اليمن بالحبر الغربي -
سلط موقع «ميدل إيست آي» الضوء على ما وصفه بـ«التعميق الجذري» للعلاقات بين السعودية وكوريا الجنوبية بعد زيارة ابن سلمان إلى سيول، مشيرا إلى ارتباط ذلك بالموقف الغربي،  والأمريكي تحديدا، من الرياض.
وذكر الموقع البريطاني، في تقرير له، أن المملكة وقعت صفقات جديدة بنحو 75 مليار دولار مع كوريا الجنوبية، خلال زيارة ابن سلمان، في أحدث محاولة سعودية لتعزيز العلاقات مع أحد مستهلكي النفط الرئيسيين ورابع أكبر اقتصاد في آسيا.
وأشار الموقع إلى أن ولي العهد السعودي التقى، خلال الزيارة، الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، وعددا من رؤساء الشركات الكورية الكبرى، مثل "سامسونج" و"هيونداي".
وفي لقائه مع "يول"، قال ابن سلمان إنه يأمل في "تعزيز" التعاون الثنائي "بشكل كبير" في قطاعات الطاقة والدفاع والبنية التحتية والبناء، وفقاً لما أورده بيان مكتب الرئاسة الكوري الجنوبي.
وأبرزت عناوين وسائل الإعلام الكورية الجنوبية حجم الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، خلال زيارة ابن سلمان، التي استغرقت أقل من 24 ساعة، ووصفها بعضهم بأنها "يمكن أن تقود كوريا الجنوبية إلى طفرة اقتصادية" عبر عقود المشاريع العملاقة، مثل مشروع مدينة نيوم، الذي تبلغ قيمته نحو 500 مليار دولار.
فيما أشار الموقع البريطاني إلى أن الزيارة كانت محل تنديد من اللاجئين اليمنيين في كوريا الجنوبية، الذين اعتبروها مؤشراً إلى ازدواجية المعايير، في ظل معاناة بلادهم من صراع عسكري طويل الأمد تقوده السعودية.
وأضاف أن الضربات الجوية، التي تقودها السعودية في اليمن، تسببت في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب توصيف برنامج الغذاء العالمي، التابع للأمم المتحدة، وأن السنوات السبع الأخيرة من الحرب شهدت مقتل أكثر من 370 ألف شخص، ما يثير تساؤلات جدية حول مبيعات الأسلحة الكورية الجنوبية إلى السعودية، وشراكة سيول الموسعة مع الرياض.
ومع ذلك، لم تكن الصفقات الاستثمارية الضخمة بين السعودية وكوريا الجنوبية مفاجئة، بحسب الموقع البريطاني، إذ شهدت العلاقات الثنائية تطورا ملحوظا منذ صعود ابن سلمان إلى السلطة في عام 2015، حيث توسعت الشراكات في القطاعات التقليدية لتجارة النفط والبناء، إضافة إلى مشروعات تطوير الطاقة البديلة والترفيه وصناعة الأسلحة.
وسعت كوريا الجنوبية بشغف للمشاركة في بناء أول محطة للطاقة النووية في السعودية، وكانت من بين 4 دول قدمت عطاء للمشروع بقيمة 10 مليارات دولار، لتنافس بذلك فرنسا والصين وروسيا.
وجاء تعزيز الشراكة في مجال الصناعة الدفاعية بمثابة تتويج لتطور العلاقات السعودية الكورية، وهو ما عبر عنه وزير الأراضي والبنية التحتية والنقل الكوري الجنوبي، وون هي-ريونغ، الأسبوع الماضي، بقوله إن ولي العهد السعودي أظهر "إرادة قوية في التعاون في صناعة الأسلحة مع كوريا الجنوبية خلال القمة مع الرئيس يون سوك يول"، حسبما أوردت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية.
وهنا يشير "ميدل إيست آي" إلى أن مبيعات الأسلحة كورية الصنع للسعودية ليست أمرا جديدا، إذ وقعت المملكة عقوداً لاستيراد الأسلحة مع شركات دفاع كورية في آذار/ مارس الماضي بقيمة 989 مليون دولار، وفقاً لما ذكرته صحيفة "كوريا جونج أنج" اليومية.
وأصبحت كوريا بائعاً أكثر جاذبية لمنظومة الدفاع السعودية، بعد الحظر المؤقت لتصدير الأسلحة الأمريكية، في وقت سابق من العام الجاري، وفرض عقوبات على استيراد الأسلحة الروسية بعد غزو أوكرانيا، وهو ما ترجمته السياسة على الأرض بنشر السعودية صواريخ كورية مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي في حرب اليمن.
ويرى الباحث في مركز آسيا بجامعة سيول الوطنية، هوانغ أوي هيون، أن سلوك كوريا الجنوبية إزاء السعودية "يعكس سلوك حلفائها الغربيين"، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي وجه انتقاداته القاسية إلى حالة حقوق الإنسان في المملكة خلال حملته الانتخابية، سافر إلى جدة مع ارتفاع أسعار النفط للقاء ابن سلمان.
وأضاف: "كما يُنظر لموقف بايدن باعتباره خطوة لاستقطاب التعاون من السعوديين لتحقيق الاستقرار في أسعار الطاقة، فإن موقف كوريا الجنوبية لا يختلف عن ذلك (...) ما يهم سيول في سياستها الخارجية هو منافعها الأمنية والاقتصادية".
كما يندرج التطور متعدد الأبعاد، في العلاقات الثنائية بين كوريا الجنوبية والسعودية، في سياق خطط الإصلاح التي وضعها ابن سلمان لرؤيته الاستراتيجية "السعودية 2030"، القائمة على تنويع الاقتصاد بعيدا عن أحادية الاعتماد على النفط، وتنفيذ إصلاحات تشمل فتح صناعة الترفيه ورفع بعض القيود الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، كانت فرقة "بي تي إس" الكورية أول مجموعة فنية غير عربية تقدم عرضا على مسرح استاد الملك فهد الدولي، عام 2019، بحضور 60 ألف متفرج.
والتقى سو مان لي، مؤسس (SM Entertainment)، أكبر شركة ترفيهية في كوريا الجنوبية، الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود، نائبة وزير السياحة، في الرياض، وفقاً لصحيفة "كوريا الاقتصادية" اليومية.
وسو مان لي هو أيضاً المستشار الآسيوي الوحيد لخطة التنمية الجديدة للمملكة في القدية، وهي مدينة منتجعات ترفيهية تبلغ قيمة استثماراتها 82.1 مليار دولار.

«ميدل إيست آي»