لا ميديا -
منذ أكثر من 34 عاما وعائلته تنتظره قرب قبره، عله يخرج من «رقمه الصعب» العالق في مقابر الأرقام، ليرقد في أمن وسلام بين أهله وأحبائه. فسياسة الانتقام والعقاب الجماعي التي تمارسها سلطة الاحتلال الصهيوني لا تخص الأحياء فقط، بل طالت حتى جثامين الموتى. فعبر قوانينها المبهمة تفرض سلطتها على ممات الفلسطينيين؛ كيف يموتون ومع من، وشكل تشييعهم وحجمه وزمن دفن جثامينهم...
ولد مشهور عوض صالح العاروري عام 1956، في بلدة عارورة بمحافظة رام الله. بعد أن أنهى دراسته الثانوية غادر بلدته عام 1974م، إلى لبنان للدراسة، وهناك التحق بصفوف الجبهة الديمقراطية أثناء دراسته.
في 18 مايو عام 1976، قاد مجموعة فدائية مكونة من 5 مقاتلين وعبروا غور الأردن وشنوا هجوما على أحد المعسكرات التابعة لقوات الاحتلال «الإسرائيلي» بمنطقة الجفتلك على حدود مدينة نابلس. وخاضوا معركة عنيفة استمرت 11 ساعة أسفر عنها مصرع 3 جنود صهاينة وجرح 6 آخرين. واستشهد هو ورفيقان معه، بينما عاد الاثنان الآخران إلى قواعدهما سالمين. حملت العملية اسم الشهيدة لينا النابلسي.
بعد استشهاده استمر جيش الاحتلال يفتش منزل والده لأكثر من 6 شهور بشكل دوري، وقال ضابط في جيش الاحتلال لوالده: «لا تحزن فقد مات ولدك كرجل وكل الجنود الذين قاوموه، أدوا له التحية، لقد أتعبنا مدة تزيد عن 11 ساعة».
يقول والده: إن الاحتلال رفض طلبهم تسليم جثمانه، وإن الاحتلال كان يساومه طيلة العقود الماضية ليعمل معه مقابل تسليمه جثمان ابنه. وخاض جدالا طويلا في المحاكم الصهيونية لاسترجاع جثمان ابنه. وبعد 34 عاما نجحت الحملة الوطنية لاسترجاع جثامين الشهداء باستصدار قرار من المحكمة العليا لتسليم جثمانه.
في 10 آب/ أغسطس 2010، كان العاروري الشهيد الأول الذي ينال حريته من مقابر الأرقام محققا عودته الثانية، ليتم تشييعه في بلدته.