جريمة بريطانيا في اليمن فضيحة«وطنية»
- تم النشر بواسطة اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا

اليمن بالحبر الغربي -
إذا أردت تكوين فكرة واضحة عن شخصية حزب المحافظين الحديث، وفهم المدى الكامل للضرر الذي أحدثه خلال فترة ولايته الأخيرة، فليس هناك مكان أفضل للبدء به من اليمن. فبحلول أواخر العقد الثاني من الألفية الثانية، كان اليمن مسرحاً لأسوأ كارثة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.
ولم تكن هذه كارثة طبيعية. لقد كانت من صنع الإنسان، وقد تسبب بها حلفاء الحكومة البريطانية بشكل كبير، بمساعدة الحكومة البريطانية. ونادراً ما ظهرت الحرب ودور بريطانيا فيها في الصفحات الأولى. ولكن من حيث التكلفة البشرية الهائلة، فقد كان ذلك أسوأ حلقة في العلاقات الخارجية للمملكة المتحدة منذ غزو العراق عام 2003. ومن ناحية حقوقية، كان ينبغي أن تكون فضيحة وطنية.
في العام 2015، شن تحالف عدد من الدول بقيادة السعودية والإمارات حرباً ضد جماعة متمردة يمنية تعرف باسم الحوثيين، والتي أطاحت بالحكومة المعترف بها دوليا في العام السابق للحرب. ووعد وزير الخارجية البريطاني آنذاك، فيليب هاموند، بأن بريطانيا «ستدعم السعوديين بكل الطرق العملية باستثناء الانخراط في القتال». هذا يعني توفيراً مستمراً للذخيرة والمكونات والدعم اللوجستي والصيانة لأساطيل الطائرات العسكرية البريطانية الصنع، التي تشكل جزءاً رئيسياً من القوات الجوية الملكية السعودية. هذا الإسناد الذي لا غنى عنه أبقى تلك الطائرات قادرة على العمل في سماء اليمن لعدة سنوات. وكانت العواقب مدمرة.
منذ بداية الحرب، قامت جماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الإنسانية وهيئات الأمم المتحدة بجمع أدلة دامغة على «الاستخدام المنهجي والواسع النطاق للغارات الجوية العشوائية» من قبل التحالف الخليجي، بما في ذلك قصف المدارس والمرافق الطبية وحفلات الزفاف والجنازات والأسواق ومساكن المدنيين، والبنية التحتية الأساسية. وتم فرض حصار جوي وبحري عقابي، مما أدى إلى إفقار عامة السكان فيما كان من الواضح أنه حملة عقاب جماعي بالجملة.
في العام 2018، قدرت منظمة «إنقاذ الطفولة» أن ما يصل إلى 85 ألف طفل دون سن الخامسة ربما لقوا حتوفهم بسبب الجوع الشديد في السنوات الثلاث والنصف الأولى من الحرب، مع الإشارة إلى تكتيكات الحرب التي يتبعها التحالف كسبب رئيسي. في العام 2021، قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ما مجموعه 377 ألف حالة وفاة مرتبطة بالصراع بحلول نهاية ذلك العام، مع مقتل 154 ألف شخص بشكل مباشر في أعمال العنف، والباقي بسبب الكارثة الإنسانية التي هي من صنع الإنسان. ووصف أليكس دي وال، وهو خبير بارز في شؤون المجاعة، اليمن بأنه «جريمة المجاعة المميزة لهذا الجيل، وربما هذا القرن»، وأن المسؤولية «تتجاوز الرياض وأبوظبي إلى لندن وواشنطن».
في قلب نظام الدولة الإقليمي هذا تكمن ممالك الخليج الغنية بالوقود الأحفوري. بالنسبة لرؤساء الوزراء البريطانيين المتعاقبين، كانت جائزة الحفاظ على الوضع الراهن في الشرق الأوسط هي التدفق المتواصل لـ«دولارات النفط» الخليجية إلى صناعة الأسلحة البريطانية، وصناعة الخدمات المالية، والاقتصاد البريطاني ككل. بالنسبة للأنظمة الملكية، يعد هذا ثمناً بسيطاً يجب دفعه للاحتفاظ بالعلاقات مع راعيها الإمبراطوري السابق، والحليف الغربي الذي يواصل دعم أمنها، وحتى بقائها. لكن تدفقات البترودولار لا يمكن اعتبارها رهاناً آمناً أو مستداماً لبريطانيا مع ظهور حالة الطوارئ المناخية العالمية.
إن تفضيل حكومة المحافظين المستمر للمصالح الاستراتيجية للدولة البريطانية ورأس المال البريطاني على حقوق وحياة شعوب الشرق الأوسط ساهم بشكل كبير في معاناة لا حصر لها وخسائر في الأرواح، وترك المنطقة في حالة من عدم الاستقرار العميق. ونظرا للأدلة المتاحة، ليس هناك سبب يذكر لتوقع تغيير جوهري من حكومة حزب العمال المقبلة.
كما كان متوقعاً، تم تخفيف التعهد الذي قطعه كير ستارمر عند ترشحه لقيادة الحزب في العام 2020 بـ«وقف بيع الأسلحة إلى السعودية» إلى مجرد «مراجعة الوضع». عندما يقول وزير خارجية الظل، ديفيد لامي: «عليك أن تكون مستعداً للعمل مع شركاء مثل السعودية والإمارات، رغم أن قيمك قد لا تكون متوافقة معهم تماماً»، فهو يكرر حرفياً جملة حزب المحافظين المألوفة في السنوات الـ14 الماضية، وفي الواقع فإن حكومة حزب العمال التي سبقتها؛ هى الحكومة التي باعت للسعوديين في الأصل أسطول طائرات «تايفون»، استخدمت فيما بعد لسحق اليمن.
ديفيد ويرنج - صحيفة «الغارديان» البريطانية
المصدر اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا