قراءة صهيونية لما بعد الاتفاق اليمني السعودي: الانسحاب من اليمن سيكون فوضويا
- تم النشر بواسطة اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا

اليمن بالحبر الغربي -
كان منطق المناورة الدبلوماسية السعودية الأخيرة واضحاً.
واجهت الرياض تهديداً جسيماً من المحور الذي تقوده إيران، ولذا سعت إلى معالجته من جذوره، من خلال التفاوض مع طهران وصنعاء، ولاسيما بعد عدم تقديم الولايات المتحدة حلاً مرضياً لمواجهة هذا التحدي.
وبدلاً من السعي وراء الحصول على دفاع صاروخي أفضل أو ردع إضافي من الولايات المتحدة، يأمل السعوديون الآن التوصل إلى تفاهم مع إيران ووكلائها لتقليص دوافعهم لاستهداف المملكة في المقام الأول. بمعنى آخر: فضلوا الوقاية على العلاج.
إذا اعتقدت السعودية أن الشراكة مع الحكومة الأمريكية كانت صعبة، فإن العمل مع الحوثيين في اليمن سيكون جحيماً.
بداية الأمور كانت متعثرة، بعد أن وصل السفير السعودي في اليمن إلى صنعاء للقاء كبار المسؤولين الحوثيين ووضع اللمسات الأخيرة على الهدنة، ليتم ضربها للحصول على مزيد من التنازلات. يجب ألا تكون محاولة الحوثيين رفع ثمن وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين مفاجئة، حيث أفادت التقارير بأن السعوديين يطلبون من الحوثيين السماح للرياض بإخراج نفسها من الصراع. ومن المقرر إجراء مجموعة أخرى من محادثات السلام في السعودية، بعد تبادل الأسرى الأخير، من أجل (إعادة) وضع اللمسات الأخيرة للانتهاء من الاتفاق بين الرياض وصنعاء.
رغم عدم وجود حالتين جيوسياسيتين متشابهتين تماماً، فإن التطورات في أفغانستان وغزة قد تكون مفيدة للتفكير في الشكل الذي قد يبدو عليه الانسحاب السعودي وعواقبه.
إن التشابه بين الخطة السعودية لإنهاء حملتها العسكرية في اليمن والاستراتيجية الأمريكية لإجلاء قواتها من أفغانستان مذهل.
على غرار النهج الأمريكي تجاه أفغانستان، لم يشرك السعوديون شريكهم المحلي (الحكومة اليمنية) في عملية التفاوض مع خصمهم المشترك. بدلاً من ذلك، ومثل طالبان، من المتوقع أن يقدم الحوثيون التزاماً غامضاً بعملية مفاوضات داخلية (بينما في خلفية المفاوضات، تستمر المعركة على مأرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين).
مثل الحكومة التي يقودها عبدالغني في أفغانستان، تعتمد قدرة الحكومة اليمنية في أداء مهامها، بشكل كبير، على المساعدات الخارجية، المتمثلة في التمويل والدعم الجوي والعتاد. لذلك، من المتوقع أن يحقق الحوثيون، مثل طالبان في عام 2021، مكاسب كبيرة في ساحة المعركة بعد انسحاب القوات السعودية من الصراع. سيؤدي هذا الاحتمال إلى تقليص دوافع الحوثيين لأخذ المفاوضات المذكورة أعلاه بجدية مع الحكومة اليمنية.
كما كان الحال في أفغانستان أيضاً، حتى بعد أن اتضح أن الطرف الخصم لم يلتزم بالشروط التي وافق عليها، لا تستطيع القوات المنسحبة فعل الكثير لفرض الصفقة أو التنصل منها. لن يكون أمام الرياض ملاذاً إذا اكتشفت أن الحوثيين فشلوا في الوفاء بالتزاماتهم: لا يمكن إعادة بناء البنية التحتية والعمليات العسكرية، التي بُنيت على مدى سنوات عديدة من الحرب، على الفور بعد تفكيكها.
وهذا يعني أنه بمجرد التوصل إلى اتفاق، ستواجه الحكومة اليمنية الضعيفة جرأة من الحوثيين غير الراغبين في التفاوض ويصعب محاسبتهم على انتهاكات الشروط. ستكون قدرة الحكومة اليمنية أضعف بشكل لا يمكن إنكاره بعد إنهاء السعودية تدخلها العسكري في اليمن، رغم أنه يبقى أن نرى ما إذا كان هذا يشكل انتكاسة كبيرة أو سيؤدي إلى انهيار كامل. على عكس الولايات المتحدة وأفغانستان، لن يكون اليمن بعيداً عن أنظار السعودية؛ لا يبعد البلدان آلاف الأميال بعضهما عن بعض، لكنهما في الحقيقة يشتركان في حدود يزيد طولها عن 800 ميل.
بعد خروج الرياض من حرب اليمن، قد لا تكون السعودية مهتمة بالتعامل كثيراً مع الحوثيين؛ لكن سيظل الحوثيون مهتمين بالسعودية. لقد أوضح السعوديون بالفعل أنهم عازمون على تجنب أي تورط في اليمن، مما يجعلهم هدفاً سهلاً للابتزاز لنظام الحوثي الشرس وعديم الرحمة.
بينما قد يتم تحديد صياغة الاتفاقية في الأسابيع المقبلة، سيكون تفسير الصفقة وتنفيذها بمثابة «عملية تفاوض» مستمرة خاصة بها. سيسعى الحوثيون إلى تحقيق أقصى قدر من فوائدهم المالية والسياسية، بينما سيسعى السعوديون على الأرجح لتقليل تنازلاتهم.
قد تتطور الديناميكية السعودية - الحوثية إلى ما يشبه دائرة إسرائيل وحماس بعد فك ارتباط إسرائيل بغزة. من المعقول أن نفترض أن الحوثيين سيتبنون طريقة عمل مماثلة لتلك التي تتبعها حماس (وحزب الله في السنوات التي أعقبت الانسحاب الإسرائيلي من لبنان مباشرة)، لأن المحور المسؤول عن تسليح وإرشاد مجموعات حرب العصابات التي تقاتل ضد الجيوش التقليدية هو واحد.
قد تجد المملكة الصحراوية نفسها قريباً في موقف تحتاج فيه أيضاً إلى الانخراط بشكل دوري في عمليات عسكرية محدودة في اليمن وتطبيق سياسة «جز العشب». لكن لأن التوازن العسكري يختلف اختلافاً كبيراً في الحالتين الإسرائيلية والسعودية، ستواجه السعودية صعوبة أكبر من إسرائيل في الحفاظ على الهدوء من خلال ترسيخ الردع.
إن استمرار سياسة حافة الهاوية الحوثية حتى مع وقوف الطرفين على أعتاب اتفاق يسلط الضوء على الديناميكية غير المتوازنة.
حتى مع الأخذ في الاعتبار المشاكل التي من المرجح أن تصاحب الانسحاب السعودي، قد ترى الرياض أنه أخف الضررين، عندما يكون البديل هو الاستمرار في حملة عسكرية مكلفة ومتأزمة. لكن من المهم أن نكون مدركين أن أي اتفاق سعودي - حوثي لا يمكن أن ينهي الحرب متعددة الأبعاد في اليمن بشكل كامل، ويمكن لليأس السعودي المفرط لتوقيع صفقة هشة أن يرسخ تصور القيادة الحوثية للسعودية على أنها هدف سهل.
أري هيستن- موقع (thecipherbrief) المتخصص في قضايا الأمن القومي الصهيوني
المصدر اليمن بالحبر الغربـي / لا ميديا