حاوره:أنور عون / لا ميديا -
بدأ لاعبا في اليرموك، ومر بالوحدة لفترة قصيرة، قبل أن يلتحق بالشعب العاصمي، والحال كذلك بارتداء ألوان منتخبات الوطن الثلاثة (الشباب والأولمبي والأول).
أحد مؤسسي فريق تصحيح المسار لـ"الفتيان"، الذي شهد اختلالات واعوجاجات في عمل إداراته كصورة نقيضة لما تعيشه بقية الأندية في الوطن وكيانات الاتحادات. 
محمد زهرة، المدافع ومسدد الأهداف في الملعب، وصاحب الآراء الرياضية الجريئة والشجاعة، خارج الملعب، في حوار مع "لا الرياضي". يتحدث عن بدايته مع الكرة ومشواره بحلوه ومُره، ويقدم روشتة كروية لعلاج حالة الأندية والاتحاد، والتي تعاني الافتقار للبنى، والفساد والفشل الإداري.
في البداية، أطلعنا على لعبك مع أندية اليرموك ووحدة وشعب صنعاء؟
- أولاً: أهلاً وسهلاً بصحيفة "لا". بدايتي كانت مع اليرموك، واستمرت من 1996 حتى 1998، ولعبت فقط موسماً واحداً معهم في الفريق الأول، وأصبت وتم إهمالي، فخرجت من اليرموك وكنت أول لاعب يمني يحصل على استغناء عبر اتحاد كرة القدم من النادي الذي يمثله، وذلك بعد أن قرأت لوائح الاتحاد المنشورة حينها في صحيفة "الثورة"، ومنها إذا مر عام ولم يسجل اللاعب في كشوفات النادي يحق له أن ينتقل إلى نادٍ آخر، وأنا تعرضت لإصابة مع اليرموك قبل تصفيات الصعود لدوري الدرجة الأولى، وفي الموسم الذي بعده لم يسجلوني في الكشوفات أيضا، فقدمت طلبا للاتحاد العام بمنحي حرية الانتقال من اليرموك، وحصلت عليه. لعبت بعدها لنادي وحدة صنعاء، وبقيت معهم شهراً واحداً فقط، لعبت فيه مباراتين في "بطولة أبو ولد". بعدها عُقدتْ صفقة بين إدارة الشعب ومدرب الوحدة عبدالله باعامر انتقلت بموجبها إلى الشعب، وكنت أول لاعب يمني يوقع عقداً للعب مع نادٍ مقابل وظيفة حكومية، إضافة إلى شرط إذا تعرضت لإصابة يتم علاجي في الخارج، مع منحي راتباً مقداره 12 ألفاً و500 ريال، وهذا المبلغ كان كبيرا حينها. وبقيت مع شعب صنعاء حتى العام 2008.
 بالأساس ماذا كانت ميولك؟ ومن أخذك إلى اليرموك؟
- أنا كنت وحداوياً، وأخي عبدالله كان لاعباً في الفريق الأول بوحدة صنعاء منذ نهاية الثمانينيات حتى مطلع التسعينيات. والذي ضمني لليرموك هو الكابتن عبدالرحمن ثابت، الذي كان يدرب فريق الشباب (سن 18) بالوحدة. والكابتن الراحل عبدالله عتيق رحمة الله عليه صعدني للفريق الأول.
 وبالنسبة لظهورك في المنتخبات...؟
- منتخب أمانة العاصمة هو أول منتخب انضممت إليه في العام 1999، ومن خلاله اختارني المدرب البرازيلي أحمد لوسيانو لمنتخب الشباب الذي كان يستعد ليشارك في الطائف. ثم واصلت مع المنتخبين الأولمبي والوطني الأول.
 كيف كانت مشاركاتك مع المنتخبات؟
- كما تعرف، الكرة اليمنية مكانها ثابت، لا طالع ولا نازل، وهذا بسبب إدارة اتحاد كرة القدم السيئة. بالنسبة لي كانت آخر مشاركة دولية لي في "خليجي 16"، وفور انتهائها، ولحظة صعودي الطائرة، حلفت يميناً ألا أشارك مع المنتخب مرة أخرى.
 لماذا؟
- لأنك كلاعب كنت تتدرب 6 أشهر صباحاً وليلاً، وفي جاهزية تامة، وترى أمامك اللاعبين الكبار يتناولون القات في المعسكر الخارجي، وعندما تصل إلى المعسكرات الخارجية تجد الإداري مع المدرب واللاعبين الكبار يخرجون من المعسكر للقيام بأشياء سيئة، كالسهر وغيره. ولهذا تركت المنتخب. وللأسف ما زالت هذه الأمور تحصل حتى الآن في منتخباتنا!
 ما أبرز المشاكل في أنديتنا الرياضية؟
- الخلل في الأنظمة والإدارات. هذه الإدارات دائما تتمنى أن تظل الأندية كما هي، طالع ونازل في الدرجتين الأولى والثانية، ولا يريدون تحقيق بطولات. والسبب أن البطولات تجلب الجماهير وتزداد مع الجماهير الجمعية العمومية، ومع أول أو ثاني خسارة تقوم الجمعية العمومية بالضغط على الإدارة لتحقيـــــق البطــــولات ويطالبــــــون بالمكاشفة المالية لأنديتهم من موازنة ودعم، وهذا ما يجعل الإدارات تفضل عدم اللعب على البطولات الكبيرة، ولا تريد جمهوراً يتابعها، حتى تأكل الإيجارات وغيرها من الإيرادات على راحتها.
سأضرب لك مثالاً: في فترة من الفترات كنا في شعب صنعاء ثمانية لاعبين في المنتخبات الوطنية، وكنا عندما نطالب بمستحقاتنا تقلب الإدارة الأمر على رؤوسنا ويخبروننا بأنهم سيبنون جيلاً جديداً بديلاً لنا. وفي اليرموك خلال سنتين أو ثلاث استبعدوا 16 لاعباً، مبررين الأمر بأن مطالب اللاعبين تزداد... وعليها! عشرون عاما وإدارتا الناديين تبني "جيلاً جديداً"!
 برأيك أيهما أفضل إدارة اليرموك أم شعب صنعاء؟
- لم يتغير الأمر في الناديين، هو نفسه. في اليرموك مرة عبدالعزيز زهرة ربنا يرحمه وأحمد عبد القواس يتبادلان منصبي الأمين العام والنائب. وفي شعب صنعاء الأسماء نفسها وكذلك الوضعية.
 لكن ما الذي تملكه إدارة شعب صنعاء؟ وهل دخلها المالي يكفي للصرف على الألعاب في النادي؟
- لديهم مدخولات مالية كبيرة؛ لديهم محلات وصالة مؤجرة لإخوان ثابت، وإيجاراتهم تصل إلى مليونين ونصف مليون ريال، ولديهم لعبة واحدة فقط هي كرة القدم! بشكل عام أنديتنا ينقصها التخطيط.
 وبالنسبة لبقية الأندية...؟ ومن منها يعيش في دوامة المعاناة؟
- نعم، توجد الكثير من الإشكاليات في الأندية. اليرموك وللأمانة مضطهد. هو كان دعمه من الشخصيات التجارية، واليوم باصاته في وزارة الشباب، وملعبه مهدم بسبب قصف طيران العدوان. لكن أندية أخرى، مثل 22 مايو وأهلي صنعاء ووحدة صنعاء، لديها إيرادات، والألعاب أصلا متوقفة، ودعم صندوق الشباب والرياضة والنشء أيضا متوقف، رغم أن ما كان يصرفه للأندية لا يسد حاجتها الكلية.
أيضا هناك افتقار وقصور شديد في البنية التحتية للأندية اليمنية. أنديتنا لدى كل منها ملعب واحد توزعه في التمارين بين خمس فئات! فمتى يتدرب هؤلاء؟! لديك الفريق الأول يحتاج أن يتدرب يومياً، وأربع فئات عمرية ستدربهم من الساعة الثانية حتى الثالثة عصراً! كيف توزع الوقت وتقسم الملعب بينهم للتدريبات؟! هذا صعب. ابني الصغير حالياً يتدرب في أهلي صنعاء، يخرج من المدرسة الساعة الثانية ظهرا، وعليه أن يذهب للتمرن مع النادي الساعة الثانية والنصف، ولديه يومان في الأسبوع! تخيل لاعباً ناشئاً يتدرب يومين في الأسبوع! على الأقل الناشئ يحتاج أربعة أيام أسبوعيا للتدرب.
 وما هو حل هذه المشكلة برأيك؟
- أنا مع دمج الأندية. ذات مرة كتبت في صفحتي على "فيسبوك" أنه لا بد من دمج الأندية؛ شعب صنعاء واليرموك، وحدة صنعاء والعروبة، أهلي صنعاء وآزال، 22 مايو والشرطة، التلال والمنصورة والميناء، الوحدة والروضة، شمسان والنصر، الشعلة والجلاء... وهكذا في كل المحافظات، حتى وإن كانت المسافة بين نادٍ وآخر بعيدة؛ لكن الدمج سيفيدها بشكل كبير، من حيث المساحة والمرافق، أسوة ببقية الدول التي نجد أن لديها ملاعب للتمارين وملعباً بمدرجات رسمية، وهو ما يجعل النادي يستفيد من جميع المواهب في المناطق المجاورة له.
 لكن رؤيتك هذه سينظر إليها الكثير بأنها طمس لتاريخ أنديتهم...؟
- ربما يرونها كذلك؛ لكن أنت لديك في الوطن 390 نادياً تأكل موازنة كبيرة من الدولة. الأفضل أن تتوزع هذه الموازنة والملاعب. الكثير من هذه الأندية ليس لديها أنشطة. في أمانة العاصمة تجد 7 أو 8 أندية، فلماذا لا تكون 3 أندية مفيدة وبأنشطة عالية؟!
 وماذا عن فئة الناشئين وعملية اختيار المدربين لهذه الفئة؟
- فئة الناشئين أرى أنها أهم فئة في جميع الرياضات، وليس فقط في كرة القدم، ويفترض الاهتمام بها من كافة النواحي. نحن ومنذ سنوات لم يعد يوجد لدينا بطولات مدرسية ولا ملاعب ولا مساحات في الأحياء الشعبية... وهذا ما يصعب دور الكشاف. كما لا بد من اختيار المدربين الأكْفاء. أنا قرأت قبل سنوات أن الأهلي المصري استقدم مدرباً يوغسلافياً عمره يقارب السبعين سنة لتولي مهام الناشئين للاستفادة من خبرته. الشيء المهم هو سلوك المدربين في هذه الفئة، حتى يأمن الناس على أبنائهم. وللأمانة يوجد مدربون كثر جيدون في بلدنا، كهاني عبدالرحمن وهيثم الأصبحي وتامر حنش وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة الآن بتذكر أسمائهم.
 قبل فترة كونتم لجنة تصحيح المسار لنادي شعب صنعاء؛ لكن لم تخرجوا بأي نتيجة، حتى بالنسبة للإدارة السابقة واللجنة المؤقتة الحالية...؟
- بالعكس، خرجنا بنتيجة، فقد غيّرنا الإدارات السابقة؛ لكن المشكلة أن مكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة قبل أسماء اللجنة المؤقتة التي رشحتها الإدارة السابقة. ومع هذا استطعنا تحريك كرة الثلج، وسار التغيير، ونحن ماضون في طريقنا.
 لكن ما تزال هناك اختلالات في إدارة شعب صنعاء الحالية. لماذا تصمتون؟ هل هو الخوف من رئيس النادي؟
- نحن في تصحيح المسار ليس لدينا خوف، والكابتن مفضل دائماً ننتقده إذا وجدت أخطاء أو اختلالات، ولك أن تعرف أن لجنة تصحيح المسار تمكنت من إرجاع الباص للنادي بعد بيعه من قبل الإدارة الحالية.
 اتحاد الكرة، كيف تقيم عمله؟
- اتحاد كرة القدم سيئ، ومن الآخر: أساء لكرة القدم اليمنية. فريق عمل الاتحاد سيئ، وأحمد العيسي أسوأهم. أنا أكثر من مرة طالبت باستقالة هذا الرجل. نقطته الإيجابية الوحيدة هي تمسكه بالوحدة اليمنية في مسألة إقامة الدوري. كما قلت إن العيسي فاشل، والدليل تمسكه بمبدأ اختيار الأسماء الكبيرة في السن لمنتخبات الناشئين.
 من هو أفضل من تولى رئاسة اتحاد الكرة من وجهة نظرك؟
- أفضل رئيس اتحاد عام كان المرحوم علي الأشول، وهو من منحني الاستغناء من نادي اليرموك. وفريق اتحاد الراحل محمد عبد الله القاضي كان أفضل فريق عمل اتحادي. ولو كان فريق اتحاد الكرة الحالي جيداً لقلنا إن العيسي أفضل من غيره.
 هل إقالة العيسي من الاتحاد صعبة؟
- ليست صعبة، فقط المسألة متعلقة بالجمعية العمومية وتفرقها. أندية عدن خاضعة للانتقالي وتنظم بطولات انفصالية، وأندية المحافظات الشمالية كانت مطالبها شرعية؛ لكنها لم تكن يدا واحدة، وهذا ما جعل العيسي يستغل هذه المسائل ويمدد دون مبالاة.
 كيف ترى خلاف العيسي مع أمين جمعان وشوقي هائل؟
- أمين وشوقي من القيادات الرياضية ذات المستوى العالي؛ لكن لم تكن مواجهتما للعيسي وجهاً لوجه، بقدر ما أنهما أرادا الشغل من تحت لتحت، وهذه طريقة سيئة. كان الشارع الرياضي معهما في مواجهة العيسي، وهما أرادا فقط أن يضربا العيسي بسيف غيرهما. قد تستغرب أن أقول إن أمين جمعان شخصية قوية؛ لكنه بالوقت نفسه يخاف من منشور أو تعليق ينتقده!
 متى نراك في الجانب الرياضي مدرباً أو إدارياً؟
- الجانب الفني حقيقة أنا ضعيف فيه، ولم يخطر يوماً ببالي أن أكون مدرباً. الجانب الإداري ممكن، فأنا أطمح لخدمة الرياضة اليمنية من الباب الإداري، وليس لدي مشكلة في هذا الجانب.
 كمدافع بمن تأثرت؟ ومن اللاعب والنادي الأفضل لديك، والمدرب المؤهل؟
- تأثرت بخالد عفارة وجمال الخوربي. وأفضل اللاعبين ثلاثة: هاني عبدالرحمن، عادل السالمي، وعلي النونو؛ وعصام عبدالغني موهبة أهملت نفسها. وبالنسبة للمدربين محمد سالم الزريقي، الذي يعمل على تأهيل نفسه، وهاني عبدالرحمن جيد، وأيضا تامر حنش عقليته كويسة، فقط لو يترك الاهتمام بالإعلام ويهتم بالأمور الفنية في مجال التدريب. والأفضل بين الأندية اليمنية اليوم وحدة صنعاء ووحدة عدن.
 وأفضل حكم...؟
- لا يوجد. نحن البلد الوحيد الذي يختار لاعبيه الفاشلين في مجال التحكيم، وهذا معيار غريب. ليس ضرورياً أن يكون الحكم لاعب كرة في السابق، بل أن يكون من كافة المجالات العملية، بشرط التأهل والنجاح في الاختبارات.
 ما هي توقعاتك لمشاركات منتخباتنا الوطنية القادمة في البطولات الخارجية؟
- ماذا تتوقع من منتخبات يتم اختيارها بالتوصيات، وبلا دوري، ولا بطولات، فقط أنشطة وملتقيات "سفري"؟! نعم هناك مشاركات وحققنا بطولة بالصغار؛ لأننا غير ملتزمين بالسن القانونية، وأتحدى أي إنسان يقول غير هذا الكلام، وأننا نلتزم بالسن القانونية للناشئين والشباب من زمان! أنا عندما لعبت لمنتخب الشباب كان عمري 18 سنة، ومع هذا سجلوا عمري في الجواز 13 سنة! بمعنى أن ناشئينا يلعبون ضد خصوم أطفال، وعندما يصعدون للشباب وما فوق يواجهون أولئك الذين لعبوا ضدهم كناشئين سابقين، وهنا تظهر فضائح الهزائم المتدرجة لمنتخباتنا الأكبر عمرا، الشباب والأولمبي والأول. والاحتراف بالنسبة للاعبينا هو بمجهودهم الفردي، وبارك الله بمجهودهم في اهتمامهم بأرواحهم.
 كلمة أخيرة تختتم بها هذا الحوار...؟
- تحياتي لك ولصحيفة "لا" وملحقها الرياضي وجمهورها، وتمنياتي لكم مواصلة مشوار النجاح.