المُحنـــط والمُنحـــط
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
رجح الكاتب الأمريكي دانيال لاريسون أن يتجاهل بنيامين نتنياهو دعوات جو بايدن بشأن ضرورة حماية المدنيين خلال هجوم وشيك على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، معتبرا أن ما يتردد في الإعلام الأمريكي عن إحباط بايدن من نتنياهو هو مجرد «حديث للاستهلاك المحلي».
لاريسون لفت في تحليل بموقع «ريسبونسبل ستيتكرافت» الأمريكي (Responsible Statecraft) إلى أن «إسرائيل تستعد لشن هجوم بري على رفح مع دخول حملتها العسكرية المدمرة شهرها الخامس».
و»أصدرت إدارة بايدن تحذيرا شكليا مفاده أن العملية لا ينبغي تنفيذها دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص لجؤوا إلى هناك. لكن هذا التحذير، مثل التحذيرات التي سبقته، ليس له أي معنى؛ فلا يوجد سبب للاعتقاد بأنه ستكون هناك أي عواقب إذا تجاهل نتنياهو ذلك»، كما زاد لاريسون.
لاريسون قال إنه «في كل مرحلة من مراحل الحرب، حثت الإدارة الأمريكية الحكومة الإسرائيلية على الالتزام بالقانون الدولي وحماية المدنيين، لكن القوات الإسرائيلية شنت واحدة من أكثر الحملات تدميرا في القرن الحادي والعشرين، ما أسفر عنه عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في أربعة أشهر فقط».
وتابع لاريسون: «وحتى في بعض التقارير نفسها، يقول مسؤولو الإدارة إن الرئيس ومستشاريه ما زالوا يعتقدون أن نهجه المتمثل في دعم إسرائيل بشكل لا لبس فيه هو النهج الصحيح».
وأضاف أن «الدعم الأمريكي غير المشروط للحرب أدى إلى تمكين حملة متواصلة من التطهير العرقي. وبينما تستمر إدارة بايدن في القول إنه يجب السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم، فقد دمر الجيش الإسرائيلي البنية التحتية والمساكن بشكل كامل في معظم أنحاء غزة، بحيث لا يوجد شيء يمكن للناس العودة إليه لاحقا».
وهكذا تستمر وتستمرئ واشنطن ممارسة الألاعيب وإن كانت فاضحة ومفضوحة تكشف حقيقة صهاينة العاصمة الإنجلوساكسونية وسعيهم للإبادة الجماعية ثم التهجير لمن ينجو من محرقة القرن الواحد والعشرين ومحاولاتهم المستميتة في جبر الضرر الذي سببه طوفان الأقصى للأمن القومي والعقيدة الصهيونية الأمريكية الإسرائيلية.
وحتى لا يقال بأنّا نلقي الكلام على عواهنه -خاصة مع موجة التصريحات الشيطانية المراوغة بشأن اجتياح رفح- فعلى سبيل تأكيد ما ورد أعلاه فإن المحنط بايدن لم يُظهر مثلاً أي استعداد لاستخدام أقوى أداة في ترسانته وهي تعطيل مبيعات الأسلحة المرسلة إلى الكيان الإسرائيلي، ولجأ بدلاً من ذلك إلى التصريحات والضغط الخطابي للاستعراض عن عدم رضاه عن سلوك المنحط نتنياهو.
وقال بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في مركز أبحاث «معهد الشرق الأوسط» الأمريكي، إن التصريحات العامة لإدارة بايدن حتى الآن ليس لها تأثير يذكر في دفع نتنياهو إلى إعداد استراتيجية خروج من غزة ولا الموافقة على الهدف المعلن لإدارة بايدن بالمضي في محادثات لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب كيان دولة الاحتلال.
كل ما في الأمر أن المحنط يخشى أصوات المسلمين في الانتخابات، بينما المنحط يريد الاحتفاظ بدعم حلفائه من أشباهه المتطرفين (وإن كانت كل النخب الصهيونية متطرفة أصلاً).
وقال كاتوليس إن «تسريب رسائل السخط والاستنكار يختلف عن إجراء تحول ملموس في السياسات الأمريكية».
إنها لعبة ملعونة يتبادل المحنط والمنحط فيها أدوار القفز على حبال الوحشية واقعاً والدبلوماسية افتراضاً، ولا عزاء للأغبياء.
المصدر «لا» 21 السياسي