لا ميديا - 
قليل الظهور، حكيم، ومتّزن. بصوته، الذي يراوح بين الرقّة والرخامة، كان يغنّي يوم التقيتُه أوّل مرّة عام 1994، في شركة رؤى للإنتاج الفني: «في جسدٍ زرعتُ الأرض... أشلاءً تغلي وتفور... من جرحٍ رويتُ الأرض... بدماء تزهر حنّون». ودخلتُ مشاركاً إيّاه على خطّ الأنشودة قائلاً: «ومضيتَ شهيداً حيّاً حيّاً... حيّاً لن تموت» (رفيقه الصحفي يوسف فارس).

وُلد خليل صلاح البهتيني في حيّ التفاح بمدينة غزة عام 1978. انتمى إلى حركة الجهاد مبكرا، وسجل حضورا في مختلف مجالات العمل الجماهيري والطلابي والفنّي والدعوي والمقاوم في الحركة.
اعتقله الاحتلال عام 1990، لمشاركته في انتفاضة الحجارة، ولم يتجاوز الـ13 عاماً. ثمّ اعتقلته السلطة لرعايته الأنشطة الفنّية وحضوره جميع مهرجانات الحركة منشداً في فرقة «النور - عشاق الشهادة».
عقب اندلاع الانتفاضة الأقصى 2000، برز في الميدان مشاركا في التصدّي لاجتياحات جيش الاحتلال. ثم اتّجه إلى تشكيل جهاز الأمن الخاص لـ»سرايا القدس». قضى سنوات طويلة في متابعة وتطوير برنامج تصنيع القدرات الصاروخية لـ»السرايا».
أسّس، مع رفيقه وائل البيطار، «شركة رؤى للإنتاج الفني»، ووظف مواهبه الفنّية لخدمة الأهداف الوطنية، التي أوجزها في: «استمرارية التغذية الوطنية للأطفال، إذ ثمّة حرب تستهدف تغريبهم وطنياً وخلقياً ودينياً، ومن واجب من يمتلك الموهبة الاهتمام بهذا المجال».
حظي بمكانة متقدّمة في صفوف «السرايا»، حيث ساهم في الانتقال بالإعلام الحربي إلى مستوى مهني مرموق شكلا ومضمونا.
عام 2012، نجا من محاولة اغتيال. وعقب اغتيال القائد بهاء أبو العطا عام 2019، تَصدّر الحديث عن «رجل الظلّ الهادئ» كبريات الصحف العبرية.
كلف مؤخراً بقيادة المنطقة الشمالية، خلفاً للشهيد تيسير الجعبري، ومثَّل سرايا القدس في غرفة العمليات المشتركة، وقد ربطته علاقات وثيقة بفصائل المقاومة الفلسطينية.
استشهد هو وابنته بعملية اغتيال غادرة في 9 أيار/ مايو 2023، ليشيّعه مئات الآلاف من أبناء القطاع. ومثلما أنشد في شبابه فقد غلت أشلاؤه ورفاقه الشهداء حمماً اصطلى بها الصهاينة في عملية «الثأر للشهداء».