«لا» 21 السياسي -
«من الواضح أن الأنظمة العربية، ونعني أكثرها، تفقد الجدية وإرادة التحرك الجاد تجاه ما يجري في غزة، في فلسطين، ولو بالحد الأدنى. ولذلك حتى مع القمة الأخيرة، التي هي عنوان قمة طارئة عربية إسلامية، 57 دولة لم تخرج بأي موقف أو إجراء عملي، وهذا أمر محزن، وأمر مخزن. قمة يقولون عنها إنها تمثل كل المسلمين، المليار ونصف المليار مسلم، تمثل 57 بلداً عربياً وإسلامياً، وتخرج فقط ببيان فيه مطالبة كلامية، بدون أي مواقف عملية. هل هذه هي قدرات 57 بلداً عربياً ومسلماً؟! هذه قدرة وإمكانات أكثر من مليار ونصف مليار مسلم؟! يخرجون ببيان يمكن أن يخرج من مدرسة ابتدائية، ليس هناك أي إجراء عملي، بل عندما تقدمت بعض الدول، مثل الجزائر، بمقترح لصيغة أفضل وأقوى تتضمن بعض الخطوات العملية، رفضت بعض الدول، وفي مقدمتها السعودية، رفضت ذلك، ليكون كل ما تخرج به تلك القمة من ذلك الاجتماع هو بيان عادي جداً سخِر منه الصهيوني ولم يبالِ به، ورأى فيه أنه يراعيه».
«وصل الحال أن بعض الدول العربية لا تكتفي بالتخاذل، وإنما لها تواطؤ من تحت الطاولة، وبالاتفاق مع الأمريكي، على أن يفعل الصهيوني ما يريد في غزة وإخراجها من سيطرة المجاهدين لتبقى تحت السيطرة الصهيونية المباشرة. هناك تواطؤ من بعض الدول العربية، وهناك دور سيئ في إعلامها، لا يناصر الشعب الفلسطيني في غزة، دور سلبي واضح».
هكذا يشخص السيد القائد واقع النظام الرسمي العربي والإسلامي. نعم، وسيُدوّن التاريخ أنه بعد أكثر من 35 يوماً من الإبادة دعا «القادة» إلى اجتماع «طارئ»! و«مستعجل» أيضا، لينجدوا ويلبوا صريخ تلك السيدة الفلسطينية الخارجة من تحت أنقاض بيتها وهي تصرخ: وينكم يا عرب؟!، ببيان»!!
يقول آشر أوركابي، في مقال نشرته مجلة «ناشيونال انترست» بعنوان «إعلان الحوثيين الحرب»، إن الحكام العرب منذ خمسينيات القرن الماضي ظلوا يرددون الخطاب المناهض لـ«إسرائيل» دون أن يفعلوا شيئاً، حتى جاءت جهات فاعلة متشددة غير حكومية في جميع أنحاء المنطقة، لتحل محل الخطاب المناهض لـ«إسرائيل» بالعنف ضد «دولة إسرائيل».
القرارات التي تضمنها بيان الرياض احتوت 31 بنداً، بينها بندان يتحدثان عن حل سياسي مستقبلي: البند (28) يشدد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن على جميع الفصائل الفلسطينية الأُخرى التوحد ضمن إطارها، والبند (30) يدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في «وقت قريب». ومعنى ذلك أن «حماس» وفصائل المقاومة الأُخرى لا تمثل الفلسطينيين. صحيح أن هذا البند ليس جديداً، وسبق أن اتُّخذ قبل 50 عاماً؛ لكن في الوقت الذي تخوض فيه «حماس» حرباً ضد الكيان الصهيوني، فإن هذا البند يبدو مهماً؛ لأنه يتجاهل وجودها.
وبحسب يوئيل جوزانسكي وإيلان زلايات في تحليل بـ«معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي» (INSS)، فقد «استغل ابن سلمان هذه المناسبة (القمة) لتسليط الضوء على مكانة المملكة المتجددة واهتمامها بقيادة العالم العربي، كما سعى إلى إظهار الاهتمام والانخراط في أزمة غزة وعدم ترك المسرح لإيران بدعمها لحماس وموقفها ضد إسرائيل والولايات المتحدة».
وقال جوزانسكي وزلايات إنه «كما كان متوقعاً، لم يسفر عن اللقاء قرارات عملية، وعكس البيان الختامي القاسم المشترك الأدنى: الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية للقطاع، وإنهاء الحصار، مع مطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار ملزم».
وتابعا أن «التقارير أفادت بأن الإمارات والبحرين والسعودية على ما يبدو منعت قراراً مقترحاً لإلزام الدول بقطع العلاقات مع إسرائيل، ووقف الرحلات الجوية الإسرائيلية فوق أراضيها، مع تعطيل إمدادات النفط لحلفاء إسرائيل، كما حدث في حرب يوم الغفران (تشرين الأول/ أكتوبر 1973)».
و«يمكن لإسرائيل أن تكتفي بنتائج اللقاء والسلوك العام في هذا الوقت للسعودية والدول العربية المرتبطة بعلاقات معها، والذي يعكس رغبتها في: هزيمة حماس، وكبح جماح طموحات إيران، والحفاظ على علاقات طبيعية مع إسرائيل» (جوزانسكي وزلايات).