اليمن بالحبر الغربي -
الهجوم غير المسبوق الذي شنه الحوثيون بطائرات بدون طيار على «تل أبيب» من اليمن في 19 تموز/ يوليو، فاجأ ‏«الإسرائيليين»، حيث اخترق الهجوم الدفاعات التي أثبتت جدارتها في المعارك، وكشف عن نقاط الضعف التي كان الحوثيون ‏في اليمن مستعدين وراغبين في استغلالها‎.
ويقول فريديريكو بورساري، الخبير الدفاعي في مركز تحليل السياسات الأوروبية، إن «هجوم الطائرة بدون طيار ‏في 19 تموز/ يوليو أظهر أهمية العامل البشري بالإضافة إلى التدريب والتخطيط للمهمة في أي موقف عسكري».
وأضاف: «من جانب الحوثيين، فإن ذلك يؤكد وجود تخطيط متطور للغاية لمهمة تعتمد على مهاجمة إسرائيل من ‏الاتجاه الأقل توقعاً، وهو البحر الأبيض المتوسط».
وقال إن «الحوثيين اختاروا بعناية مسار طيران الطائرة بدون طيار ونقاط التوجيه لجعلها تطير على ارتفاع ‏منخفض نسبياً وعلى طول السواحل الإريترية والسودانية والمصرية لتقليل تعرضها لرادارات السفن الغربية ‏وأصول الدفاع الجوي في البحر الأحمر».
واعتبر أن «توقيت الهجوم ليس عارضاً، حيث إن الليل يجعل من الصعب تحديد هوية الطائرة المسيّرة بدون ‏وجود أجهزة استشعار للضوء المنخفض والحرارة».
وقال بورساري إن «هذا يؤكد أن التكنولوجيا وحدها، حتى بالنسبة لأحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي تقدماً في العالم، ‏لا تكفي لتوفير الحماية الفاعلة. فالتكنولوجيا لا تعمل إلا مع التدريب (الذي يتضمن عنصراً بشرياً ماهراً)، ‏والتكتيكات الفاعلة».
إن أحد التحديات التي تواجه القوات «الإسرائيلية» هو ضرورة الحفاظ على الوعي الظرفي بشأن قطاعات أكثر تهديداً، ‏وقد تحتاج أيضاً إلى العمل بشكل أوثق مع شركاء مثل الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية للتحذير من ‏المسارات الجوية المشبوهة‎.
يقول فريدي خويري، المحلل الأمني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «رين» لتحليل المخاطر إن «حادثة 19 تموز/ يوليو يمكن أن تُعزى إلى عاملين رئيسيين: الأول: أن إطلاق طائرة بدون طيار متطورة تابعة ‏للحوثيين لأول مرة، في مسار طيران غير عادي من المرجح أنه فاجأ الإسرائيليين، والثاني: أنه رغم ‏اكتشاف القوات الإسرائيلية للطائرة بدون طيار، إلا أنها فشلت في التعرف عليها كتهديد، وهو خطأ بشري مماثل ‏للخطأ الذي حدث في برج 22 في الأردن مع القوات الأمريكية في وقت سابق من هذا العام».
وأضاف: «من المرجح أن يأخذ الإسرائيليون في الاعتبار في المستقبل المسارات غير التقليدية للطائرات بدون ‏طيار التابعة للحوثيين، كما هو الحال في الشمال، حيث يتوقعون بالفعل وصول طائرات بدون طيار من حزب الله ‏من البحر الأبيض المتوسط».
وأضاف خويري أنه «إذا لم يستهدف الحوثيون مدينة إيلات الساحلية الجنوبية، فمن المرجح أن يستمروا في ‏استهداف مدن إسرائيلية أخرى وشرق البحر الأبيض المتوسط، باستخدام مسارات تمر فوق المجال الجوي ‏المصري أو السعودي».
ومن المرجح أن تزيد «إسرائيل» يقظتها تجاه التهديدات القادمة من الجنوب من خلال تعزيز الدفاعات الجوية في ‏إيلات والبحر الأحمر، والتعاون بشكل أوثق مع الشركاء الإقليميين للكشف المبكر عن التهديدات القادمة. وفي أعقاب ‏الهجوم المميت، سارع الجيش «الإسرائيلي» إلى زيادة الدوريات الجوية لحماية المجال الجوي «الإسرائيلي»‎.
ويتوقع الجيش «الإسرائيلي» أن يصبح اليمن مسرحاً أكثر مركزية في الصراع الإقليمي الذي بدأ في تشرين الأول/ أكتوبر، على ‏ضوء هجوم «تل أبيب» والانتقام من الحديدة‎.
يقول سيباستيان روبلين، وهو صحفي عسكري متخصص في الطيران: «إن الهجوم الحوثي الناجح في 19 تموز/ يوليو ‏يعكس نهجاً أكثر دهاءً لتجنب قفاز الدفاعات الجوية على طول البحر الأحمر من خلال توجيه الطائرة فوق إريتريا ‏والسودان. ومع ذلك، فإن نجاحه لا يزال يعتمد على المفاجأة أيضاً».
وأضاف: «إن هذا الحادث يسلط الضوء على نقاط الضعف على الأقل في تلك المنطقة العمياء (في البحر الأبيض ‏المتوسط)، وسيتعين على الحوثيين البحث عن نقاط ضعف أخرى، تماماً كما تمكن حزب الله من تحديد بعض ‏الثغرات على المستوى التكتيكي واستغلالها لمضايقة قوات الحدود الإسرائيلية».
وأشار روبلين إلى أن «إسرائيل قد تزيد الدوريات التي تقوم بها طائرات الإنذار المبكر لتحسين المراقبة على ‏طول ممر البحر الأحمر، وربما توسع نطاق التغطية إلى الجانب فوق إريتريا والسودان؛ لكن لديها ثلاث طائرات ‏إنذار مبكر من طراز (جي 550) فقط وطائرتا إنذار مبكر من طراز (707)، لذا يمكن زيادة التغطية؛ ولكن من ‏غير المرجح أن تستمر إلى أجل غير مسمى».
ويحمل الهجوم بعض الدروس المهمة، وكان بمثابة تذكير واضح بأن الطائرات بدون طيار، على عكس الصواريخ ‏الباليستية، يمكن أن تقترب من أهدافها من زوايا غير متوقعة وأقل قابلية للتنبؤ‎.
ويتحدث بورساري بأن «هذا ليس خياراً فعالاً من حيث التكلفة على المدى الطويل، ولذلك يتعين على إسرائيل أن ‏تجمع بين هذا الخيار والحلول الأرضية».
وقال روبلين أيضاً إن الطائرات المقاتلة «وسيلة غير فاعلة من حيث التكلفة لاعتراض الطائرات بدون طيار، نظراً ‏لتكلفة صواريخها جو-جو».
‎موقع «بزنس إنسايدر» الأمريكي‎