اليمن بالحبر الغربي -
تأثير الانفراجة بين السعودية وإيران على اليمن قد يكون كبيراً؛ فربما تُسرِّع سير محادثات السلام بين الرياض وجماعة الحوثي لإنهاء الحرب؛ لكن هناك مجموعات في البلاد قد تحاول عرقلتها للحصول على مكاسب. كما أن الحكومات الغربية، وحكومات إقليمية، قد لا تكون سعيدة باستبعادها من حل إيراني سعودي محتمل للأزمة اليمنية.
فقد يحدث تغير جذري في اليمن بسبب الاتفاق المفاجئ بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية، الذي أعلنته الصين يوم الجمعة 10 آذار/ مارس، حسب صحيفة (The Guardian) البريطانية.
لكن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعد المجموعة الانفصالية الرئيسية في اليمن، قال إنه لن يشعر بأنه ملتزم بأية اتفاقية إذا تطرقت إلى قضايا الإدارة أو الأمن أو توزيع الموارد في جنوب البلاد.
وفي ظل أن الحرب في اليمن تمثل مأزقاً للرياض، ترجح صحيفة (The Guardian) البريطانية أن تكون السعودية توصلت إلى اتفاق مع إيران لإعادة العلاقات دون وجود بعض التفاهمات حول إنهاء إمداد إيران جماعة الحوثي بالأسلحة، لاسيما نظراً إلى تضمن الاتفاقية شرطا واضحا يقضي بتعهد الطرفين بعدم تدخل أحدهما في شؤون الآخر.
صحيحٌ أن ذلك التعهد لن يمثل وضع حد لقدرة الحوثيين على القتال، لأنهم يملكون مخزوناً تسليحياً جيداً؛ ولكن إذا أوقفت إيران إمداداتها حقاً، فثمة احتمال أكبر للتفاوض على إنهاء الحرب. تبدو المملكة حريصة على تخليص أقدامها من وحل الحرب مادامت حدودها محمية. فقد انهارت اتفاقية لوقف الأعمال العدائية لمدة 6 أشهر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وتسببت جهود الحوثيين لعرقلة صناعة النفط في السعودية باستخدام الطائرات المسيرة، في إزعاج الرياض، حتى مع الأهمية البالغة لهذه الصناعة للمملكة. فقد أفادت شركة أرامكو السعودية بتحقيق أرباح بلغت 161 مليار دولار في عام 2022 يوم الأحد 12 آذار/ مارس، بزيادة 48% عن العام الماضي.
في هذه المحادثات بين الحوثيين والرياض، تريد جماعة الحوثي إنهاء القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة، بالإضافة إلى دفع السعودية جميع الرواتب الحكومية، بما في ذلك رواتب خدمات الجيش والأمن، مقابل مد أمد الهدنة. كذلك تريد جماعة الحوثي من الرياض الانسحاب من الحرب، والتوقف عن دعم حكومة اليمن المعترف بها دولياً في عدن، وكذا دفع الأموال اللازمة لإعادة الإعمار.
ومع أن احتمال التوصل إلى تسوية للأزمة اليمنية التي تسببت بأكبر كارثة إنسانية في العالم يمثل خبراً إيجابياً بشكل كبير، إلا أن من الواضح أن هناك جهات يمنية وإقليمية تبدو غاضبة من استبعادها، بل يلوّح بعضها بإفساد الأمر.
كما لا يمكن استبعاد أن هناك غضباً أو قلقاً غربياً من مقاربة المصالحة الإيرانية السعودية برمتها، التي تمت بعيداً عن الغرب، بل في وقت يصعد فيه ضد ملف إيران النووي. كما أن الأسوأ بالنسبة للغرب أن الاتفاق السعودي الإيراني تم بوساطة صينية.
لذلك بدأ الإعلام الغربي يركّز على الغائبين عن الحوار حول اليمن، متجاهلاً حقيقة أن هذه فرصة نادرة لمحاولة حل واحد من أعقد الصراعات في العالم وأطولها أمداً وأكبرها ضرراً على الأمن العالمي والأرواح البشرية.

(The Guardian)