رينبو الصهاينة ورامبو نَجْـد
- تم النشر بواسطة موقع ( لا ) الإخباري

«لا» 21 السياسي -
في خضم حملة الانتخابات الصهيونية قبل الأخيرة تعهد رئيس وزراء الكيان السابق/ اللاحق بنيامين نتنياهو ناخبيه بأنه وفي حال إعادة انتخابه سيفتح خط طيران مباشر للصهاينة من «تل أبيب» إلى مكة. لم يفز نتنياهو حينها؛ لكن ها هو اليوم يعود لحكم الكيان.
نتنياهو، الذي التقى ابن سلمان في مدينة «نيوم» في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، لم يكن إلا جاداً في وعده ذاك، وقد قطعه وفقاً لحقيقة التوأمة بين الكيانين المحتلين للأراضي المقدسة في فلسطين والحجاز، وهي الحقيقة التي تأكدت بالعدوان السعودي اليهودي المشترك والمؤمرك على اليمن.
ومن نافل القول أن نعيد هنا التذكير بالعلائقية العضوية بين الكيانين من حيث النشأة والدور والوظيفة. ولنذكر فقط بآخر تصريحٍ لنتنياهو بهذا الخصوص، قبل أسبوع تقريباً، ويقول: «القرار السعودي مدروس. فقد بدأت المملكة عملية تطبيع تدريجية معنا. وآمل أن يتم الانتهاء من التطبيع الكامل في غضون أسابيع قليلة». ولفت إلى أن «اتفاقيات أبراهام» للتطبيع مع دول خليجية لم تكن لتتم دون موافقة السعودية.
جاء ذلك في حديث نتنياهو مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، قال فيه إن التطبيع مع السعودية سيكون هدفه الدبلوماسي الرئيسي إذا تم إعادة انتخابه رئيسا للوزراء، وها هو قد عاد.
بالتوازي، وخلال مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الفائت في ملعبه للغولف بمدينة ميامي، دافع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن استضافة ملاعبه الخاصة بالغولف بطولة «ليف غولف» الممولة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
وقال الرئيس الأمريكي إنه لم يفكر مرتين في استضافة ملاعبه للبطولة، مضيفا أن محادثاته مع المسؤولين السعوديين أقنعته بأن احتضان المملكة للغولف «مهم جداً بالنسبة لهم»، وأنهم «يبذلون الكثير من الجهد وينفقون الكثير من المال عليها».
وعن سجل السعودية في حقوق الإنسان والانتقادات الموجهة لها رد ترامب قائلا: «لدينا مشاكل حقوق الإنسان في هذا البلد أيضاً»، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
ورغم حديث ترامب عن السعودية في إطار بطولته، إلا أنه خلال فترة حكمه كان دائم السخرية منها، وتحدث مرارا في جولاته الانتخابية بالولايات عن اتصالاته بملك السعودية وطلبه الدائم للأموال مقابل توفير الحماية.
وفي عام 2019، قال ترامب إن السعودية لا تملك شيئا آخر سوى المال، ولولا الحماية المقدمة من واشنطن لانهار النظام القائم في المملكة في وقت قصير. وتحدث ترامب مرارا عن ضرورة دفع السعوديين الأموال، مقابل الحماية الدفاعية التي تقدمها بلاده منذ عقود للرياض.
ونلحظ توازي الانتخابات النصفية الأمريكية مع الانتخابات الصهيونية. وبينما حُسمت الأخيرة لصالح رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتانياهو، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم الجمهوريين في الأولى، وهذا ما يدفع بعض المراقبين في الإعلام الأمريكي إلى رسم قوس جديد ينطلق من ترامب إلى نتنياهو ويخدم بالدرجة الأولى ابن سلمان. ويرى الإعلام الأمريكي أن الأيام الفاصلة عن نتائج الانتخابات النصفية سيستخدمها «مبس» لإبراز التناقض بينه وبين بايدن. وفي المقابل يبحث الديمقراطيون عن أفضل طريقة للانتقام من ابن سلمان، أكان بسبب تراجع إنتاج النفط أم دعمه غير المعلن للجمهوريين أو بسبب خداعه بايدن خلال زيارته الأخيرة للمملكة.
لكن حتى ولو لحق الجمهوريون بنتنياهو فلا شيء يضمن وفاء الطرفين لشخص ابن سلمان، ويعرف الأخير جيداً أن رجل الأعمال الرئيس السابق ترامب إذا فاز فريقه سوف يأخذ ويطالب قبل أن يعطي إذا أراد العطاء كما يؤكد بعضٌ من سيرته المذكورة أعلاه.
كذلك نتنياهو سيطالب ابن سلمان باعتراف رسمي وعلاقات دبلوماسية علنية، وبالتالي الخروج من دائرة الاعتراف السعودي المبهم. وهذا هو الواضح من تصريحاته الواردة مستهل هذه المادة.
ومن المرجح جداً أن يطلب الجمهوريون -في حالة الانتصار- من حليفهم رفع مستوى إنتاج النفط للمساعدة في امتصاص التضخم في العالم الغربي ودعم القوة الشرائية لجمهورهم.
ومن أجل فهم/ توقع ما سيحدث من عودة قزح الثلاثة وإعادة القوس الثلاثي، لا بد من استعراض ثوابت العلاقة الأمريكية السعودية، وهي كالتالي:
الثابت الأول هو أنّ السعودية كانت وستبقى حليفاً لأمريكا. والثابت الثاني هو أنّ واشنطن ما زالت ملتزمة بحماية السعودية واستقرار الحكم فيها لبني سعود. والثالث هو العلاقة الاقتصادية بين دولة المركز والدولة الطرفية النفطية: السعودية ترفد الاقتصاد العالمي بالنفط ولكنّها تعود لتستثمر عائداته في الاقتصاد الأمريكي والغربي عبر شراء الأصول وإيداع الأموال في مصارفه، وما لا يُستثمر مباشرةً يُستخدَم في شراء البضائع والخدمات التي تنتجها دولة المركز. أما الثابت الرابع فهو أنّ للسعودية أصدقاء في واشنطن، أهمهم لوبي السلاح ولوبي النفط النافذان، بالإضافة إلى جيش من كبار موظفي الإدارة والأسلاك الأمنية السابقين الذي يعملون في شركات العلاقات العامة ومراكز الأبحاث التي تتلقى التمويل السعودي السخي.
وبناءً على ما سبق طرحه من التزام بتلك المحددات ومن توقع إعادة إحياء تحالف الثلاثة: (ترامب، نتنياهو، مبس) فلن يتورع الأخير عن المضي في ممارسة اللعب على حبال الجمهوريين واللوبي الصهيوني واستراتيجية العلاقة المثلثة. غير أن النتائج قد لا تكون محسوبة جيداً ولا محسومة تماماً، وإن كانت تقليدية التجارب السابقة أدت إلى نتائج/ منافع العلاقة العضوية بين واشنطن وربيبتيها الرياض و»تل أبيب».
متغيرات اللحظة الممتدة منذ عقد تقريباً وحتى اليوم هي ما يشكك في حسم ابن سلمان للنتائج التي يرجوها. ومن تلك المتغيرات: تهور «مبس» شخصاً وقرارات ومغامرات، وانحيازه المكشوف لطرفٍ حاكم لواشنطن ضد طرفٍ حاكم آخر واعتماده على اللوبي الصهيوني في أمريكا.
فمن بمقدوره أن يضمن لترامب استمراره في قيادة الحزب الجمهوري وهو الذي لم تقبل بوجوده مؤسسة الحزب إلا على مضض ولأسباب مصلحية ظرفية؟! ومن ذا الذي يثق في اللوبي الصهيوني ليراهن عليه؟! ومن يضمن لـ»مبس» النجاة من كل جرائمه ووحشيته؟! ومن يعتمد على نتنياهو وهو من هو خسةً ونذالةً ومخادعة؟!!
قد لا يفصلنا عن مشهد العناق بين ابن سلمان ونتنياهو إلا الوقت وضرورات السيناريو السينمائي. غير أن من المؤكد أن «مبس» صار مثل المقامر الجالس على طاولة الروليت؛ كلما ربح أعاد المراهنة بكل ما لديه بل وأكثر مما يملك، كما يشير جول جمال على موقع «بوست 180». فالرهان خارج الوقت دائما، والمراهنة على العرش أبدا أكثر مما يملك ابن سلمان وأكبر مما يمتلك.
المصدر موقع ( لا ) الإخباري