السياسي السوري الكردي عبدالعزيز الحسين في حوار مع «لا»:العدوان الأمريكي في سورية والعراق يقرب لحظة المعركة المفتوحة
- تم النشر بواسطة أحمد رفعت يوسف / لا ميديا
دمشق - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
تقع المنطقة الشمالية الشرقية من سورية، بمعظمها في محافظة الحسكة، وأجزاء من دير الزور، والرقة، وشمال حلب، وتجاور العراق وتركيا.
الوضع في هذه المنطقة معقد جداً، فهي تشكل خزان الثروات الاستراتيجية لسورية، وخاصة البترول والغاز، والقمح والقطن، والثروة الحيوانية.
وهي منطقة متنوعة، تشمل معظم المكونات والشرائح القومية والدينية والقبلية الموجودة في سورية، من مسلمين ومسيحيين، من العرب، والأكراد، والآشوريين، والسريان، والكلدان، واليزيديين، والتركمان، والأرمن، وغيرهم، إضافة إلى القبائل والعشائر العربية، التي لها امتداداتها في العراق، وشبه الجزيرة العربية.
ويوجد فيها كل الدول والقوى الموجودة في سورية، حيث الدولة السورية، والجيش السوري، والأمريكيون وأعوانهم وخاصة من «قسد»، الذين يسيطرون على معظم المنطقة، إضافة إلى فصائل إرهابية، تعمل بإدارتهم وإمرتهم، مثل داعش، ومغاوير الثورة، إضافة إلى الأتراك، ومعهم فصائل إرهابية مسلحة تعمل بإدارتهم وإمرتهم، مثل جبهة النصرة، وما يسمى الجيش الوطني، والإيغور الصينيين، والشيشان والقوقازيين الروس، كما يتواجد الروس والإيرانيون، والعديد من فصائل المقاومة.
لا نبالغ إذا قلنا بأن من يحسم السيطرة على تلك المنطقة، سيكون المؤشر، على أنه ستكون له اليد العليا في كامل منطقة شرق المتوسط والعراق، وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية.
للوقوف على بعض تفاصيل هذه الصورة، وما يجري فيها، التقينا الأستاذ عبدالعزيز الحسين (أبو زويا) وهو أحد الشخصيات الوطنية السورية الكردية، والمنتمي سياسيا إلى الحزب الشيوعي السوري، ويعتبر من حيث السن أقدم سياسي سوري في المنطقة، ومعروف بخطه المؤيد للدولة السورية وتوجهاتها الوطنية والقومية.
ضد الاحتلال
أستاذ عبدالعزيز.. أنت ناشط وطني سوري كردي، ولك علاقات جيدة مع العديد من قادة «قسد».. وعضو في مجلس مدينة الحسكة، عن منطقة القامشلي، ومعروف عنك موقفك الوطني المؤيد للدولة السورية.. أين تضع نفسك وسط هذه الانتماءات؟
نعم أعتز بأنني ناشط سياسي وطني كردي سوري، وقيادي سابق في الحزب الشيوعي السوري، ولي علاقات جيدة مع العديد من قيادات الإخوة في «قسد»، بحكم أنني سياسي قديم في محافظة الحسكة، لأكثر من ستين عاما، وبحكم أننا أبناء محافظة واحدة، والعديد منهم كانوا سابقا أصدقاء لحزبنا الشيوعي السوري، وبالرغم من الكثير من التباينات السياسية بيننا، وخاصة الموقف من التواجد والاحتلال الأمريكي في سورية، مع العلم هناك الكثير من التصريحات لقادة منهم، ينتقدون الموقف الأمريكي، حول القصف الأمريكي المتواصل، على المناطق المتاخمة على الحدود التركية، من قبل الاحتلال الأردوغاني، والسكوت الأمريكي، والجميع يؤكد أن العدوان التركي يتم بموافقة أمريكية.
وأنا عضو في مجلس محافظة الحسكة، العائد للحكومة السورية، طبعا نحن مع الدولة السورية، وخاصة في السياسة الخارجية، وأقصد ضد الاحتلال الأمريكي التركي، ومع كل موقف أو مقاومة ضد هذا الاحتلال، وتطهير كل الأراضي السورية، من الاحتلال الأمريكي والتركي والإسرائيلي، وضد نهب الثروات الوطنية، وضرورة إعادة هذه الثروة إلى الشعب السوري، وإلغاء كل القواعد الأمريكية والتركية، على الأراضي السورية، وطبيعي أن يكون لي الكثير من الملاحظات والانتقادات، على السياسة الداخلية، وخاصة في الميدان الاقتصادي، كالغلاء، والبطالة، والفساد، وضرورة تطهير الأجهزة من هؤلاء الفاسدين، والاعتماد على الوطنيين الشرفاء الأكفاء، بدون تمييز، ومن مختلف المكونات السورية، وضرورة تعزيز الديمقراطية السياسية، والاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
خطأ «قسد»
برأيك أين أخطأ قادة «قسد» وأين أصابوا؟ وماذا تقول لهم عندما تلتقي بهم؟
نعم ألتقيهم أحيانا، أو من خلال لقاءاتي مع بعض الفضائيات أو الجهات الإعلامية، أقول لهم: وجودكم مع الأمريكان خطأ، ولا يمكن أن يكون الأمريكان يوما ما مع قضية أي شعب في المنطقة، وفي العالم، ولا يمكن أن يكونوا يوما ما مع قضية الشعب الكردي، وكما هو معروف، المخابرات الأمريكية، إلى جانب المخابرات التركية، أسهموا باختطاف القائد عبدالله أوجلان، الذي كان صديقا للشعب السوري، وكان صديقا للقيادة السورية، وخاصة الرئيس الراحل حافظ الأسد -رحمه الله- وكان يلاقي كل الدعم من القيادة السورية، وهم يبررون تواجدهم مع الأمريكان، لمواجهة العدوان التركي، ويقولون إن الدولة السورية لا تعترف بالإدارة الذاتية، وهم يؤكدون دوما، أثناء اللقاءات معهم، نحن لسنا انفصاليين، ومع الوحدة السورية، ولكننا نريد إدارة ذاتية.
طبعا موقفي أثناء النقاش معهم، عليكم التلاحم مع الجيش السوري، ومع الحلفاء، روسيا الاتحادية، وإيران الإسلامية، لمواجهة العدوان التركي الأمريكي الإسرائيلي، وطردهم من كل الأراضي السورية، وإلغاء كل القواعد الأمريكية التركية، ومن ثم الدعوة إلى مؤتمر وطني عام، يحضره كل القوى الوطنية الصادقة، ومن مختلف المكونات القومية والدينية والسياسية، ويعقد بدمشق، لبحث قضايا الدستور، وتعزيز الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على قوى الفساد، وتأمين الحقوق للقوميات الموجودة، كالكرد، والآشور، وغيرهم، ضمن وحدة وسيادة الوطن، وبعيدا عن التدخل الأمريكي الأردوغاني، ولكنهم يؤكدون على الإدارة الذاتية، أيضا ضمن وحدة وسيادة الوطن، ومن هنا أختلف معهم، وأؤكد لهم أن أي خلاف بينكم وبين الدولة السورية، ومع روسيا وإيران، ليس لمصلحة الشعب السوري عامة، والكردي خاصة، وأن الأمريكان سينسحبون آجلا أم عاجلا.
المهمة الأساسية
«قسد» طرحت مشروع عقد وطني، ولقي رفضا من معظم مكونات الشعب السوري، بما فيها فصائل وأحزاب معارضة.. ما هو مصير هذا المشروع في ضوء هذا الرفض؟
الآن هناك أجزاء من الوطن محتلة، وهناك إرهاب، وهناك عدوان أمريكي إسرائيلي وأردوغاني، بشكل يومي على الوطن، أرى أن المهمة الأساسية الآن، طرد الاحتلال وإعادة الثروات.. ومن خلال مؤتمر وطني يعقد بدمشق، تبحث هذه الأمور كلها، وخاصة الدستور، والديمقراطية، واللامركزية، والعدالة الاجتماعية، وتأمين الحقوق للقوميات، كالكرد مثلا.
مخطط أمريكي تركي
ماذا يجري بين العشائر «قسد»؟ هل هو خلاف على الموارد؟ أم لاختلاف في الرؤية للوضع في سورية والمنطقة؟ أم ان هناك أسبابا أخرى..؟ ومن يقف وراء القتال بينهم؟
لا شك لأردوغان والأمريكان، الدور الكبير في هذه الصراعات، أردوغان يريد الضغط على «قسد» من جهة، وعلى الدولة السورية من جهة أخرى، والأمريكان يريدون الضغط على «قسد» أكثر، لتلبية مطالبهم، وخاصة التحالف مع المجلس الوطني الكردي، المتحالفين مع البرزاني، و»قسد» يعرقل ويرفض هذه المساعي الأمريكية، ويحاول الأمريكان إيجاد عشائر عربية إلى جانبهم، لإرضاء الأتراك، ومن الخطأ أن يتحالف «قسد» مع الأمريكان ضد سورية، بل المطلوب العكس، وهو التحالف مع المتحالفين مع سورية، ضد الاحتلال الأمريكي الأردوغاني.
لا شك الذي يلعب الدور الأساسي في الاقتتال بين العشائر، في الرقة، أو دير الزور، أو الحسكة، و»قسد» هم المخابرات التركية والأمريكية، لأن من مصلحتهم، بالرغم من التحالف بين «قسد» والأمريكان، إضعاف الدولة السورية، وأيضا «قسد»، لأن الطرفين ضد الأتراك.
طبعا الأمريكان دوما يبحثون عن قوى عربية معهم من العشائر، للضغط على «قسد» أكثر، ولإرضاء أردوغان بنفس الوقت، لأنهم بالنهاية في تحالف استراتيجي بينهم.
تحالف وطني ضد الإرهاب
بسبب عمليات المقاومة ضد الأمريكيين، هناك من يخشى من افتعال أمريكي لأحداث تؤدي إلى هروب عناصر «داعش»، وخاصة في غويران والهول.. هل تتوقع مثل هذا الأمر؟
ليس غريبا أبدا أن يقوم الأمريكان وأردوغان بقصف السجون، التي فيها قوى الإرهاب، لخلق الفوضى، وإعادة الإرهاب من جديد إلى سورية، ويستهدف أردوغان أيضا ضرب «قسد»، والحل هو بتحالف كل المكونات السورية، ضد الاحتلال الأمريكي التركي، وضد قوى الإرهاب.
قبل فوات الأوان
كل الدلائل تؤكد أن الأمريكي سينسحب من سورية والعراق.. وسط هذه الأجواء، ماذا تقول لقادة «قسد»، وماذا تطلب من القيادة السورية؟
طبعا أنا مع كل مقاومة وطنية، ضد الوجود الأمريكي والتركي، وتحرير الأرض، وأرى أنها المهمة الأساسية أمام الشعب السوري، ولا أرى من المفيد إطلاقا، التحالف أو التقارب مع الأمريكان، من قبل الإخوة في «قسد»، أو الدخول في خلافات مع الدولة السورية، أو في تحالفات مع الأمريكان، ضد الدولة السورية.
نعم وهذا لا شك فيه، أن الأمريكيين سينسحبون من سورية، عاجلا أم آجلا، والإخوة في «قسد» يعلمون ذلك جيدا، ولذا عليهم التخلي عن الأمريكان سريعا، والتلاحم مع الجيش السوري، قبل فوات الأوان، وإلا الضريبة ستكون كبيرة.
وهم يقولون نعم، الأمريكان سينسحبون، ولكن لا خيار أمامنا غير ذلك، لأن القيادة السورية لا تعترف بالإدارة الذاتية.
المصدر أحمد رفعت يوسف / لا ميديا