«لا» 21 السياسي -
إذا تابعنا المجهود الإنساني للدول الرأسمالية ومنظماتها، فإننا نجده منصباً بالدرجة الأولى على التغيير السياسي دون غيره من مناحي الحياة.
الرأسمالية معنية بذهب أفريقيا ومعادنها الثمينة. أما معاناة 600 مليون إنسان أفريقي من عدم توفر مصدر للمياه الصالحة للشرب، فلا يستدعي أكثر من إعلان زيادة أسعار عبوة الماء في سلسلة مقاهي «ستاربكس» العالمية بعشرة سنتات، يتم التبرع بها لمصلحة توفير المياه لأطفال أفريقيا. أما العدد والعدة والجنود، فهم يجلبون «الديمقراطية» إلى أماكن أخرى من العالم.
في اليمن، لم يكن لدى الرأسمالية ما تقدمه للأطفال الذين يموت 10 منهم يومياً بحسب بيانات الأمم المتحدة ولملايين اللاجئين، سوى المزيد من تسليح طائرات تحالف العدوان التي تصب حمماً فوق رؤوسهم وتحاصرهم مانعة عنهم الغذاء والدواء. وعندما أنهك صمود اليمنيين قوى العدوان، أرسلت الدول الاستعمارية سفنها لتحاصر الموانئ اليمنية إمعاناً في العدوان والوحشية.
بل وتعتزم إحدى منظمات الرأسمالية (برنامج الغذاء العالمي) وضمن ضغوط أمريكية وسعودية وإماراتية واضحة تقليص تدخلها الإنساني في اليمن بذريعة نقص تمويلات المانحين، غير مكترثة بتداعيات هذه الخطوة على حياة نحو 2.9 مليون يمني من حوالى 4.5 ملايين طفل وامرأة يعانون سوء التغذية، في استغلال بشع ولا أخلاقي لمعاناة الشعب اليمني المحاصر، في محاولة بائسة ويائسة لإحداث اختراق للجبهة الداخلية.
وفي 18 آب/ أغسطس الماضي أعلن برنامج الأغذية العالمي حاجته الماسة لمبلغ 1.05 مليار دولار من أجل تمويل عملياته الإنسانية في اليمن خلال الستة الأشهر المقبلة، مؤكداً أنه لم يتم تأمين سوى 28% فقط منها، ومحذراً من أن أكثر من 4 ملايين يمني سيتأثرون حال تقليصه مساعداته اعتباراً من نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري جراء عدم توفير التمويل اللازم.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، يعاني أكثر من 17 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، من إجمالي عدد سكان البلاد المقدر بنحو 30 مليوناً، كما يحتاج 2.2 مليون طفل دون الخامسة، ومليون امرأة، لعلاج، جراء سوء تغذية حاد.
وفي الشهر نفسه، أوقفت الأمم المتحدة 95% من الدعم المخصص لإزالة مخلفات الحرب على اليمن، ما أدى إلى توقف أنشطة تطهير المناطق الملوثة بالألغام والقنابل العنقودية.
الجدير ذكره أن ما أنفقته الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ نحو 1.4 مليار دولار، استحوذ برنامج الغذاء العالمي على 42% منها، بنحو 600 مليون دولار، تضاف إلى نحو 700 مليون دولار خُصصت كتحويلات نقدية للفقراء والمعدمين. وتوزعت بقية التمويلات تحت بنود الحماية وإنشاء مكاتب جديدة للمنظمات ومقابل أعمال لوجستية واتصالات، وقد بلغت فاتورة الاتصالات والإنترنت أكثر من 1.3 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي وشركائه، فيما سُجل تبديد ملايين الدولارات كنفقات إدارية وسفريات.