لا ميديا -
«مارس نادر الجنون بقتل الحواس في داخله، وقتل كلمة «نعم»، ولم يُفرط بكلمة «لا» حتى رحيله، حيث كان يتكئ على عكازته عندما يسأله أحدهم: هل أنت مجنون فعلاً؟ كأنه يواجه الإجابة لأول مرة، ويشعر بأن هذا السؤال جاء من أجل تحطيم أسطورته الشخصية؛ لأن الجنون هنا لم يكن جنوناً بشرياً طبيعياً، بل تراجيدياً مع الحرية، وهذا ما جعل «نادر» مدرسة ذات قيم في الصمود في مواجهة التحقيق».
اعتقله الاحتلال عام 1967، بتهمة تنفيذ تفجيرات. تعرض لأبشع أساليب التحقيق وحشية: انتُزعت حلمة صدره بكماشة حفرت آثارها داخل روحه، ربطوه بالحبال ليدلوه من مروحية وهي تطير به فوق القرى... لم يعترف. أفرج عنه في العام 1971، وخرج ليواصل عمله النضالي.
اعتقله الاحتلال مرة أخرى عام 1973 بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية، وأفرج عنه 1976.
كما تم اعتقاله عام 1978، وهو الاعتقال الأكثر إثارة في حياته، ويُمكن وصفه بأنه «تراجيديا». اتُّهم بقتل الحاكم العسكري في نابلس، وقيادة تنظيم الجبهة الشعبية. رفض التهم الموجهة إليه. عُذِّب بوحشية ذكّرته بجحيم سجنه عام 1967، فأصيب بانهيار عصبي، وتلقى صدمة أفقدته ذاكرته وعقله وقدرته على التحكم بأعضائه.
لم يقتنع محققوه بحالته العقلية، وأصروا على التعامل معه كمعتقل. وبعد عجْزهم عن انتزاع الاعتراف منه، تم نقله إلى مستشفى الرملة للأمراض العقلية، ووضعوه على سريرٍ ووجهُهُ مقابلٌ لغرفة الإدارة، التي وضعته تحت المراقبة المكثفة بالكاميرات، للتأكد من صحة ادّعائه فقدان عقله.
بعد ضغوطات محلية وعربية ودولية، أفرج عنه عام، وتوفي في 7 نيسان/ أبريل 2021.