تقرير / لا ميديا -
تحركات مشبوهة وسرية لقوات الاحتلال الإماراتي في أرخبيل سقطرى المحتل زادت وتيرتها بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي والضربة الموجعة التي تلقاها الكيان الصهيوني على يد المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى وما تلى العملية من عدوان وحشي على قطاع غزة مازال مستمرا حتى اليوم. في هذه الأثناء وفيما أنظار العالم كله متوجهة لما يحدث في غزة من جرائم وفظائع على يد آلة القتل الصهيونية، تشرع إمارات التطبيع بتحركات سرية مع ذلك الكيان في أرخبيل سقطرى الذي تحتله قواتها لتقوم باستحداثات جديدة في قواعد عسكرية أنشأتها هناك وتنقل إليها معدات عبر سفن مجهولة.
تطورات متسارعة وسفن مجهولة وإمدادات لا تتوقف لقاعدة تابعة لقوات الاحتلال الإماراتي على جزيرة عبد الكوري في أرخبيل سقطرى المحتل، ذاك ما كشفت عنه منصة "إيكاد" للاستخبارات في تقرير لها نشرته مساء أمس على صفحتها في منصة إكس، تحدثت فيه عن استحداث لسان بحري ومهبط لطائرات الهيلوكبتر وتوسيع مبان وإنشاء أخرى، وسلطت الضوء على أهمية تلك التطورات وسر توقيتها، وسياقها في العدوان على قطاع غزة، خصوصا وأنها متزامنة مع تطورات في قواعد إماراتية أخرى بالمنطقة، ما قد يجعلها "جزءًا من تكامل عسكري استخباراتي، يشمل القواعد الإماراتية والغربية المطلة على خليج عدن وباب المندب، مثل قاعدة الريان وميون والمخا".
وقالت إيكاد في تحقيقها إنها رصدت تطورات متسارعة في القاعدة الإماراتية في جزيرة عبد الكوري اليمنية؛ إحدى جزر أرخبيل سقطرى المحتل، وذلك منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بالتحديد حيث كثفت قوات الاحتلال الإماراتي من نشاطها وتحركاتها المشبوهة في الأرخبيل، وتحديدًا في قاعدتها العسكرية بعبد الكوري، وقامت باستحداثات هناك شملت إزالة اللسانَين البحريين من شمال الجزيرة (المكشوفَين لهجمات القوات اليمنية)، ووضع لسان آخر جديد في جنوبها، واستحداث برج اتصالات، وزيادة طول المدرج، وكثافة الإمدادات البحرية بشكل غير مسبوق منذ العمل على هذه القاعدة قبل عامين.
وأوضحت: "في البداية رصدنا وجود سفينة مجهولة بخلاف "تكريم" في محيط الجزيرة محمّلة بشاحنات وإمدادات نرجّح أنها لتسريع البناء في الجزيرة وقاعدتها" مشيرة إلى أنه "بتتبع مسار السفينة وجدنا أنها قامت برحلة متشابكة قبل وصولها إلى عبد الكوري. فقد انطلقت من ميناء زايد في أبوظبي يوم 21 كانون الأول/ ديسمبر 2023، ووصلت جزيرة سقطرى اليمنية في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023، لتمكث بها حتى يوم 7 كانون الثاني/ يناير 2024. وفي اليوم التالي اتجهت غربًا نحو جزيرة "عبد الكوري" ورست فيها حتى 11 يناير، وفي 13 كانون الثاني عادت لجزيرة سقطرى وخرجت منها يوم 18 كانون الثاني، ثم واصلت مسيرها نحو الإمارات".
وأفادت بأن طرف الخيط في التحقيق كان هو رصد السفينة "Takreem -تكريم" التي تحمل العلم الإماراتي، وهي راسية على شواطئ جزيرة عبد الكوري، مضيفة أن "السفينة من نوع سفن الإنزال البحرية تُستخدم لنقل الجنود والمعدات والمركبات، وسبق أن شاركت في بناء المدرج العسكري في جزيرة عبد الكوري وكذلك في تطويرات قاعدة المخا في تشرين الأول/ أكتوبر 2021".
وتابعت إيكاد: "أما التطورات في الجزيرة فتمثلت في ظهور لسان بحري جديد جنوب الجزيرة، طوله نحو 120 مترًا، اتضح أن عملية بنائه تزامنت مع أحداث طوفان الأقصى، وفي ذات الوقت تم إزالة اللسانين القديمين الموجودين شمال الجزيرة"، منوهة الى أنها رصدت أيضا تطورات جديدة في الجزيرة منها زيادة طول المدرج الرئيسي للقاعدة بنحو 120 مترًا، ليصبح طوله 3 كم، أي أنه بات قادرًا على استيعاب طائرات الشحن العسكري الأمريكية الأكبر من طراز "C-5M Super Galaxy" وقاذفات "B1" الأمريكية الاستراتيجية، وظهر أيضًا في مصف هذا المدرج 4 أبنية جديدة، وكذا ظهور مهبط مروحيات جديد شمال مدرج القاعدة".
وأكد أنه "بتحليل التطورات في صور الأقمار الصناعية للقاعدة يوم 5 كانون الثاني/ يناير، وجدنا أنها كشفت عن قُرب انتهاء تشييد مبان خاصة في موقعَين شرق الجزيرة ووسطها. الأول: عبارة عن مساكن جديدة وسط الجزيرة، محاطة بالشاحنات والمعدات الخاصة بأعمال البناء، وكذلك خيام العمال. والثاني: يقع شمال شرق تلك المساكن، وهو عبارة عن أبنية جديدة على بعد 2.5 كم تقريبًا من مدرج القاعدة الرئيسي".
‏وأفاد تحقيق إيكاد بأن "هذه المساكن (خاصة التي تسارع بناؤها بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر) يرجّح أنها شُيدت لهدفين: الأول: أنها ربما تُستخدم -ولو جزئيًا- كمساكن للعمال القائمين على بناء القاعدة وتطويرها، خاصةً أننا رصدنا وجود طرق ترابية مؤدية لهذه المساكن من جهة القاعدة العسكرية المُستحدثة. والثاني: أنها قد تكون خُصصت لسكان الجزيرة الأصليين، الذين قالت مصادر يمنية إن الإمارات حاولت تقديم عروض ثمينة لهم لترك الجزيرة، حسب المصادر. وهو الأسلوب ذاته الذي اتبعته الإمارات مع سكان جزيرة سقطرى؛ إذ ذكر موقع "إندبندنت" أن أبوظبي استحدثت بعض المرافق الطبية والخدمية لكسب السكان هناك".
وأشارت المنصة إلى أنه "بعد رصد تلك التطورات كان لا بُد أن نبحث ونتقصى عن الأسباب التي دفعت الإمارات للقيام بمثل تلك التطورات، وما سر توقيتها"، خالصة إلى أن التطورات تخدم أبوظبي من شقين: الأول: "في كون الجزيرة مركزًا ملاحيًا اقتصاديًا يتمتع بموقع مميز في سواحل اليمن والقرن الإفريقي. والثاني: أنها تخدم تكاملها العسكري الدفاعي الاستراتيجي مع قواعد عسكرية أخرى توجد بها قوات أمريكية، مثل قاعدة الريان جنوب اليمن، وقواعد عملت الإمارات على تطويرها وبنائها خلال الأعوام القليلة الماضية، مثل قاعدة ميون عند بوابة باب المندب، وقاعدة المخا المطلة على البحر الأحمر. كما أن التطورات تزامنت مع التحديثات الأخرى التي رصدناها في القواعد الإماراتية في بربرة وبصاصو في الصومال، والتي أشارت أنباء سابقة إلى وجود خبراء عسكريين أمريكيين بها، ما يزيد من فكرة أنها تطورت لتحقيق التكامل العسكري الغربي حول باب المندب".
وأضافت إيكاد أنه بحسب المعطيات فإن تلك التطورات قد تجعل من الكيان الصهيوني مستفيدا منها خصوصا وأن هناك تعاونا وثيقا بين الكيانين الإماراتي والصهيوني على التخطيط لإنشاء قاعدة في جزيرة سقطرى -التي تعد عبد الكوري امتدادًا جغرافيًا وأمنيًا لها- مثلما تحدثت عن ذلك مواقع إخبارية كموقع "إنتليجينس أونلاين" الفرنسي، حيث أكد في 9 سبتمبر 2020، وصول ضباط من المخابرات الإماراتية والإسرائيلية إلى جزيرة سقطرى، في نهاية آب/ أغسطس 2020. وأوضح حينها أن ما يسمى المجلس الانتقالي "تعرض لضغوط من الإمارات للموافقة على إنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية"، وكذا التقرير الذي نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية "ISPI" في نوفمبر 2023، والذي يفيد بأن "سقطرى تضم قاعدة استخباراتية إماراتية بالتعاون مع إسرائيل، يمكن أن تنشر بها أجهزة استشعار إسرائيلية الصنع لمواجهة الصواريخ والمسيّرات".