«لا» 21 السياسي -
الدورية: أطفئ المحرك، لماذا تتجاوز السرعة القانونية؟
السائق: لألاحق الأحداث.
الدورية: هويتك؟
السائق: من المحيط إلى الخليج.
الدورية: اسمك؟
السائق: سر وطني.
الدورية: أوراق السيارة؟
السائق: سر ميكانيكي.
الدورية: نريد اسمك وأوصافك كاملة!
السائق: سجّل، أنا عربي.
الدورية: العينان؟
السائق: تقدحان شرراً.
الدورية: الأسنان؟
السائق: قاطعة.
الدورية: الأنف؟
السائق: أشم.
الدورية: الجبين؟
السائق: شامخ.
الدورية: الأذنان؟
السائق: موسيقيتان.
الدورية: وجهة السفر؟
السائق: حيث توجد معارك التحرير.
الدورية: مكان الإقامة؟
السائق: حيث توجد معارك استقلال.
الدورية: نريد اسمك وعنوانك واضحاً ليستهدي به ساعي البريد!
السائق: بكل سرور، سجّل، أنا عربي.
الدورية: سجلناه من قبل!
السائق: مرة أخرى أرجوك. إن اعتزازي بعروبتي يستحوذ على كل تفكيري.
الدورية: عظيم. والآن عنوان البيت بالتفصيل؟
السائق: اكتب، أولاً ميدان التحرير، ثم ساحة النصر، ثم شارع عبد الناصر، ثم جادة عبد المنعم رياض، ثم جادة فوزي القاوقجي، ثم مدرسة كفر قاسم، ثم مدرسة بحر البقر، ثم قلعة دير ياسين، ثم نزلة صبرا وشاتيلا، ثم شارع الحرية، ثم ساحة الأحرار، ثم مكتب الطليعة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم المقر الدائم لمؤتمر القمة الإسلامي التاسع عشر، ثم مقر اللجنة التنفيذية لمؤتمر دول عدم الانحياز التاسع والتسعين، ثم مقر اللجنة المشتركة لمنظمة الدول الأفريقية، ثم المقر الدائم للجنة إنقاذ القدس، ثم هيئة التنسيق العليا ليوم الأرض، ثم مكتب مقاطعة «إسرائيل»، ثم مكتب الهيئة العامة لنصرة الشعب الفلسطيني، ثم المقر الدائم لكتاب آسيا وأفريقيا، ثم المقر الدائم لمؤتمر الحوار العربي - الأوروبي، ثم المقر الدائم لجمعية «من الشعب العربي إلى الشعب الأمريكي»، وبعدها نقابة المهندسين العرب، وبعدها نقابة المحامين العرب، وبعدها نقابة المقاولين العرب، وبعدها نقابة المغتربين العرب، وعلى يمينها جادة العبور، وعلى يسارها جادة الكرامة، ثم مصبغة القدس، ثم ملحمة البطولة، ثم بقالة الصمود، ثم فرن الغضب الساطع، وبعده دوار التضامن العربي، وبعده مبولة الشموخ، وبعدها حلاق الكرامة، ثم كاراج العودة، ثم مسرح الشعب الفلسطيني، ثم دار أبو سلمى للنشر، ثم دار الكرمل للتوزيع، ثم معرض التراث الفلسطيني، ثم معرض الفلكلور الفلسطيني، ثم حديقة النسور، ثم نادي الانقضاض، ثم نادي الصواعق، وبعد ذلك جريدة الحائط، ثم جريدة السطح، ثم جريدة النافذة، وفي نهاية الشارع سفارة «إسرائيل».

محمد الماغوط - 
جورج أورويل العربي: عام 1994 - 
سأخون وطني