
تقرير / لا ميديا -
أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن "أنصار الله" في اليمن، فرضوا أنفسهم في ما وصفته بـ"اللعبة الإقليمية" نتيجة خوضهم الحرب ضد الكيان الصهيوني انتصاراً للشعب الفلسطيني، وما رافق ذلك من تطورات أدت إلى تورط أمريكا وبريطانيا في شن عدوان على اليمن، في محاولة لثني القوات المسلحة اليمنية عن مواصلة إجراءاتها بمنع السفن الصهيونية وتلك المتجهة إلى موانئ الاحتلال من المرور في البحرين الأحمر والعربي، حتى يتوقف العدوان والحصار على غزة.
وقالت الصحيفة الفرنسية، في تحقيق مطول لها، إن "جماعة الحوثيين اليمنية، التي تسيطر الآن على الجزء الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، فرضت نفسها في اللعبة الإقليمية بفضل الحرب بين إسرائيل وحماس". موضحة أن العمليات التي تنفذها القوات البحرية اليمنية ضد السفن الصهيونية، تمثل تحدياً للولايات المتحدة، وكشفت، أيضاً، قدرة اليمن على إلحاق الضرر "حيث استهدفت الهجمات التي شنها الحوثيون من الساحل اليمني البعيد في البداية ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، وتوسيع نطاق ضرباتهم لتشمل سفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل".
وأشارت إلى أن العدوان العسكري الأمريكي والبريطاني في 11 و12 يناير/كانون الثاني الجاري، على اليمن "يثير الآن شبح زعزعة استقرار التجارة العالمية بسبب الشلل المحتمل لطريق الشحن الرئيسي في البحر الأحمر".
وتأكيداً للنظرة القاصرة التي دأبت دول الاستكبار العالمي على التعامل بها مع اليمن طوال عقود سابقة، قالت الصحيفة: "لم يتوقع أحد هذا التهديد، فاليمن، البلد الذي يقوضه الفقر وأضعفته الصراعات الداخلية، لم يُعتبر قط لاعباً جيوسياسياً رئيسياً. لقد أهمل الجميع صعود الحوثيين، الذين كان يُنظر إليهم حتى وقت قريب على أنهم متمردون ذوو طموحات وطنية، ونطاق ترسانتهم وقدرتهم على التسبب في الضرر محدودين". مضيفة: "ففي غضون أيام قليلة، أصبح الحوثيون أبطالاً أساسيين في الشرق الأوسط".
الصحيفة الفرنسية وصفت "أنصار الله" بأنهم "أسياد العاصمة صنعاء بلا منازع" وأنهم يسيطرون على الجزء الأكثر سكاناً في اليمن، وأنهم "الكتلة المتماسكة على المستويين السياسي والديني"، بينما وصفت ذات الصحيفة، حكومة المرتزقة الموالية للسعودية والإمارات بأنها "الوجه الهزيل لمجموعة غير متجانسة، تضم جهات تحركها مصالح متنوعة، بل وحتى شخصية، داخل مجلس إدارة رئاسي".
واعتبرت "لوموند" أن "الهجمات التي نفّذها الحوثيون في البحر الأحمر تُظهر استخدام أسلحة متطورة بشكل متزايد"، مشيرة إلى أنه "في غضون سنوات قليلة فقط، حصل الحوثيون في اليمن على ترسانة متنوعة بشكل ملحوظ من الأسلحة المضادة للسفن، بما في ذلك صواريخ كروز والصواريخ الباليستية".
وفيما زعمت الصحيفة الفرنسية أن إيران هي من تقف وراء توفير تلك الأسلحة، إلا أنها أكدت أنه "من الضروري قراءة استراتيجية الحوثيين في السياق اليمني، خاصة مع تحديد مستقبل الحركة كقوة مهيمنة".
المنطق المعيب لتصنيف الحوثيين على أنهم إرهابيون
من جهتها أكدت صحيفة "ذا إنترسبت" الأمريكية، في تقرير لها أمس، أن التصعيد الأمريكي ضد اليمن وحركة أنصار الله، لا يحقق الاستقرار الإقليمي ولا يعزز المصداقية الأمريكية.
وتحت عنوان "المنطق المعيب لتصنيف الحوثيين على أنهم إرهابيون" قالت الصحيفة: "أعادت حكومة الولايات المتحدة تصنيف حركة الحوثيين (أنصار الله) ومقرها اليمن كمجموعة إرهابية عالمية محددة في 17 يناير/كانون الثاني. ويمثل القرار جهداً مفككاً آخر لوقف هجمات الحوثيين على الشحن البحري عبر البحر الأحمر والبحر الأحمر؛ مضيق باب المندب".
وأوضحت الصحيفة أن "ضربات الحوثيين تستمر منذ نوفمبر 2023م، تعبيراً عن تضامنهم مع الفلسطينيين المحاصرين من قبل إسرائيل". مشيرة إلى أنه "بينما يأمل فريق بايدن أن تؤدي خطوته إلى ردع الحوثيين عن مواصلة هذه الهجمات، فإن الواقع أكثر قتامة، وسوف تفشل إدارة بايدن في وقف الهجمات على البحر الأحمر، بينما تزيد من عرقلة الشحن الدولي وتنذر بحرب إقليمية أوسع نطاقاً".
الصحيفة ذاتها أفادت أن الواقع يؤكد أن "واشنطن تساوم على حياة اليمنيين ورفاههم مع مصالحها الجيوسياسية الإقليمية، وتحديداً الدفاع عن إسرائيل بأي ثمن". مضيفة: "والأسوأ من ذلك أن الضربات الأمريكية على الحوثيين أدت إلى زيادة المخاوف المتعلقة بالشحن الدولي، والتي تدعي واشنطن أنها تدافع عنها من أجل الاستقرار الإقليمي".
وتابعت: في نهاية المطاف، التصعيد الأميركي لا يحقق الاستقرار ولا يعزز المصداقية الأميركية. وبدلا من ذلك، يعكس قرار فرض عقوبات على الحوثيين سلسلة من الإجراءات غير المحسوبة طويلة الأمد والتي تحدد طبيعة التدخل الأمريكي في جميع أنحاء العالم. وتأمل إدارة بايدن في استعادة مصداقيتها دوليا من خلال الدفاع عن الشحن الدولي، متجاهلة تماما حقيقة أن جهودها تتناقض بطبيعتها مع مثل هذه الأهداف لأنها لن تحقق تأثيرها المقصود وتفشل في الإجابة على سؤال أساسي: "كيف ينتهي هذا؟".
وأكدت صحيفة "ذا إنترسبت" أن "الحوثيين اكتسبوا شعبية أكبر وحاصروا واشنطن فعلياً" وأنه ينبغي على الولايات المتحدة "بدلاً من الاستمرار في السياسات الإقليمية الفاشلة، أن تفكر في الإجراء الوحيد الواضح الذي سينهي هجمات الحوثيين وهو وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهذا من شأنه أن يحل مشاكل متعددة تواجه السياسة الخارجية الأمريكية اليوم، إذا أظهرت إدارة بايدن قيادة حقيقية من خلال الضغط على إسرائيل".
المصدر موقع ( لا ) الإخباري