تقرير :عادل عبده بشر / لا ميديا
واصلت محكمة غرب الأمانة، اليوم، جلساتها برئاسة القاضي أسامة الجنيد، للنظر في جريمة الدواء الملوث الذي تسبب بوفاة 11 طفلاً من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، وإصابة 10 آخرين بمضاعفات، بينهم طفلان في مركز الأورام في سيئون بمحافظة حضرموت، أواخر أيلول/ سبتمبر 2022م.
وفي الجلسة التي تُعد الأولى بعد الإجازة القضائية، أفاد محامي أولياء دم الأطفال المجني عليهم، عبدالمجيد صبرة، أن الهيئة العليا للأدوية مازالت ترفض تنفيذ قرار المحكمة الصادر قبل رمضان الفائت، بدفع مبلغ مليون ريال لأسرة كل طفل (متوفى أو مصاب) من الأطفال ضحايا الجرعة الملوثة، كجزء من التعويض المستحق لهم.
وقال صبرة: «قمتُ مع عدد من أهالي الأطفال الضحايا، بالذهاب إلى الهيئة العليا للأدوية، عدة مرات، ولم نجنِ سوى المواعدة، وآخر مرة اجتمعتُ شخصياً برئيس الهيئة وأبلغني أنهم لن يسلموا أي مبلغ».
وسلّم المحامي صبرة، هيئة المحكمة صورة مذكرة موجهة من رئيس نيابة استئناف شمال الأمانة المحامي العام أحمد أبو منصر، موجهة لوزير الصحة العامة والسكان بتاريخ (1/12/1444هـ- 19/6/2023م) تم خلالها مخاطبته بإلزام رئيس هيئة الأدوية بتنفيذ قرار المحكمة، وقام الوزير -طبقاً للمحامي صبرة- بإحالة المذكرة لرئيس الهيئة لتنفيذ القرار، لكنه لم يُنفذ حتى اليوم.
مذكرة رئيس النيابة، حصلت «لا» على نسخة منها، أشارت إلى أنه سبق للنيابة أن قامت بمخاطبة رئيس الهيئة العليا للأدوية بهذا الخصوص، من خلال مذكرتين الأولى بتاريخ 18/6/1444ه والثانية تاريخ 23/11/1444هـ، إلا أن الهيئة لم تنفذ قرار المحكمة.
وبخلاف الجلسات السابقة التي حضرتها «لا» وكان فيها محامي هيئة الأدوية يؤكد رفض الهيئة تسليم مبلغ الـ»مليون ريال» لأهالي الضحايا، بحجة أن القضية مازالت منظورة أمام المحكمة، وأن المتهمين فيها عددهم تسعة وليس الهيئة وحدها، أفاد محامي الهيئة في جلسة اليوم، أنه يلتمس العذر من المحكمة، قائلاً: «لا ندري لمن ننفذ القرار، هل للمحكمة أم لقاضي التنفيذ؟».
ويترافع عن هيئة الأدوية في هذه القضية محاميان اثنان، وفي جلسة البارحة، تم تعزيزهما بثالث، تحدث المحامي الجديد خلال الجلسة بصوت جهور، موضحاً أن «الكارثة» حدثت في اليمن ولبنان، وقد أقرت الجهة المُصنعة للدواء وبمعية ممثلين عن منظمة الصحة العالمية، بأن «التشغيلات» صنعت للسوق المحلية في الهند وبعد اكتشاف أنها ملوثة تم سحبها، وهي ليست مخصصة للتصدير إلى اليمن أو لبنان، وأُدخلت للبلدين عبر التهريب.
وقال إن المشكلة حُلت في لبنان بتحميل المصنع المسؤولية. طالباً من المحكمة إدخال الجهة المصنعة للدواء في قائمة الاتهام.
أما زميله في الدفاع عن الهيئة المحامي عبدالباقي الحناني، فقد وجه سؤالاً للمتهم الأول فيصل عوض، إن كان دواء الـ«ميثوتركسات» الذي اشتراه من المتهم الثاني فهد أبو بكر سالم، عبارة عن «فيالات» أم «أمبولات»؟ فكان رد عوض بأن الدواء عبارة عن «فيالات» اشتراه «من سوق صنعاء، ومصرح عبر الهيئة العليا للأدوية وخرج من مخازن الهيئة بموجب تصريح رسمي باسم فهد أبو بكر»، مضيفاً: «اشتريت من شخصين قد يكونان يتبعان فهد أبو بكر، أو غيره، وهذا الدواء متواجد في الصيدليات بكميات حتى من قبل أن يتم بيعه له».
وكان الأطفال من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، قد تلقوا أواخر أيلول/ سبتمبر 2022م، جرعة من دواء (methotrexate) ليتضح لاحقاً أن الدواء ملوث وأودى بحياة 11 طفلاً، وأدخل 10 آخرين العناية المركزة نتيجة للمضاعفات الخطيرة التي تسببت بها الجرعة الفاسدة.

حق الرد
في سياق آخر قدم محامو الهيئة العليا للأدوية، أمس، مذكرة بالرد على ما نشرته صحيفة «لا» في تغطية سابقة لمجريات المحاكمة، وقام المحامون بتسليم نسخة من الرد للقاضي أسامة الجنيد، ونسخة أخرى للصحيفة، وعملاً بحق الرد ننشر ما جاء في المذكرة:
الإخوة/ صحيفة «لا» صاحب الامتياز صلاح الدكاك
تحية وبعد:
الموضوع/ اعتراض على ما جاء في صحيفتكم العدد (1159) الصادر بتاريخ 31/5/2023م ص1/3.
إشارة للموضوع أعلاه وعملا بحق الرد المكفول قانوناً نوضح لكم الآتي:
أولاً/ المحكمة عقدت أكثر من 20 جلسة لم تكن حاضرة فيها صحيفتكم ولم تعلم بمسار القضية وحضرت في جلسة 30/5/2023م وطالعتنا في عددها (1159) في الصفحة الأولى بعناوين كاذبة بقولها «الهيئة تحمل وزير الصحة مسؤولية إدخال دواء ملوث» وفي الصفحة الثالثة تقول «وكيل الهيئة يقدم مذكرة من الوزير باستلام دواء ملوث».
وهذا الكلام كاذب وعار عن الصحة وأرادت به الصحيفة أن تقولنا ما لم نقل وجذب انتباه القارئ ونحملكم مسؤولية ذلك كونه يتنافى مع رسالة الصحافة ويخالف ما قلناه وقد أوردته صحيفتكم في الصفحة الثالثة، ألا وهو «وقدم محامي الهيئة مذكرة من رئيس مجلس إدارة مكافحة السرطان موجهة إلى مدير مركز اللوكيميا وعليها تأشيرة معالي وزير الصحة»، وهذا لا يمت بصلة لعناوينكم محل اعتراضنا فمتى قلنا إن الدواء ملوث أو حملنا وزير الصحة المسؤولية، أو قلنا بأن تلك المذكرة من الوزير باستلام دواء ملوث، وهذا لا يعدو أن يكون من باب نشر أخبار كاذبة وهي وقائع يجرمها المشرع وقرر لها عقوبات.
ثانياً/ مذكرتنا في معرض نفي زعم النيابة أن الهيئة هي المسؤولة عن توفير الدواء لمرضى السرطان واستدلالنا بتلك المذكرة أن مركز مكافحة السرطان هو المسؤول عن توفير الدواء للمرضى عبر مناقصات ينفذها المركز، وهذا واضح من تلك المذكرة وما جاء فيها، وذكرنا أنها مؤشر عليها من وزير الصحة كونه أعلى السلم الإداري في الوزارة، وهو يوجه المختصين بذلك، فكيف تكهنتم بتلك الاتهامات للهيئة ووكيلها وحرفتم الكلم عن مواضعه.
وكيف نما الى صحيفتكم قولنا إنها لم تدخل عبر الهيئة، وإننا نحمل وزير الصحة مسؤولية دخول دواء ملوث، وهو من حيث الأصل في أصول الاستدلال ينصرف إلى أن الدواء بمناقصة عبر الصندوق وليس عبر الهيئة، وهذا ما أردناه.
لذلك ولما أسلفنا ذكره وبيانه من توضيح اعتراضنا واستنكارنا من نشر ذلك، نأمل نشر هذا الاعتراض في نفس الموقع في صحيفتكم إعمالاً لحق الرد المكفول قانوناً وتحري الأمانة والدقة والمصداقية في تلقي المعلومات، حتى لا نضطر للجوء إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات لمقاضاتكم، كون منبر السلطة الرابعة في علمنا منبرا موثوقا به، ويجب أن تكون صحيفتكم كذلك.. وتقبلوا تحياتنا,,,
د. علي محمد عباس -رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية
م/ فوزي عبدالله الحربي -مدير عام الشؤون القانونية
م/ عبدالباقي الحنان -مدير إدارة التقاضي

وتقع الهيئة العليا للأدوية في المرتبة الخامسة بين قائمة المتهمين في هذه القضية، ممثلة بالدكتور محمد الغيلي الذي كان رئيساً للهيئة وقت وقوع الكارثة، ورغم أن الهيئة لديها محاميها، إلا أن رئيسها السابق (الغيلي) يحضر برفقة محامٍ خاص به، وكان له في جلسة اليوم، رأي يُخالف طرح محامي الأدوية الثلاثة، حيث قال: «من خلال سماع أقوال محامي الهيئة تبين أن هناك تناقضا في ما أدلوا به، كما أن السؤال الموجه للمتهم الأول لا يصُب في مصلحة هيئة الأدوية». مضيفاً: «وحيث إن موكلي محمد الغيلي قُدم للمحاكمة بصفته ممثلاً لهيئة الأدوية وليس بصفة شخصية، فإننا نتمسك بدفوعنا التي سبق أن أثرناها، ونطالب عدالة المحكمة بسرعة الفصل فيها، حتى نتمكن من الاحتفاظ بحقوق موكلنا».
لجلسة غاب عنها وكيل الشركة الهندية المصنعة للدواء الملوث، يوسف يعقوب، الذي أقرت المحكمة في جلستها الأخيرة قبل الإجازة القضائية، إحضاره قهراً لجلسة اليوم، غير أن شخصاً آخر حضر بالنيابة عنه، كونه مسافراً خارج الوطن، لأسباب مرضية، بحسب المُناب عنه.
وفي نهاية الجلسة قرر القاضي أسامة الجنيد تكليف النيابة بمخاطبة رئيس الوزراء في ما يخص عدم قيام الهيئة العليا للأدوية بتنفيذ قرار المحكمة بدفع مبلغ مليون ريال لأسرة كل طفل «متوفى أو مصاب»، وكذلك إعلان الفريق الذي أوفدته هيئة الأدوية إلى الشركة المصنعة للدواء الملوث بالهند، للمثول في جلسة الثلاثاء المقبل.
يُذكر أن المتهمين في هذه القضية عددهم تسعة وهم: فيصل محمد عوض، فهد أبو بكر سالم، يوسف علي صويلح، عبدالله رشيد العريقى، الهيئة العليا للأدوية ممثله برئيسها السابق محمد الغيلي، صلاح الدين العامري، صلاح عبدالله الحميري، هيثم أحمد البكاري، وعمر رشيد العريقي، وجميعهم تجري محاكمتهم وهم خارج قفص الاتهام حيث تم الإفراج عنهم بالضمان في جلسات سابقة، عدا المتهم الأول فيصل محمد عوض.


من المحرر
في الجلسة المنعقدة بتاريخ 30/5/2023م تحدث محامي الهيئة العليا للأدوية بأنه قدم لهيئة المحكمة اعتراضا مكونا من 5 صفحات مرفقاً بها صورة محضر تحقيق من صفحتين، إلى صورة لمذكرة استلام أدوية مخصصة لمرضى السرطان صادرة من صندوق مكافحة السرطان إلى مدير عام مركز الأورام، والتي تضمنت استلام صنف الميثروتركسات بعد حدوث الواقعة، ولم يمر عبر الهيئة ومصادق عليها من وزير الصحة.
ونورد هنا ما قاله حرفياً في الدقيقة 11.27 من الجلسة إن صورة مذكرة استلام الأدوية «تُبين دخول صنف الميثروتركسات، تبين دخول نفس الأدوية، صادرة من رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة السرطان إلى مدير عام المركز، بعد حدوث الواقعة، تضمنت استلام الصنف الميثوتركسات، نفس المتسبب بالواقعة، مش نفس الباتشات، ولكن نفس الصنف، ولم  يمر عبر الهيئة ومصادق عليها من الوزير ولم يمر عبر الهيئة إطلاقاً».
وجاء في تقرير الصحيفة المنشور في العدد (1159) ما يلي نصه: «من جهته قدم محامي الهيئة العليا للأدوية، مذكرة استلام أدوية مخصصة لمرضى السرطان، صادرة من صندوق مكافحة السرطان وموجهة إلى مدير عام مركز الأورام، تضمنت استلام صنف الـ(methotrexate) وعليها تأشيرة استلام من وزير الصحة، قائلاً بأن هذه الأدوية لم تمر عبر الهيئة».