
تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
مع تصاعد وتيرة المخاوف السعودية من هجوم يمني محتمل يستهدف مصالح استراتيجية للمملكة، دفعت الرياض بالمبعوث الأممي هانس غروندبرغ، إلى صدارة المشهد كمحاولة لتلافي أي عمل عسكري، خصوصاً بعد التفويض الشعبي الكبير لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والقوات المسلحة اليمنية، باتخاذ الإجراءات العسكرية المناسبة لردع العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وما أعقب ذلك من بيان عسكري للمتحدث الرسمي للقوات المسلحة، متضمناً إشارة واضحة للسعودية وإعلانا للجاهزية العسكرية للتصدي لمخططاتها المدعومة أمريكياً.
وتناقلت وسائل إعلام تابعة لحكومة الفنادق الموالية للعدوان على اليمن، مساء أمس الأول، معلومات بشأن تعليق الإجراءات التي تستهدف البنوك الأهلية والتي سبق أن تم إعلانها من قبل ما يُسمى البنك المركزي في عدن برعاية أمريكية ودعم سعودي كخطوة لمحاولة الضغط على صنعاء لإيقاف عملياتها المساندة لغزة.
ونشرت وسائل الإعلام، رسالة مسربة من مكتب من يُسمى "رئيس مجلس القيادة" العميل رشاد العليمي، باسم المبعوث الأممي لدى اليمن، يطالبه فيها بتأجيل تنفيذ القرارات التي تستهدف البنوك إلى نهاية شهر أغسطس/ آب، تلى ذلك نشر وكالة الأنباء "سبأ" في نسختها المزورة والتابعة لمجلس العليمي، خبراً عن اجتماع طارئ عقد مساء الجمعة وهو يوم إجازة رسمية، لمناقشة ما قالت إنه الطلب الأممي.
الاجتماع العاجل الذي عُقد في الرياض بتوجيهات من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضم كلاً من رشاد العليمي، وعيدروس الزبيدي، وسلطان العرادة، وطارق صالح، وعبدالرحمن المحرمي، وعبدالله العليمي، وعثمان مجلي، بينما غاب عن الحضور فرج البحسني.
رسالة المبعوث الأممي فسرها الكثيرون بأنها محاولة سعودية للالتفاف على ما تم الاتفاق عليه سابقا على طاولة المفاوضات والتنصل من تحقيق الاستحقاقات الإنسانية، بينما اعتبرها البعض بأنها جاءت من أجل حفظ ماء وجه مملكة العدوان، وتجنب الظهور بمظهر الرضوخ لتهديدات صنعاء.
ووجهت المملكة بهذه الخطوة، وفقاً لمحللين سياسيين، إهانة جديدة لأدواتها في اليمن، مؤكدة أنها مسلوبة القرار والإرادة.
وفيما لم يصدر من صنعاء أي بيان رسمي يشير إلى تلقيها أي رسائل من المبعوث الأممي حول هذا الأمر، قال نائب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، حسين العزي، في تدوينة على منصة إكس، أمس: "أبلغنا مبعوث الأمين العام رفضنا القاطع لمحاولة تبييض صفحة الخارج الأمريكي وتصوير عدوان الخارج وكأنه شأن داخلي".
وأضاف: "كما أكدنا أن استعمال لغة التأجيل والترحيل في مسائل تتصل بحقوق شعبنا اليمني العزيز أمر غير مقبول، ولن يكون هناك أي تفاوض إلا في إطار مناقشة تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها".
أما القوات المسلحة اليمنية وهي المعنية بترجمة تحذيرات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، فقد أدرجت السعودية في بيان لها مساء الجمعة، مؤكدة جاهزيتها لتنفيذ المطالب الشعبية في الرد المشروع على التحركات السعودية المعادية للشعب اليمني.
كتاب ومحللون سياسيون وخبراء اقتصاد، علقوا من جهتهم على الأخبار المتواترة حول رسالة المبعوث الأممي والحديث عن تعليق قرار أدوات العدوان نقل 6 بنوك أهلية من العاصمة صنعاء إلى عدن المحتلة، واصفين ذلك بأنه نوع من المراوغة والخداع.
وأشاروا إلى أن المبعوث الأممي تعمد في رسالته تلك إبقاء السعودية وأمريكا خارج الصورة، في محاولة لتصوير التصعيد وكأنه أزمة محلية، وهو ما يكشف عن إصرار أمريكي سعودي واضح على مواصلة التصعيد ومحاولة التهرب من تداعياته.
وقال الخبير الاقتصادي رشيد الحداد إن تراجع "مجلس العليمي" الذي جاء بتوجيهات سعودية، عن التصعيد الاقتصادي ضد صنعاء وتأجيله إلى فترة مقبلة "ليس حلاً، بل حيلة والتفاف واضح على مطالب صنعاء الواضحة، وإخراج مبرمج السعودية بماء الوجه".. مؤكداً أن السلام يبدأ برفع الحصار وإنهاء الانقسام المالي وصرف مرتبات الموظفين.
وأضاف: "حتى الآن لم تتم الاستجابة لمطالب صنعاء، وما حدث أن المبعوث الأممي بعث بخطاب ترج، طلب فيه تأجيل التصعيد، وكأنه يقول أتيحوا فرصة أخرى للبنوك".. موضحاً أن "هذا الخطاب تمت صياغته في السعودية والهدف احتواء تصعيد صنعاء وامتصاص غصب القيادة والشعب، لذلك جاء الرد في بيان عسكري وليس في بيان اقتصادي".
ويرى الحداد أن "الخيار لايزال أمام الرياض، إما العدول عن التصعيد الاقتصادي بجدية وتنفيذ خطوات بناء ثقة تتمثل في صرف المرتبات من عائدات مبيعات النفط وفتح المطار والميناء والشروع في اتفاقية شاملة تنهي معاناة الأسرى، أو العودة إلى المربع الأول والتضحية بمصالحها وهو الأرجح".
وكان الملايين من اليمنيين، قد فوضوا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقوات المسلحة اتخاذ الإجراءات العسكرية الكفيلة بإسقاط محاولات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولاسيما السعودية، وإبطال مفعول عمليات الإسناد اليمنية للشعب الفلسطيني في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
وأكد هؤلاء، في مسيرة غير اعتيادية في ميدان السبعين في صنعاء، و13 محافظة يمنية، أمس الأول الجمعة، مثّلت استفتاءً شعبياً على الخطوات التي ستتخذها القيادة اليمنية في الأيام المقبلة، الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، وطالبوا بصدّ أي محاولات سعودية أو عربية للتأثير على القرار اليمني. كما أكدوا الاستعداد لخوض مواجهة مفصلية مع كل حماة إسرائيل في المنطقة، ابتداءً من دول الجوار التي تحاول إيقاف عمليات صنعاء العسكرية الموجّهة ضد الكيان، مستخدمةً أوراق ضغط اقتصادية سبق حسم الخلاف حولها في تفاهمات معلنة وغير معلنة مع الجانب السعودي، قبل تاريخ 7 تشرين الأول الفائت.
وجاء ذلك التفويض، في أعقاب تجاهل السعودية نصائح السيد عبدالملك الحوثي، السابقة بعدم التورّط مع الولايات المتحدة في كسر الحصار الذي يفرضه اليمن على العدو، ومحاولتها استرضاء اليمن بمعالجات لا تعكس رغبة في التراجع عن التصعيد الاقتصادي الأخير الذي طاول البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء، وامتد إلى الطيران المدني، وشمل ابتزاز شركات الاتصالات، وإجراءات أخرى من شأنها أن تضاعف معاناة اليمنيين.
ووجه قائد الثورة تحذيراً أخيرًا للنظام السعودي، داعيًا إياه للكف عن حربه الاقتصادية وتخفيف الحصار على اليمن، وإلا سيتم توجيه ضربات قاسية ضد المنشآت الحيوية في المملكة.
ويرى مراقبون أن على السعودية أن تدرك أن الشعب اليمني والقيادة أوكلوا مهمة الرد على التصعيد الاقتصادي للقوات المسلحة، وتم تأييد خيار الرد العسكري الذي حددت القيادة أهدافه بشكل دقيق، فمعادلة المطار بالمطار والميناء بالميناء والبنك بالبنك في طريقها للتنفيذ، وحتى الآن لا مؤشرات بديلة للتصعيد.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا