اليمن بالحبر الغربي -
ماذا ينبغي لأي دولة أن تفعل حين يصبح العملان العسكري والدبلوماسي عاجزين عن تحقيق أي نتيجة؟ هذا هو ‏الوضع الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه اليوم؛ فالتصعيد العسكري لن يجبر الحوثيين على وقف حملتهم ضد ‏السفن أو هجماتهم على «إسرائيل»، ولن تجبرهم الدبلوماسية على ذلك أيضاً - على الأقل حتى الآن‎.
إن تكثيف استخدام القوة من شأنه أن يعزز الشرعية الإقليمية للحوثيين وسيطرتهم على اليمن، وفي الوقت نفسه، فإن ‏ذلك من شأنه أن يجر الولايات المتحدة إلى صراع لا يمكنها الفوز به، مما يجعل من الصعب الحد من الخسائر ‏عندما يحين الوقت، كما أن من شأنه تحفيز «إسرائيل» على تعميق مشاركتها، مما يخلق حلقة مفرغة سلبية تتورط فيها ‏الولايات المتحدة بشكل أكبر، وتتجاوز هذه المخاطر أهمية البحر الأحمر بالنسبة للمصالح الأمريكية‎.
بالنسبة إلى التحدي الحوثي فسوف ينخفض في نهاية المطاف، وسوف تهدأ حرب غزة، مما يمكن الحوثيين من ‏إعلان النصر، وفي غضون ذلك، ينبغي لواشنطن أن تمهد الطريق لعملية دبلوماسية تضمن وقف إطلاق النار من ‏جانب الحوثيين وتقلل احتمالات تكرار السيناريو نفسه‎.
وتتزايد الضغوط في واشنطن للتحول إلى الهجوم ضد الحوثيين، والصبر ينفد مع اتباع نهج لا يعطي النتائج ‏المتوقعة؛ ولكن الإكراه هو أصعب خدعة يمكن تنفيذها في العلاقات الدولية، وخاصة عندما تكون التكلفة بالنسبة ‏للفاعل الذي يحاول إجبار الطرف أكثر من تكلفة الطرف المستهدف‎.
هناك عدة تعقيدات بشأن استهدف اليمن، منها الاعتقاد بأن الفشل في شن الهجوم يشير إلى الضعف ويدعو إلى المزيد ‏من العدوان، والقلق بشأن المصداقية هو الشقيق التوأم لهذا، فبعد إعلان المصالح الأمريكية والقوات الملتزمة، نحتاج ‏إلى إظهار النتائج، وإذا لم نفعل ذلك، فسوف يسخر الخصوم من الالتزامات المستقبلية بالقوة العسكرية‎.
إن إبقاء مجموعة حاملة الطائرات محاصرة في البحر الأحمر أمر غير حكيم ويعاقب الطواقم والمعدات. فلماذا لا ‏نضغط على الزناد؟ دعونا نعد الأسباب: على المستوى التكتيكي، يتمتع الحوثيون بعمق إقليمي كبير، وإلى ‏جانب مدى ذخائرهم، فإن ذلك يعقد إلى حد كبير الاستهداف الفعال للقاذفات المتنقلة، إنه يشبه البحث عن إبرة في ‏كومة قش ضخمة، كما أن الإنتاج والتخزين الموزع للمنصات والرؤوس الحربية يجعل الاستهداف اقتراحاً صعباً‎.
هذه ليست سوى التحديات العملياتية، فالأمر يزداد سوءاً؛ إذ إن الضربات ضد أراضي الحوثيين من شأنها أن تعزز ‏قبضتهم، وبالتالي تزيد حافزهم لتنفيذ هجمات ضد السفن، وأصول أسطول عملية «حارس الازدهار»، و»إسرائيل»‎.
إن النهج الأمريكي يتجنب بدء معركة لا يستطيع إنهاءها، نظراً للمزايا الطبيعية التي يتمتع بها الحوثيون، ‏وحصانتهم النسبية في مواجهة الهجمات الجوية، وسيطرتهم المحكمة على مصيرهم السياسي‎.
ولكي يستمر هذا النهج، فمن الضروري أن تقنع الولايات المتحدة «إسرائيل» بالحفاظ على موقف دفاعي في مواجهة ‏المزيد من الاستفزازات الحوثية وعدم تنفيذ هجمات انتقامية متجددة، وينبغي أن تكون أولوية الولايات المتحدة هي ‏طمأنة الحكومة «الإسرائيلية» بأنها ستواصل دمج دفاعاتها الجوية الإقليمية مع الدفاعات «الإسرائيلية»، ‏لحرمان الحوثيين من احتمال شن أي هجمات ناجحة أخرى ضد الأراضي «الإسرائيلية»، وربما تفعل واشنطن هذا ‏بالضبط الآن‎.
إن فرض عقوبات اقتصادية ليست فكرة عظيمة، وخاصة عندما يعاني اليمن بالفعل من كارثة إنسانية. وينبغي أن ‏تكون الخطوة الأولى هي الاستمرار في الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة‎.
وبالنسبة للمصالح الأمريكية، تشير الحقائق إلى أن أفضل طريقة للحفاظ على هذه المصالح هي الحفاظ على الموقف ‏الأمريكي الحالي، الذي يتمتع بدعم متعدد الأطراف، ويتجنب التصعيد الذي يمنع استراتيجية الخروج حتى في حين ‏يعمل على تعزيز عدو مصمم‎.
ستيفن سايمون الباحث الأمريكي في معهد كوينسي
موقع «وور أون ذا روكس» الأمريكي‎