرير / لا ميديا -
قبل يومين من دخول اتفاق وقف عدوان الإبادة على قطاع غزة حيز التنفيذ، يكثف العدو الصهيوني هجماته الدموية على القطاع في وقت كان المفروض أن يبدأ الهدوء والاستعداد لتطبيق الاتفاق.
واستشهد، أمس، 88 فلسطينيا وأصيب 189 آخرون في 4 مجازر ارتكبتها قوات العدو الصهيوني في غزة رغم التوصل إلى «اتفاق لوقف إطلاق النار»، لترتفع حصيلة العدوان المدمر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 56,876 شهيدا ومفقودا و110,642 جريحا؛ وفق آخر حصيلة أعلنت عنها وزارة الصحة في القطاع، أمس الجمعة.
وأفاد الدفاع المدني الفلسطيني باستشهاد أكثر من 115 فلسطينيا، منذ إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وحتى عصر أمس الجمعة.
في غضون ذلك شنت طائرات الاحتلال سلسلة غارات على بلدة جباليا شمال قطاع غزة، وعلى مخيم النصيرات وسط القطاع، بالتزامن مع قصف مدفعيّ على البلدة والمخيم.
ومساء الأربعاء الماضي، أعلن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، نجاح بلاده وبقية الوسطاء بالتوصل إلى «اتفاق لوقف إطلاق النار» في قطاع غزة، لافتا إلى أن تنفيذه يبدأ غدا الأحد.
وأوضح الوزير القطري أن المرحلة الأولى من الاتفاق مدتها 42 يوما، وتتضمن الإفراج عن 33 «أسيرا إسرائيليا» مقابل عدد من الأسرى من الفلسطينيين.

 الدُفعة الأولى
في السياق نشر الاحتلال، أمس، قائمة بأسماء 95 مختطفاً فلسطينياً ومختطفة، والذين من المقرر الإفراج عنهم في الدفعة الأولى من صفقة التبادل غدا الأحد.
ووفق الإعلام الفلسطيني عُرف بين الأسرى القيادية البارزة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار، التي أعاد الاحتلال اعتقالها في كانون الأول/ ديسمبر 2023 عقب بدء عدوان الإبادة على غزة.
في سياق متصل نقلت قناة «الميادين» عن مصدر فلسطيني قوله إنه سيتم إطلاق سراح 30 مختطفا فلسطينياً من النساء والأطفال، في مقابل كل أسير لدى حماس من النساء والأطفال، وأنّه سيتم إطلاق سراح 30 مختطفا فلسطينياً من كبار السن والمرضى في مقابل كل أسير من كبار السن (50 عاماً) والمرض.
وأضاف المصدر أنّه في مقابل كل «مجندة إسرائيلية» سيتم إطلاق 30 أسيراً فلسطينياً من المحكومين بالسَّجن المؤبد، إضافة إلى 20 من أصحاب الأحكام العالية، والذين لا يزيد ما تبقى لهم على 15 سنة.
وأكد أنّ المرحلة الأولى تشمل الأسرى الفلسطينيين، الذين شملهم اتفاق التبادل عام 2011، وأعادت «إسرائيل» اعتقالهم لاحقاً، وعددهم 47.

ماذا عن شعار «القضاء على حماس»؟!
في شأن متصل، بحثت حركة المقاومة الإسلامية حماس مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التطورات السياسية والميدانية بقطاع غزة، و»اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى»، الذي خضع له العدو الصهيوني عقب صبر ونضال ومقاومة من سكان قطاع غزة ومقاوميه 15 شهراً.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي جرى بين القيادي بالحركة خليل الحية، ووزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي رحّب بالاتفاق وأكد دعم بلاده لأي تفاهمات تتوصل إليها «حماس».
وقال عراقجي، وفق بيان أصدرته حماس أمس: «نبارك لكم هذا الانتصار، ورضوخ الاحتلال لوقف إطلاق النار، والذي تحقق نتيجة صمود الشعب الفلسطيني، ومجاهدي حماس».
وأشار إلى أن «الاحتلال دخل غزة للقضاء على حماس؛ لكنه اليوم يوقع اتفاقاً معها يشمل الانسحاب وتبادل الأسرى، ما يعني انتصار الشعب الفلسطيني على الاحتلال».
من جهته، أكد الحية أن «ما تحقق اليوم بوقف العدوان هو نتيجة صمود شعبنا وبسالة المقاومة، وبفضل كل جبهات الإسناد، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وشدّد الحية على أن «معركة طوفان الأقصى هي نذير بزوال الاحتلال الصهيوني».

«نحن من خضعنا وليس حماس»
في تداعيات «اتفاق وقف إطلاق النار» على العدو الصهيوني، قالت وسائل إعلام الاحتلال إن «إسرائيل»، تراجعت عن معظم الشروط التي وضعتها في جولات المفاوضات السابقة، طوال العام الماضي.
ووفق محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» رونين بيرغمان، فإن أحد الأمور الهامة التي تراجع فيها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو رفض الانسحاب من محور صلاح الدين «فيلادلفيا».  وكان الاحتلال يرفض بشكل قاطع الانسحاب من هذا المحور، ووصف مقربون من نتنياهو انسحاب الاحتلال من المحور بأنه «من الأمور التي يحظر الموافقة عليها».
وقال بيرغمان إن «البند 4/ ب من الاتفاق ينص على أنه «بعد التحرير الأخير للرهائن في المرحلة الأولى، في اليوم 42، تبدأ القوات الإسرائيلية بانسحابها (الكامل من فيلادلفيا) وألا يستمر إنهاء الانسحاب بعد اليوم الخمسين»، وفقا للاتفاق الذي وقع الاحتلال عليه.
الأمر الثاني الذي خضع العدو وتنازل عن الاعتراض عليه وفق بيرغمان هو «مرور حر للنازحين باتجاه شمال القطاع «بدون سلاح»، و»بدون تفتيش»، على أن تعمل شركة خاصة، بموافقة الجانبين، على تفتيش المركبات المتجهة إلى شمال القطاع.
أما الأمر الثالث الذي خضع العدو وتنازل عنه بحسب رأي بيرغمان أنه أزيل في الاتفاق الحالي شرط الاحتلال بأن تشغيل معبر رفح يتم بموافقة متبادلة، «كما أن العدو تنازل ورفع عدد الجرحى الذين سيسمح لهم بالمرور في معبر رفح ليصل إلى 50 شخصا يوميا».
وخلص بيرغمان إلى استنتاجين: الأول: أنه كان بالإمكان توقيع اتفاق قبل نصف سنة، وربما قبل ثمانية أشهر أيضا، وكانت الخلافات صغيرة، «لكن ظهرت حينها ما يشبه الفطريات السامة التي تنمو بعد المطر على شكل مطالب إسرائيلية جديدة، وردت حماس عليها بطرح مطالب جديدة، ما أدى إلى انهيار المفاوضات».
والاستنتاج الثاني هو أن «ما سمح بتوقيع الاتفاق الآن ليس تراجع حماس وإنما تراجع كبير جدا من جانب إسرائيل، وفيما نتنياهو تنازل عن معظم، إن لم يكن كل، الشروط التي طرحها خلال المفاوضات؛ وتوافق إسرائيل على الإفراج عن عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين وعن عدد أكبر من الأسرى ذوي الأحكام المرتفعة».