اليمن بالحبر الغربي -
تناقش ندوى الدوسري، في مقالها على موقع «معهد الشرق الأوسط»، آثار انعكاس الاتفاق السعودي الإيراني في اليمن، وتشير إلى طلب هانز جروندبرج، المبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى البلاد، الذي أمضى معظم وقته العام الماضي في زيارة طهران والرياض وأبوظبي ومسقط، من قادة اليمن «اغتنام الفرصة التي يوفرها هذا الزخم الإقليمي والدولي لاتخاذ خطوات حاسمة نحو تحقيق مستقبل أكثر سلاما».
ومع ذلك، ترى الكاتبة أنه يمكن للمجتمع الدولي أن يضر أكثر مما ينفع إذا كانت أفعاله مدفوعة بالأمل واليأس بدلاً من القراءة المتأنية للواقع على الأرض.
وتؤكد أنه يجب ألا يكون اليمن كبش فداء لتحسين العلاقات بين إيران والسعودية، أو يُنظر إليه على أنه فرصة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في العام 2015. بدلاً من ذلك، يجب فهم البلد من خلال ديناميكياته الداخلية وكيفية تشابكها مع الجهات الفاعلة إقليميا.
تعود الكاتبة إلى أيلول/ سبتمبر 2014، عندما قال مسؤولون سعوديون لإدارة أوباما إن الأمر سيستغرق 6 أسابيع لإعادة الحكومة اليمنية «الشرعية» إلى صنعاء. بعد 8 سنوات، برز الحوثيون كقوة عسكرية قوية، بينما لا تزال القوات المدعومة من التحالف العربي متشرذمة.
وقد تحولت الأولوية من هزيمة الحوثيين إلى تأمين حدود السعودية من هجماتهم. وبين عامي 2015 و2022، نفذ الحوثيون ما يقارب 1000 هجوم صاروخي و350 ضربة بطائرات بدون طيار استهدفت البنية التحتية الرئيسية، بما في ذلك المنشآت النفطية والمطارات والمواقع العسكرية، داخل المملكة.
لإيجاد طريقة للخروج من مستنقعها المكلف في اليمن، قلصت المملكة من تدخلها العسكري، وعززت جهودها الدبلوماسية، في محاولة لوقف التصعيد، وإيجاد حل سياسي.
وفي نيسان/ أبريل 2022، اتفق السعوديون والحوثيون على وقف إطلاق النار لمدة 6 أشهر، ثم استأنف الجانبان المحادثات التي استبعدت «الحكومة اليمنية».
وسمحت مكاسب الحوثيين العسكرية لهم بإملاء مسار الدبلوماسية الدولية في اليمن. وتشير الكاتبة إلى أن سبب ذلك أن الحوثيين يعرفون أن السعودية تسعى بشدة إلى تخليص نفسها، وأن المجتمع الدولي يريد أن تختفي هذه المشكلة.
وشن الحوثيون هجوما كبيرا للسيطرة على مديرية حريب جنوب شرق مأرب، وهاجموا القوات الحكومية في شبوة. كما أجروا مناورة عسكرية بالقرب من الحدود السعودية، لتذكير السعوديين بـ»تكلفة عدم الاتفاق والمزيد من التنازلات».
من زاوية أخرى، لاحظ الحوثيون التوتر السعودي الإماراتي في الجنوب، بينما يعيد السعوديون تحديد علاقاتهم في المنطقة من خلال إصلاح العلاقات مع إيران، حيث كان هناك صراع بالوكالة مشتعلا ببطء في جنوب اليمن بين الرياض وأبوظبي.
وتشير الكاتبة إلى أن تباين المصالح بين السعوديين والإماراتيين تجلى في دورات متكررة من الصراع العنيف بين حلفائهم في اليمن.
ووفقا للمقال، لعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن السعوديين والإماراتيين قسموا وكلاءهم على طول خطوط الصدع التي كانت قائمة قبل عام 1990. ويأتي المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المتحالفة معه في الغالب من المناطق الجنوبية في يافع والضالع، بينما تنحدر جبهة الإنقاذ الوطني المدعومة من السعودية بشكل رئيسي من لحج وأبين.
وترى الكاتبة أن السعودية تسعى من خلال الصفقة الإيرانية الأخيرة بوساطة الصين، ومن خلال تقديم تنازلات للحوثيين، إلى إيجاد مخرج سريع وسهل من حرب اليمن، والتي أصبحت «إلهاءً غير ضروري» عن أهدافها التنموية المحلية بموجب رؤية 2030.
في غضون ذلك، أدى الخلاف بين السعوديين والإماراتيين إلى تجزئة القوات المناهضة للحوثيين إلى حدٍّ كبير، وغذى التوترات التي زعزعت استقرار الجنوب.
وتتوقع الكاتبة أن يتصاعد التوتر السعودي الإماراتي، لاسيما في ظل الخلاف المتزايد حول النفوذ الاقتصادي والسياسي في المنطقة، ولا يعد أي من هذا أخباراً جيدة لليمن.
قد تبدو الصفقة مع إيران والمحادثات مع الحوثيين إيجابية على الورق من منظور الدبلوماسية الدولية. لكن في الواقع، استغلت طهران الإرهاق السعودي في اليمن، وركزت أكثر على بناء الدعم الدبلوماسي والسياسي، للمساعدة في تطبيع موقف الحوثيين داخل المجتمع الدولي.
يتوق المجتمع الدولي إلى «قصة نجاح» في اليمن، حتى لو كان ذلك يعني تسوية سياسية زائفة من المرجح أن تستمر باستمرار الحرب الأهلية.

ندوى الدوسري
 معهد الشرق الأوسط