تقرير / لا ميديا -
تحاول مملكة الشر منذ ثمان سنوات إيجاد توازن سياسي عسكري في محافظات الجنوب المحتلة، انتهت بها تلك المحاولة الفاشلة إلى استراتيجية عسكرية مستبقة بتشكيل فصائل موالية لها على غرار حليفتها الإمارات، لكن يبدو أن الأمر بمثابة مقامرة محفوفة بالمخاطر.

كل محاولات الرياض في إيجاد توازن سياسي عسكري في منظومة الارتزاق طيلة ثمان سنوات باءت بالفشل، حسب تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات (أمريكي). ذلك أنها "فشلت إلى حد كبير في دمج الفصائل المسلحة تحت قطاع أمن وطني واحد، على الرغم من الاتفاقات الرسمية والموارد المالية الهائلة".
وذكر المعهد في تقرير له أعدته الباحثة إليونورا أرديماغني أن الاستراتيجية العسكرية الاستباقية للسعودية جنوب اليمن تمثل مأزقا للمملكة.
وطبقا للتقرير، فإن هذا يضاف إلى عدم فعالية الرياض حتى الآن في إقامة نفوذ عسكري سياسي أو في الحد من نفوذ الإمارات المستمر في المنطقة الساحلية الاستراتيجية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
ويضيف التقرير أنه "في محاولة لمعالجة هذه المشكلة وتعزيز نفوذها في مدينة عدن، أنشأت الرياض منذ أواخر عام 2022 تشكيلات مسلحة جديدة في عدن والمحافظات المجاورة المحتلة، مثل قوة "درع الوطن"، للرد عليها". لكن تلك "الخطوة محفوفة بالمخاطر لأنها تبدو، مرة أخرى، مدفوعة بديناميات القوة وليس خطوة شاملة نحو إصلاح قطاع الأمن".
وبحسب التقرير تعتبر السعودية المناطق الشمالية أراضي مفقودة في هذه المرحلة، وبالتالي بدأوا في إعادة التفكير في استراتيجيتهم وقواتهم في الجنوب لتحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب، حيثما أمكن، في مواجهة أدوات الإمارات.
وقال: "وسط كل هذه الديناميكيات المتغيرة، يبدو التوازن السياسي العسكري حول عدن على حافة الهاوية بشكل متزايد".
منذ أواخر عام 2022، كان السعوديون يدعمون بنشاط تشكيل مجموعات مسلحة جديدة، تميل إلى السلفية التكفيرية لضمان ولائها، فكان أن قاموا بتمويل ما تسمى "قوات درع الوطن" في عدن (المعروفة سابقًا باسم قوات اليمن السعيد) والتي أشرفوا على تنظيمها حتى صدور مرسوم من قبل رئاسي الاحتلال. وتتكون القوة بشكل أساسي من رجال قبائل من الصبيحة بتوجه سلفي تكفيري وأهداف انفصالية وتعيين التكفيري بشير سيف قائد الصبيحي كقائد لهذه القوات.

السعودية تلعب على ورقة السلفية المسلحة
يمضي التقرير بالقول: "في المناطق الجنوبية من اليمن، غالبًا ما يترسخ الانفصال بين الجماعات السلفية المسلحة. وعلى الرغم من أن الإمارات تدعم أيضًا بعض الجماعات السلفية المسلحة (وأبرزها العمالقة)، تركز استراتيجية المملكة الحالية حول عدن على تنظيم القوات السلفية. وتتنافس هذه الجماعات المسلحة على السيطرة الإقليمية مع القوات المدعومة من الإمارات، مثل "قوات الحزام الأمني"، التي تحشد بشكل أساسي المتمردين المحليين والمحاربين القدامى والمتعاطفين مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة".
وبصرف النظر عن قوات "درع الوطن" ورجال قبائل الصبيحة، يمول السعوديون أيضًا كتيبة الأماجد في أبين، والتي تأسست عام 2019 بين مديريتي لودر ومودية (على الحدود مع البيضاء)، ويقودها التكفيري صالح سالم الشرقي، وتجمع مقاتلين من معهد دار الحديث السلفي السابق في دماج (صعدة)، ولم يتم تقنينها بعد، إلا أن المعطيات تشير إلى أن تلك المجاميع التكفيرية سيتم استيعابها ضمن ما تسمى قوات "درع الوطن".
إلى ذلك، بدأت الإشكالية الكبرى لدى الاحتلال السعودي والتي وصفها التقرير بالمقامرة الخطرة تتجلى تداعياتها اليوم بتسلم قوات درع الوطن معسكرات تابعة لفصائل الاحتلال الإماراتي في مدينة عدن.
وبحسب مصادر  مطلعة فإن تشكيلات من "درع الوطن" اقتحمت، اليوم، معسكر "النصر" التابع لما يسمى المجلس الانتقالي في مديرية خور مكسر، وذلك بعد ساعات قليلة من إجلاء دفعات جديدة من فصائل المجلس إلى محافظة لحج، فيما التحركات جارية لاقتحام معسكر الحزام الأمني في مديرية الشيخ عثمان.
ويتواصل مسلسل إقصاء فصائل الانتقالي من معقلها الرئيسي، حيث تم أيضا إجلاء دفعات جديدة مما تسمى "ألوية الدعم والإسناد" والمتمركزة في مديريتي الشيخ عثمان وخور مكسر، إلى ثكنات عسكرية في الأطراف الشمالية، على ظهر شاحنات وهي مجردة من الأطقم والمدرعات العسكرية، تمهيداً لتسليم المدينة لقوات درع الوطن الجديدة.
لكن لم يعد الأمر متوقفا عند مغادرة قوات وإحلالها أخرى، بل بحسب ما كشف عنه انتقالي الإماراتي، عن خطوة جديدة للاحتلال السعودي تستهدفه بعد تشكيلها قوات "درع الوطن".
فبحسب المرتزق عبدالله مبارك الغيثي القيادي في الانتقالي بحضرموت فإن "قوات درع الوطن مليشيات عسكرية جديدة، وسيتم قريباً تشكيل جناح سياسي لهذه المليشيات"، ما يعني أنها ستكون محل الانتقالي في تمثيل الجنوب.
ويضيف الغيثي أن "الهدف من تشكيل جناح سياسي لهذه المليشيات منازعة المجلس الانتقالي حق تمثيل الجنوب على طاولة مفاوضات الحل النهائي للقضية الجنوبية".
وفي سياق ردة الفعل، رفع انتقالي الإمارات جاهزية فصائله ونشرها بصورة مفاجئة في عدد من مديريات المدينة، خاصة الشيخ عثمان وخور مكسر، واستحدث نقاط تفتيش في شوارعها، في ما شهد محيط جولة القاهرة في الشيخ عثمان توترا على خلفية اعتراض نقطة للانتقالي قوة تابعة لـ"درع الوطن".
لكن يبدو أن "الانتقالي" أصبح معزولا من الناحية السياسية، بحيث لم تعد تحركاته ميدانيا إلا من باب تحصيل الحاصل، خصوصا وأن هناك اتفاقا سعوديا -إماراتيا على إجلاء عدد من قادة فصائله العسكرية إلى الخارج لحاقا بالزبيدي، أبرزهم المرتزق شلال شائع (مدير أمن عدن السابق وقائد فصيل مكافحة الإرهاب)، إلى جانب المرتزق يسران المقطري الساعد الأيمن لشائع والمرتزق صالح السيد (قائد الحزام الأمني ومدير أمن لحج)، والقيادات الثالثة تعد من أبرز أعمدة الانتقالي وظلت تدير عدن والجنوب في ظل غياب قادة المجلس السياسيين وأبرزهم المرتزق عيدروس الزبيدي الموضوع حاليا تحت الإقامة الجبرية في أبوظبي.