«لا» 21 السياسي -
الهدنة التي أقيمت ومددت ويسعون الآن لتمديدها مجدداً يراد منها كسب الوقت لتتمكن الولايات المتحدة وبريطانيا من إقامة قواعد لهما في جنوب اليمن، إضافة إلى ما هو معلوم من مصلحة واشنطن ولندن وباريس وبرلين في استمرار تدفق الطاقة إليها واستقرار الممر المائي الذي تمر عبره تلك الفيول، مع الأخذ بالاعتبار ما صار واقعاً من سرقتها للنفط والغاز اليمنيين بالمشاركة مع الرياض وأبوظبي، اللتين تستميتان للتمديد لإبقاء أثدائهما النفطية بعيدةً عن ضربات التجفيف الباليستية اليمنية.
في المقابل، من غير الإنصاف أن يتم مقايضة ما سبق بسرقة أخرى للوقت في الحديث عن الهدنة وتمديدها وشروطها وبنودها ولونها وماهيتها وكأنها «بقرة بني إسرائيل».
عشرون جولة مكوكية قضاها مبعوث بايدن إلى اليمن من أجل الاحتفاظ بمكاسب الهدنة لصالح واشنطن، وهي الأرباح التي يسعى إلى توسيعها إلى كل ستة أشهر بدلاً من شهرين. وفي حوار أخير له مع «إندبندنت عربية» السعودية، ادعى ليندركينغ أن «بلاده تأمل في زيادة الرحلات الجوية والتجارية وإحراز مزيد من التهدئة على الصعيد العسكري، إضافة إلى التقدم في تسليم رواتب المعلمين والأطباء وموظفي الخدمة المدنية الذين لم يتسلموها منذ سنوات».
واعترف ليندركينغ بالوجود العسكري المباشر لبلاده في اليمن، وإن بمراوغة مخادعة قائلاً بأن حكومة المرتزقة شريك مهم لبلاده في مكافحة الإرهاب، وأنه يتم حالياً مناقشة دعم المرتزقة عسكرياً؛ ليخاطب المحرر: «إذا كنت تريد أن تسأل عن الجيش الأمريكي فأقترح أن تتحدث إلى وزارة الدفاع».
بعد المقابلة بثلاثة أيام طار ليندركينغ إلى جدة، حيث التقى ابن سلمان رفقة منسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغورك، ومستشار أمن الطاقة الأمريكي، آموس هوكستين.
وتُحاول السعودية بالتوازي ومن خلال مرتزقتها التحايل على مقترحات التمديد المطروحة بهدف إفراغها من مضمونها أو على الأقلّ تأخير تنفيذها عبر لعبة مزدوجة ومفضوحة في آن واحد.
في الجهة المقابلة، المتمثلة في الطرف الوطني، فإنه اليوم هو الذي في يده التحكم بأسعار النفط العالمية والذي صنع أيضاً معادلة صعبة ومزدوجة هي:
إن أعيدت الحرب فالجاهزية موجودة، وإن استمرت الهدنة مع ما فيها من خروق فستتيح لليمنيين البناء أكثر.
وتمتلك صنعاء حالياً الكثير من أوراق القوّة التي تتيح لها لملمة أوراق كوتشينة الهدنة لصالحها، وإما بعثرتها ولصالحها أيضاً، وما تهديدها باستهداف المنشآت النفطية وتحويل المياه الإقليمية لليمن إلى مسرح مواجهة سوى بعض من تلك الأوراق.
بالمحصلة ستكون دول العدوان أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما الاستجابة الكاملة لمتطلبات تمديد وقف إطلاق النار، وأبرزها صرف المرتبات واستكمال رفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، وإما انتظار جولة أخرى من الحرب تعيد إلى الطاولة أوراق اللعبة من جديد أو تقلب الطاولة تلك على كل من حولها.