«لا» 21 السياسي -
في خطابه الأخير، عرض السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي على الدول العربية التفعيل اليمني لقدراتها العسكرية، قائلاً: «في مقابل عدم تفعيل قدرات الدول العربية لما تمتلكه من إمكانات ضخمة، إمكانات متنوعة، إذا رغبت أي دولة عربية أن نُفَعِّلَ تلك الإمكانيات التي في مخازنها، بدلاً من أن تبقى معرضة للصدأ، أو تُسْتَخْدَم استخداماً خاطئاً في استهداف المسلمين هنا أو هناك، أو استهداف الشعوب، فنحن مستعدّون لتفعيل تلك القدرات ضد العدو الإسرائيلي»، مُسائلاً هذه الأنظمة: «لماذا تتجه بعض البلدان العربية، بعض الحكومات والأنظمة والحكّام، إلى أن يكونوا أكثر خنوعاً وخضوعاً للأمريكيين، وهروباً ليحتموا بهم؟! هذه عقدة شعور بالضعف كبيرة جداً. من يرى نفسه أنه لا يستطيع أن يحمي نفسه إلا بالأمريكي، وأنه لن يطمئن أمام أي تهديد إلا بالاحتماء بالأمريكي، هذا شعور بالعجز، بالضعف».
بالمناسبة، مجلة «إيكونوميست» نشرت مقالاً قبل أيام للإجابة على سؤال/ عنوان المقال: «لماذا تبدو القوات العربية المسلّحة عاجزة؟!».
ومما ورد في المقال:
* «عندما هبّت فرق الدفاع الجويّ العربية للمساعدة في صدّ الهجوم الإيراني على إسرائيل في نيسان/ أبريل، حظيت بإشادة وثناء بالغين، مع العلم أنّ الدول العربية لا تحظى عادة بالثناء على براعتها العسكرية، والكثير منها يتمتّع بسمعة عسكرية سيئة، فقد فشلت هذه الدول في بعض المرات خلال الحروب التي خاضتها مع إسرائيل، وأثبتت عدم جدواها خلال حرب الخليج عام 1991. وفي الآونة الأخيرة، شهدنا فشل التدخل العسكري السعودي في اليمن، رغم الدعم العسكري الأمريكي الهائل لهذه العملية».
* «لا تكمن المشكلة في نقص المال أو العتاد؛ فالإنفاق العسكري المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى مصر والأردن، يتجاوز 120 مليار دولار أمريكي سنوياً (أنفقت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو نحو 380 مليار دولار أمريكي عام 2023). ويمكن لهذه الدول العربية معاً حشد 944 ألف جنديّ و4800 دبابة و1000 طائرة مقاتلة. وتُعدّ كل من مصر والأردن من أكبر الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية، مع حصولهما على نحو 1.7 مليار دولار أمريكي سنوياً في ما بينهما».
* «يتم التعامل مع الجيوش العربية كحراس إمبراطوريين، فالحرس الوطني السعودي البالغ عدده 130 ألف جندي يؤدي دور الحارس الشخصي للأسرة الحاكمة. وفي مصر، يدير الجيش إمبراطورية تجارية ضخمة تعمل في كل المجالات، بدءاً من المنتجعات السياحية وصولاً إلى شركات البناء».* «قليلون (من الزعماء العرب) هم من يتصوّرون خوض حرب مع دولة أخرى من دون دعم أمريكي. ولا تزال دول الخليج تعتمد إلى حدّ كبير على قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الأمريكية ومراكز القيادة والسيطرة ومنصات التزود بالوقود التابعة لها في المنطقة، فضلاً عن سعي السعوديين المستميت لإبرام اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة»(أ هـ)‍.
بالعودة إلى عرض السيد المشار إليه أعلاه فها هو في الخطاب نفسه يضع لهذه الأنظمة بعض الخطوط العريضة لمعالجات عاجلة لذلك العجز الذي تساءلت عن أسبابه مجلة «إيكونوميست». يقول السيد: «بعض البلدان قد تتصور نفسها أنها بلدان قويّة ومتمكنة، فليس عندها فكرة صحيحة ونظرة صحيحة في كيف تكون في مستوى حماية نفسها، من خلال انتهاج سياسات صحيحة في محيطها العربي والإسلامي، بدلاً من السياسات العدوانية والسلبية، ومن خلال بناء قدراتها، وبناء قدراتها في ظل علاقة إيجابية مع الأمة الإسلامية على المستوى الاقتصادي وغيره. هذا الذي يفيد أبناء أمتنا، بدلاً من الارتهان أكثر والخضوع أكثر للأمريكي».