«لا» 21 السياسي -
كتب دان جيلمان، عضو منظمة محاربين قدامى من أجل السلام، والذي خدم سابقاً في حرب فيتنام، مقالاً نشره موقع «تروث أوت» الأمريكي، يطالب الكونجرس بوضع حدٍّ للتواطؤ الأمريكي في الحرب التي تشنها السعودية على اليمن من خلال تمرير قانون يستند إلى قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، والذي يمكن أن ينهي الانخراط الأمريكي في الحرب على اليمن.
وفي مطلع مقاله يلفت الكاتب إلى أن غضب المنتقدين في الولايات المتحدة للرئيس بايدن لا يزال على أشدِّه من جرَّاء مصافحة قبضة اليد اللطيفة مع ابن سلمان والاجتماع معه في قمة جدة، متَّهِمين بايدن بإخلاف وعده بأنه سيجعل السعودية «منبوذة» بعد حادثة القتل الوحشي للصحافي جمال خاشقجي كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست».
ويستدرك الكاتب: «ليس دم خاشقجي وحده الذي تلطخت به يد ولي العهد السعودي؛ فبدعم من أمريكا تشنُّ السعودية منذ عام 2015 حرباً مروعةً وحصاراً على اليمن»، لافتاً إلى أن «لدى واشنطن الآن فرصة لوقف مشاركتها في هذه الحرب العقيمة التي أودت بحياة ما يقرب من 400 ألف مدني في اليمن».
ويقول الكاتب: «بصفتي واحداً من قدامى المحاربين في حرب فيتنام، لدي معرفة مباشرة بكُلْفة الحرب المروِّعة، وأولئك الذين يعانون ويلات الحرب أكثر من غيرهم هم أولئك الذين يقعون في أتون النيران. ولهذا السبب أَحُث أعضاء الكونجرس على الانضمام إلى أعضاء مجلس الشيوخ بيرنيساندرز، وإليزابيث وارين، وباتريك ليهي، وأكثر من 100 عضو في مجلس النواب، من أجل رعاية قرار «صلاحيات حرب اليمن – Yemen War Powers Resolution»، لإنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية على اليمن».
*****
بحسب تقرير لكريستوفر باريت في «الفورين أفيرز» فإن أزمات متداخلة تسببت في ما تصفه الأمم المتحدة اليوم بأنه «أكبر أزمة تواجهها البشرية في تكاليف المعيشة منذ جيل كامل»: جائحة كورونا المستمرة، الحروب الدائرة في أوكرانيا وأماكن أخرى، سلسلة التوريد العالقة في عنق الزجاجة، الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، وغيرها.
ومن المؤسف أن الأزمة الحالية والتجارب السابقة تُثبت أن استجابة القادة الغربيين غير كافية، وأن السياسة التي يتبعونها تساهم في تفاقم أوجه عدم المساواة السائدة. ففي أوكرانيا، على سبيل المثال، كانت الاستجابة الإنسانية العالمية سريعة بشكل يستحق الثناء. ونتيجة لذلك، أوكرانيا ليست من بين البلدان التي تواجه حالة طوارئ غذائية، رغم أنها تتعرض لغزو روسي تسبب في نزوح أكثر من 12 مليون أوكراني عن ديارهم. كما أن ارتفاع الأسعار لم يؤثر على النازحين الأوكرانيين ولم يسبب لهم جوعاً جماعياً، كما حدث ويحدث مع الأشخاص ذوي البشرة السمراء الذين يعانون من الحروب وانعدام الأمن الغذائي. ففي اليمن، على سبيل المثال، هناك أكثر من 19 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي نتيجة الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات، بحسب برنامج الأغذية العالمي. فلو يتعامل المجتمع الدولي مع كل الأزمات كما تعامل مع أوكرانيا فإن النظام الغذائي العالمي يكفي لمعالجة كل المشاكل.
*****
نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالا للصحفي إدوارد وونغ، نقل من خلاله عن مسؤولين سابقين ومحللين، قولهم إن نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد مرور أكثر من عام ونصف على تسلمه السلطة يتوافق بشكل مدهش مع سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
في السعودية، التقى  بايدن مع ابن سلمان، رغم تعهده السابق بجعل السعودية دولة «منبوذة» بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ولاسيما مقتل كاتب في صحيفة «واشنطن بوست» في عام 2018.
خلف الكواليس، لا تزال الولايات المتحدة تقدم دعما مهما للجيش السعودي في الحرب على اليمن، رغم تعهد بايدن السابق بإنهاء تلك المساعدة بسبب الضربات الجوية السعودية التي قتلت مدنيين.
قال ستيفن بيغن، نائب وزير الخارجية في إدارة ترامب ومسؤول في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس جورج بوش الابن: «السياسات تتقارب. الاستمرارية هي القاعدة، حتى بين رؤساء مختلفين مثل ترامبوبايدن».
وانتقد كبار المشرعين الديمقراطيين اجتماعه مع ابن سلمان ومساعدته للجيش السعودي، على سبيل المثال، رغم أن مسؤولي الإدارة روجوا لوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في اليمن.
*****
ينقل جيمس دورسي على موقع «أوراسيا ريفيو» عن المحلل السياسي والعسكري والمسؤول السابق في البنتاجون بلال صعب قوله: «تتيح عملية إصلاح الدفاع السعودية فرصة لإدارة بايدن للانخراط مع السعوديين في قضايا الأمن القومي الحرجة مع حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية ومراعاة القيم الأمريكية».
وأضاف «صعب» في دراسة مفصلة على خلفية الجدل بشأن مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية وجدوى زيارة بايدن للمملكة: «إصلاح الدفاع شكل مناسب للغاية من المساعدة الأمريكية غير المثيرة للجدل سياسياً، ولا يكلف الكثير من أموال دافعي الضرائب الأمريكية، ولا يتطلب وجوداً أمريكياً كبيراً على الأرض. ربما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لإعادة ضبط العلاقة المتوترة وإعادة بناء الثقة تدريجياً بين الجانبين».
وإذا نجحت هذه الإصلاحات، فإنها ستقدم «دروساً لا تقدر بثمن للمساعدة العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة»، وفق ما يقوله «صعب».
وذكر «صعب»، الذي كان يتولى في البنتاجون مسؤوليات تتعلق بالإشراف على القيادة المركزية الأمريكية التي تعمل في الشرق الأوسط: «كانت المملكة نموذجاً للخلل الوظيفي في مجالات التعاون العسكري الأمريكي العربي، حيث تتجسد في الحالة السعودية كل أخطاء العلاقات الدفاعية الأمريكية العربية».
وأضاف: «لفترة طويلة جداً، باعت واشنطن للسعوديين والشركاء العرب الآخرين أسلحة باهظة الثمن لا يحتاجون إليها أو لا يعرفون كيفية استخدامها والحفاظ عليها بشكل صحيح، ولم تهتم أبداً بمساعدتهم في تطوير قواتهم المسلحة حتى يتمكنوا من تحمل واجبات الأمن القومي المنوطة بهم».
وعلى مر السنين، كان هناك سخرية من عدم قدرة المملكة على الأداء في ساحة المعركة، وعجزها عن الدفاع عن نفسها رغم الإنفاق السعودي الهائل على مشتريات الأسلحة (من بين أعلى المعدلات في العالم).
ويدعي دورسي أنه على مدى السنوات الـ7 الماضية، تمكنت السعودية من الحفاظ على قوتها العسكرية في اليمن؛ لكنها لم تتمكن من دحر التقدم الإقليمي والاستراتيجي لـ»الحوثيين» أو منع أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.