«لا» 21 السياسي -
قالت وسائل إعلام «إسرائيلية» إن ضابطاً في الجيش الإماراتي برتبة عقيد سيلتحق بكلية الأمن القومي التابعة للجيش «الإسرائيلي» بموافقة ابن زايد.
كلية الأمن القومي «الإسرائيلية»، السلك الرفيع في الجيش «الإسرائيلي» وأجهزة الأمن والحكومة، تؤهل لإشغال مناصب قيادية وإدارية رفيعة، وتستمر مدة التعليم في الكلية 10 أشهر، يجري خلالها الملتحقون أبحاثاً في تحديات الأمن القومي «الإسرائيلي» بواسطة لقاءات مع مصممي السياسة والأمن القومي في «إسرائيل» إلى جانب جولات في «إسرائيل» وخارجها.
بهذه الخطوة المعلنة تلتحق «تل أبيب» بعرابتيها واشنطن ولندن في صناعة الخونة والمرتزقة والعملاء من الحكام العرب وغيرهم.
في هذا الملف نتناول بعض تفاصيل تلك الصناعة الصهيونية وبعض غاياتها ونتائجها.

المؤرخ هيلاري بيراتون في كتابه «تاريخ الطلبة الأجانب في الجامعات البريطانية»، يقول إن سياسة بريطانيا، خلال الاستعمار وبعده، تعتمد على تشكيل شبكة علاقات واسعة بين المملكة المتحدة وبين حُكَّام وقادة الدول التي كانت تابعة لها. تبدو الصفقة رابحةً للجميع: تحظى بريطانيا بعلاقات قوية مع قادة هذه الدول، ويتلقَّى هؤلاء القادة تدريباً عسكرياً رفيعاً على مستوى أبناء العائلة الملكية البريطانية.
رأت بريطانيا منذ استعمارها القديم في منطقة الخليج أنه يجب عليها ربط علاقات قوية مع رؤساء القبائل الذين أصبحوا فيما بعد «الاستقلال» حكاماً لدول الخليج، وذلك بسبب المال الوفير الذي يتحكم فيه رؤساء تلك الدول، فطبقاً لتقرير نشرته (بي بي سي) عام 2014 على لسان جان كينينمونت، وهي نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاثام هاوس، فإن المال الخليجي يُمول عمليات تطوير البنية التحتية في بريطانيا، فضلاً عن استثمارات شركات النفط والغاز البريطانية مع دول الخليج.
ومع مرور السنوات ارتفعت قيمة الاستثمارات بين دول مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا إلى مئات ملايين الدولارات، ففي عام 2005 كان حجم التجارة بين مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا يقدر بـ13.2 مليار دولار، وفي عام 2010 وصلت قيمة التجارة إلى 19 مليار دولار، حتى وصلت إلى ذروتها عام 2016 بقيمة 44.5 مليار دولار، ناهيك عن التعاون العسكري والدفاعي.
وفي عام 2014 أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن لديها خططاً لإنشاء ثلاث قواعد عسكرية في منطقة الخليج (عُمان والإمارات والبحرين). وبعدها بأربعة أعوام فقط عام 2018 أنشأت بريطانيا مِرفق الدعم البحري البريطاني في البحرين، وهو بمثابة قاعدة عسكرية بحرية لبريطانيا في قلب البحرين. كما أعلنت بريطانيا أيضاً فتح قاعدة عسكرية في سلطنة عُمان عام 2019 لتكون مركزاً لتدريب قواتها والقوات البحرينية، في سُبل تعاون عسكري مشترك بين البلدين.
تسعى بريطانيا دائماً لاكتساب أكبر قوة عسكرية واقتصادية في منطقة الخليج. فَجلب الاستثمارات في المنطقة الغنية بالنفط قد يكون تعويضاً اقتصادياً جيداً عن الخسارة التي تعرضت لها جراء خروجها من الاتحاد الأوروبي، فضلاً أيضاً عن إرادة بريطانيا لاستعادة تاريخها الإمبراطوري في منطقة الخليج.
فمنذ بداية العقد الثاني من القرن الماضي وانتهاء الحرب العالمية الثانية، والولايات المتحدة الأمريكية هي الفاعل الأقوى في منطقة الخليج بلا منازع؛ ولكن الولايات المتحدة بدأت تفقد زمام أمر الاستقرار هناك، وقد تكون فرصة لن تعوض لبريطانيا لكسب مزيد من النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي داخل تلك المنطقة.
وفقاً لـ(BBC) كانت جنازة ملك الأردن السابق (الملك حسين) عام 1999 جنازة فارقة. الجنرال آرثر دينارو، القائد بأكاديمية ساندهيرست السابق، ووزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، كان حاضراً في الجنازة. رئيس الوزراء توني بلير كان حاضراً في الجنازة. وجد بلير نفسه أمام وزيره الذي يُصافح كبار أمراء الخليج وكبار رجالات الدول حول العالم وهو يعرفهم. سأله بلير: كيف تعرفت على كل هؤلاء؟ فقال له الجنرال دينارو: لأنهم تتلمذوا في ساندهيرست.
وأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية (Royal Military Academy Sandhurst) ‏هي كلية عسكرية بريطانية تأسست في عام 1802، وتُعد مركز تدريب أساسي لضباط الجيش البريطاني لأكثر من 200 عام. يلتحق بالأكاديمية أبناء العائلة الملكية في بريطانيا؛ لكن برنامجها مكوَّن من 44 أسبوعاً مكثفاً من التدريب بتكلفة 220 ألف دولار أمريكي وبما يجذب عسكريين من بلادٍ أخرى.
ذكرت شبكة (بي بي سي) البريطانية أن للأكاديمية تاريخاً طويلاً في استقبال أبناء قادة بلاد الشرق الأوسط، الذين يستلمون بعد ذلك دفة الحكم في بلادهم. أبرز هؤلاء القادة كان الملك حسين ملك الأردن، لكنه لم يكُن الوحيد.
وفقاً للعديد من المحللين فإنَّ خرّيجي الأكاديمية يستخدمون علاقاتهم بكبار رجال السِّلاح في العالم (أو في المنطقة)، والذين يكونون في أغلب الأوقات زملاءهم في الكلية للقيام بانقلابات، أو للاستيلاء على السلطة.
في العام 1966 كان الضابط النيجيري شوكوما كادونا قد أتمّ دراسته في الكليَّة ليعود إلى نيجيريا ويقود انقلاباً عسكرياً دموياً قُتل فيه رئيس مجلس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، واثنان من رؤساء الوزراء الإقليميين. التركيبة في نيجيريا معقَّدة للغاية، ما دفع الإقليم الشرقي للانفصال عن دولة نيجيريا وتأسيس دولة بيافرا، والتي امتدّ الصراع عليها منذ العام 1967 وحتى 1970 حين تمت تصفية التمرُّد.
هذا الانقلاب لم يكن الوحيد، فانقلاب العقيد مُعمر القذافي كذلك في العام 1969 على حكم الدولة السنوسيَّة أحد الانقلابات التي يتم احتسابها في عداد انقلابات ضباط أكاديمية ساندهيرست.
حمد بن خليفة آل ثاني انقلب على والده لينقلب عليه لاحقاً ابنه تميم في قطر. ومحمد بن زايد انقلب على أخيه خليفة في الإمارات... وجميعهم من خريجي ساندهيرست.
وبحسب تقارير الأكاديمية، تحتل الإمارات المركز الأول على قائمة أكثر الدول التي درس ضباطها في ساندهيرست، بعد بريطانيا.
السعودية وحدها لديها 12 أميراً كانوا وما زال بعضهم في مناصب قيادية عليا، تخرجوا في الأكاديمية، ناهيك أنَّه من ضمن 72 ضابطاً جديداً استقبلتهم الأكاديمية من خارج بريطانيا، 40٪ منهم عرب.
وتضم قائمة خريجي ساندهيرست:
من السعودية: متعب بن عبد الله بن عبد العزيز بن سعود وزير الحرس الوطني السعودي السابق، خالد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سعود، سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز بن سعود أمير حائل، خالد بن سلطان بن عبد العزيز بن سعود نائب وزير الدفاع السابق، خالد بن بندر بن عبد العزيز بن سعود رئيس الاستخبارات العامة، محمد بن نواف بن عبدالعزيز بن سعود سفير السعودية لدى بريطانيا العظمى وأيرلندا السابق، سلطان بن فهد بن عبد العزيز بن سعود، عبد الرحمن الفيصل بن عبد العزيز بن سعود، تركي بن طلال بن عبد العزيز بن سعود، عبد العزيز بن طلال، عبد الرحمن بن طلال.
من الإمارات: محمد بن راشد بن مكتوم حاكم دبي رئيس مجلس الوزراء نائب رئيس الدولة، حمدان بن محمد بن راشد بن مكتوم ولي عهد دبي، محمد بن زايد بن نهيان ولي عهد أبوظبي، خليفة بن سيف بن محمد بن نهيان، راشد بن محمد بن مكتوم، ذياب بن سيف بن محمد بن نهيان، بطي بن سهيل بن بطي المكتوم، عبد الله بن راشد المعلا.
من البحرين: حمد بن عيسى بن خليفة ملك البحرين، ونجلاه ناصر وخالد، محمد بن سلمان بن خليفة، محمد بن خليفة بن حمد بن خليفة، خليفة بن أحمد بن خليفة، محمد بن راشد بن خليفة، خليفة بن راشد بن خليفة، سلمان بن محمد بن خليفة، عبد الله بن سلمان بن خالد بن خليفة.
من قطر: حمد بن خليفة بن ثاني أمير قطر الأسبق، تميم بن حمد بن خليفة بن ثاني أمير قطر، جاسم بن حمد بن ثاني، عبد الله بن خليفة بن ثاني، حمد بن جاسم بن حمد بن ثاني، حمد بن خالد بن ثاني.
من الكويت: فهد الأحمد الجابر الصباح، مبارك عبد الله الجابر الصباح أول رئيس لهيئة الأركان العامة في الجيش الكويتي، سعد العبد الله السالم الصباح، علي بن صباح الصباح، عبدالله السالم الجابر الصباح، فيصل صباح السالم الصباح، يوسف علي يوسف الصباح، ناصر الفواز الصباح.
من الأردن: طلال بن عبد الله ملك الأردن الأسبق، الحسين بن طلال ملك الأردن الأسبق، عبد الله بن الحسين ملك الأردن، عائشة بنت الحسين، إيمان بنت الحسين، علي بن الحسين، حمزة بن الحسين، هاشم بن الحسين، راشد بن الحسن، بسمة بنت طلال، طلال بن محمد.
من مصر: الأمير محمد علي حسن بيك، الأمير محمد سعيد بيك حلمي، فاهد يسري باشا، أحمد محمد علي مستشار السيسي وناطق الجيش المصري سابقاً.
من عُمان: قابوس بن سعيد سلطان عُمان السابق.
تمنح الأكاديمية بريطانيا قوةً لا يُستهان بها في الخليج، فأغلب أمراء الخليج تخرَّجوا في الأكاديمية. وناهيك عن السِّياسة الخارجية القويَّة، فإنّ بريطانيا تستفيد من استثمارات دُول الخليج على أرضها بشكلٍ كبير، بالخصوص قطر والإمارات، ما دفع «الدايلي ميل» لنشر مقال بعنوان: «قطر.. الدويلة الخليجية التي اشترت بريطانيا». تقارير عديدة وتصريحات لضُبَّاط بالأكاديمية تُوضِّح أنَّ بريطانيا تعتَمِد على خريجي الأكاديمية، وتستفيد منهم حتى في المبيعات العسكرية، كما صرَّح بذلك العميد سينوك، ملحق الدِّفاع السَّابق في السُّعودية لـ(BBC).
دويلة الإمارات تموِّل عمليات تطوير البنية التحتية في بريطانيا وآبار النِّفط، بينما تقوم قطر بدورٍ أكبر بكثير. يمتلك القطريون بُرج «شارد»، أطول مبنى من الصُّلب والزُّجاج في أوروبا، ويمتلكون القرية الأوليمبية، و»هارودز»، وهو أحد أشهر المحلات التُّجارية الضَّخمة، اشترته العائلة المالكة في قطر عام 2010 بأموال قدَّرتها وسائل إعلام بـ1.5 مليار جنيه استرليني (2.2 مليار دولار أمريكي). لا يتوقف الاستثمار القطري عند هذا، فالقطريون يمتلكون مساحات شاسعة من حي كناري وارف المالي. وحينما واجه بنك باركليز ورطة في خِضَمّ الاضطرابات المصرفية أصبحت قطر أكبر مُسَاهِم في البنك وأنقذته. كما تمتلك كذلك 20٪ من بورصة لندن.
أموال أمراء الخليج العربي السخيِّة ليست خارج المعادلة؛ فقد تلقَّت أكاديمية ساندهيرست، خلال العامين السابقين فقط، تبرعاً بقيمة 15 مليون جنيه استرليني من الإمارات لإنشاء مبنى سكني جديد يحمل اسم الشيخ زايد بن نهيان مؤسس دولة الإمارات، و3 ملايين جنيه استرليني من ملك البحرين.
بريطانيا ما زالت حاضرة في دول الخليج بقوى أخرى غير قوتها العسكرية؛ فمن ناحية تُدرِّب أغلب أمراء الخليج، وتظلّ معهم على علاقات جيدة، وهذا يسهل لها مصالحها في الخليج، ويجعلها تستفيد من النفط والغاز، ثمَّ من الاستثمارات، التي جعلت دويلة مثل قطر تمتلك نصف بريطانيا!
تتلقى الحكومة البريطانية الكثير من الانتقادات بشأن تزايد تدفق طلاب من ذوي العائلات الحاكمة في دول الخليج عاماً بعد عام، الذين بدورهم يتلقون التدريبات العسكرية والمهارات الفكرية ثم يرجعون لتولي مقاليد الحكم فيستخدمون ما تعلموه في قمع شعوبهم وإذلالهم
تحدث تيم فارون، زعيم الديمقراطيين الأحرار في بريطانيا، عن ذلك موجهاً انتقاده للحكومة بأنها تسعى لكسب مزيد من الإيرادات بشأن الأكاديمية بواسطة أموال الخليج الطائلة وتتجاهل ملف حقوق الإنسان بحق شعوب تلك الدول. وقال أيضاً: «يجلس شيوخ العرب في أكاديميتِنا العسكرية، ويتعلمون أفضل ما لدينا، ثم يعيدون هذه الأشياء إلى الأنظمة التي تقمع سكانها وتدوس على حقوق الإنسان. وسوف يتساءل الناس داخل وخارج بريطانيا: لماذا نبيع الأسلحة للسعوديين وندرب البحرينيين ليضطهدوا شعوبهم؟!». وشدّدَ فارون على أنه يجب على الحكومة البريطانية الالتزام بالقيم الأخلاقية التي تدعو إليها.
وأدانت تقارير حقوقية دولية التعاطي البريطاني بشأن بيع السلاح لدول الخليج كالسعودية مثالاً بينما تستمر في قتل اليمنيين وتقمع شعبها وتصدر عشرات من أحكام الإعدام، فضلاً عن مئات المعتقلين من معارضي الرأي من الرجال والناشطات بمجال حقوق الإنسان، ومع ذلك تستمر بريطانيا في بيع صفقات أسلحة لها تُقدر بعشرات المليارات.
ساندهيرست من بقايا الماضي الاستعماري، وفي المستقبل سوف ينظر الناس للوراء وكيف عبثت بريطانيا كثيرا بالشعوب العربية لأنها أرادت بيع المزيد من طائرات تايفون لتلاميذها القتلة.

تأسست «مدرسة الأمريكتين» (School of the Americas)، التي تعرف اختصاراً بـ(SOA) عام 1946 في منطقة قناة بنما، التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، وتستخدمها لإدارة نفوذها في أمريكا اللاتينية، وهي منشأة تدريب تابعة للجيش الأمريكي، مخصصة للطلاب والضباط الناطقين بالإسبانية في أمريكا اللاتينية.
قد تكون هذه المدرسة الأسوأ تأثيراً في حياة البشر على الإطلاق؛ فهذه المدرسة كان لها دور كبير في مقتل وتشريد مئات الآلاف في أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى تدمير الدول، ووقوعها في دائرة مفرغة من العنف؛ مما سبب إنتاج ملايين اللاجئين والمشردين.
دربت (SOA) أكثر من 63 ألفاً من أفراد الجيش والشرطة على «مكافحة التمرد» على مدى 50 عاماً.
ووجدت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السلفادور مثلاً عام 1992 أن خريجي (SOA) يتقلدون مناصب بارزة بين كل الرتب والقادة المتورطين في عمليات الاغتيال والمذابح الكبرى.
وقد أورد أحد التقارير أنه في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1981 ارتكب الجيش السلفادوري «مذبحة الموزوت» التي تضاعفت فيها الوحشية لأبعاد خيالية؛ إذ حاصر الجيش السلفادوري قرية الموزوت، واحتجز كل الأشخاص، وفصل الرجال والفتيان، وأدخلهم إلى غرف لتعذيبهم بوحشية، ثم أخذ النساء والفتيات حتى اللائي لم يتجاوزن العاشرة إلى غرف أخرى ليتم اغتصابهن، وفي النهاية قتلوا الجميع.
بلغ عدد القتلى نحو 900 مدني. حتى الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم السنتين، شقوا حلوقهم وعلقوهم على الأشجار. ودعت الأمم المتحدة إلى محاكمة 12 ضابطاً، منهم 10 من خريجي مدرسة الأمريكتين.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 1982 في عهد خريج مدرسة الأمريكتين الجنرال إيفرين مونت، رئيس جواتيمالا، اقتحم عشرات الجنود من فرقة قوات خاصة تابعة للجيش قرية دوس إيريس، واغتصبوا النساء والفتيات بشكل منهجي، وقتل الجنود القرويون بالمطارق والهراوى، وألقوا بهم في بئر، وبلغ عدد الضحايا 250 رجلاً وامرأة وطفلاً. وبعد المذبحة عينت مدرسة الأمريكتين أحد المتهمين، الضابط بيدرو ريوس، مدرباً، وحُكم عليه عام 2012 بـ6060 سنة لدوره في قتل ضحايا المذبحة.
إن إلقاء نظرة على بعض خريجي (SOA) الذين شاركوا ببعض أسوأ الفظائع في أمريكا اللاتينية يظهر أن هؤلاء ليسوا بعض الأفراد المارقين أو مجرد أخطاء فردية، فكثيراً ما يستمر الترابط بين الكثير من الخريجين وواشنطن عبر وكالة الاستخبارات الأمريكية.
ولكن يصعب حصر أو إدراج جميع المجرمين الذين تخرجوا في مدرسة الأمريكتين (SOA)، وذهبوا لقتل وتعذيب البشر في بلدانهم؛ لكن من المؤكد أنه قد تخرج في المدرسة 18 ديكتاتوراً على الأقل (نذكرهم في السطور التالية) وصلوا إلى الحكم بانقلابات وطرق غير ديمقراطية، وهم:
1. الجنرال خورخي فيديلا: أمر خورخي فيديلا، الدكتاتور العسكري الذي حكم الأرجنتين في الفترة 1976 - 1981، بالتعذيب الوحشي، وتسبب في ما لا يقل عن 9 آلاف حالة وفاة، واختفاء ما يقدر بنحو 30 ألف شخص. كما اختطف نظامه ما لا يقل عن 500 طفل من أبناء المعارضين السياسيين.
2. الجنرال روبرتو فيولا: ديكتاتور عسكري حكم الأرجنتين عام 1981 من خلال التغيير المقرر لتداول السلطة بين الحكام العسكريين؛ ولكن انقلب عليه الجنرال جالتيري في العام نفسه، وأدين فيولا بتهم القتل والاختطاف والتعذيب، خلال «الحرب القذرة» في عام 1985.
3. الجنرال ليوبولدو جالتيري: ديكتاتور عسكري حكم الأرجنتين عامي 1981 و1982 بعد وصوله للسلطة عن طريق انقلاب عنيف أزاح به فيولا، واستمرت في عهده عمليات القتل والإخفاء القسري، بما فيها رمي الضحايا في المحيط بعد تخديرهم. وأدين جالتيري وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً لقيادته الأرجنتين إلى حرب الفوكلاند مع بريطانيا، لاستخدام الحرب كوسيلة لكسب الدعم الشعبي للجيش.
4. العقيد ماريو دافيكو: أحد المستشارين العسكريين الأرجنتينيين الموجودين في هندوراس خلال أوائل الثمانينيات، لتعليم القوات المسلحة الهندوراسية الأسلوب الأرجنتيني للقمع الذي مارسه بنجاح خلال «الحرب القذرة» في الأرجنتين (1976-1983). وشملت الأساليب الاحتجاز التعسفي والتعذيب والتصفية خارج نطاق القضاء وطرق التخلص من جثث الضحايا.
5. العقيد خوليو ألبيرز: قائد قوة مكافحة التمرد الجواتيمالية المسؤولة عن مقتل أكثر من 100 ألف جواتيمالي طوال فترة الحرب الأهلية التي استمرت أربعة عقود، وكان على قائمة رواتب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
6. الجنرال هيكتور جراماجو: قائد ميداني للجيش الجواتيمالي في الثمانينيات ووزير الدفاع من عام 1987 إلى عام 1990 ومهندس سياسات الإبادة الجماعية التي تسببت بشكل أساسي في الفظائع العسكرية في جواتيمالا طوال الثمانينيات، وأُدين بالعديد من جرائم الحرب، بما في ذلك الاغتصاب وتعذيب ديانا أورتيز.
7. الجنرال إيفرين مونت: ديكتاتور جواتيمالا الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1982. حصل على دعم الولايات المتحدة عسكرياً وأيده الرئيس ريجان بتصريحات تشيد به. وثقت لجنتان للحقيقة قيام نظامه بعمليات اغتصاب وتعذيب وتصفية وأعمال إبادة جماعية ضد السكان، وأصبح أول زعيم في أمريكا اللاتينية يُدان بالإبادة الجماعية في عام 2013 لدوره في قتل أكثر من 1700 من السكان الأصليين، وأشرف على اغتصاب وتعذيب عدد لا يحصى من الضحايا الآخرين عبر سلسلة من المذابح العسكرية. وتشير تقديرات متحفظة إلى مقتل 200 ألف جواتيمالي على يده.
8. العقيد لويس بوهوركيز: صدرت مذكرة اعتقاله لتورطه في قتل 20 عامل موز في منطقة (Urabá) الكولومبية عام 1988. قاد مذبحة أخرى، قُتل فيها 13 مدنياً في ريوفريو، فاضطر الجيش الكولومبي لطرده أخيراً تحت ضغط دولي شديد.
9. الجنرال هوجو بانزر سواريز: جنرال عسكري أصبح ديكتاتور بوليفيا من عام 1971 إلى عام 1978، بعد استيلائه على السلطة بانقلاب عنيف عام 1971. يعرف سواريز بسحق عمال المناجم، وإساءة معاملة وقتل العاملين في مجال حقوق الإنسان، وأغلق أيضاً الجامعات وحظر جميع الأنشطة السياسية، واعتقل 3 آلاف معارض سياسي، وقتل 200، وتعرض كثيرون آخرون للتعذيب والاختفاء على يديه، وفي عام 1974 قتل حوالى 100 فلاح بسبب احتجاجهم على ارتفاع الأسعار.
10. الضابط روبرتو داوبويسون أرييتا: قائد فرق الموت التي قتلت نحو 30 ألف مدني خلال الحرب الأهلية في السلفادور بحجة مكافحة الشيوعية. كان أرييتا يفضل استخدام موقد النار على أطراف ضحاياه وأعضائهم التناسلية أثناء الاستجوابات، وكان أيضاً العقل المدبر لاغتيال المطران أوسكار روميرو.
11. الجنرال خوان رافائيل بوستيلو: عمل رئيساً للقوات الجوية السلفادورية، ومتهم بالتخطيط لقتل ستة كهنة ومدبرة منزلهم وابنتها في عام 1989، ومطلوب أيضاً في فرنسا لتعذيب واغتصاب وقتل ممرضة فرنسية في العام نفسه. وأشرف بوستيلو على عملية كونترا لاستيراد الأسلحة إلى نيكاراجوا، والتي تم دفع ثمنها من الكوكايين الذي تم تهريبه إلى الولايات المتحدة، ومتورط أيضاً في مذبحة قرية موزوتي.
12. ميجيل كراسنوف: قائد الشرطة السرية لحكومة بينوشيه في تشيلي. اتُّهم باختطاف وتعذيب واغتيال النشطاء اليساريين المعارضين لنظام بينوشيه، واعتقل وعذب أكثر من 40 ألف شخص.
13. الجنرال جييرمو رودريجيز: دكتاتور عسكري تولى الحكم بعد انقلاب من 1972 إلى 1976 في تشيلي.
14. الجنرال مانويل نورييجا: دكتاتور بنما العسكري في الفترة 1983 - 1989. كان على قائمة رواتب وكالة المخابرات، رغم تورطه في تجارة المخدرات. وقد حوكم بعد غزو أمريكا لبنما بتهم تهريب المخدرات والابتزاز وغسيل الأموال، وأدين بتهمة القتل.
15. الجنرال عمر توريخوس: شغل منصب قائد الحرس الجمهوري في بنما، والحاكم الفعلي لبنما من عام 1968 حتى 1981 بعد انقلاب عسكري على رئيس منتخب ديمقراطياً.
16. فلاديميرو مونتيسينوس: رئيس مكافحة التجسس في بيرو وعميل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. في التسعينيات قاد فرقة موت مناهضة للشيوعية تسمى مجموعة كولينا، وارتكبت عدة مذابح بشعة بحق المزارعين والنقابيين واليساريين.
17. الجنرال خوان فيلاسكو ألفارادو: دكتاتور شغل منصب رئيس بيرو خلال الديكتاتورية 1968 - 1975 بعد الإطاحة بالحكومة المدنية المنتخبة.
18. الجنرال راؤول سيدراس: قاد المجلس العسكري الحاكم في هايتي في السلطة من عام 1991 إلى عام 1994، بعد الإطاحة برئيس هايتي المنتخب ديمقراطياً، جان أريستيد.
في 20 أيلول/ سبتمبر 1996 أصدر البنتاجون وثائق أظهرت أن كتيبات المخابرات بالجيش الأمريكي التي كانت تستخدم لتدريب الضباط العسكريين في أمريكا اللاتينية من 1982 إلى 1991 دعت إلى عمليات التصفية والتعذيب والابتزاز، وأشكال أخرى من الإكراه ضد المتمردين.
خلال التسعينيات نمت الحركة المناهضة للمدرسة، لتصبح الأكبر في الولايات المتحدة منذ حرب فيتنام. وبالرغم من ذلك استمرت المحاولات الحكومية للدفاع عن المدرسة.
وفي عام 1997 اضطرت حكومة الولايات المتحدة إلى الاعتراف علناً بأنها تدير مدرسة دربت العديد من الديكتاتوريين والجنرالات وقادة فرق الموت في أمريكا اللاتينية الذين ارتكبوا فظائع لا تعد ولا تحصى في بلدانهم.
وأثار هذا الاعتراف العديد من المطالبات بإغلاق المدرسة؛ ولكن رغم هذه الجرائم استمرت إدارة كلينتون في الدفاع عن المدرسة، باعتبارها عنصراً ضرورياً في السياسة الخارجية الأمريكية.
على سبيل المثال في كانون الثاني/ يناير 1998 كتب وزير الدفاع ويليام كوهين: «المدرسة جزء لا يتجزأ من جهودنا لتطوير علاقات أوثق وأكثر فاعلية مع جيوش أمريكا اللاتينية. لقد تأكدنا من أن المدرسة هي مصدر فعال لنشر قيمنا بين القيادة العسكرية في المنطقة».
وفي 15 كانون الأول/ ديسمبر 2000 أُغلقت المدرسة وصوّت الكونجرس على اقتراح البنتاجون بفتح مدرسة جديدة، إذ افتتح معهد نصف الكرة الغربي للتعاون الأمني (WHISC) في كانون الثاني/ يناير 2001. وهي تحتل مبنى مدرسة الأمريكتين السابق في فورت بينينج، بولاية جورجيا، لتديرها وزارة الدفاع بدلاً من الجيش؛ ولكن المنتقدين يقولون إن الجيش لا يفعل أكثر من تغيير اسم مدرسة لُقبت على مر السنين بـ»مدرسة القتلة».
وعلق جوزيف بلير، الذي عمل مدربا في مدرسة الأمريكتين خلال الفترة من 1986 إلى 1989: «لم يزل المعهد الجديد يُعلِّم المواد العسكرية نفسها التي علمتها مدرسة الأمريكتين العام الماضي وقبل 10 سنوات، لم يتغير شيء فقد أنشؤوا العديد من الدورات مع عناوين توحي بأن المعهد موجود لتعليم الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ لكن معظم هذه الدورات لا يتم تدريسها أبداً، وعندما يتم تدريس بعضها يحضر عدد قليل من الطلاب، أربعة أو خمسة. أما 95٪ من الطلاب فيتلقون دورات قتالية».
ولفت الصحافي سيمور هيرش إلى أن «معهد نصف الكرة الغربي للتعاون الأمني عين الكولونيل جون ليموي، الذي تورط في انتهاكات لحقوق الإنسان ضد العراقيين خلال حرب الخليج عام 1991، وتضمنت الانتهاكات ثلاث مذابح، إحداها مذبحة قُتل فيها 382 أسير حرب عراقيا؛ قائداً عاماً للمعهد»!
مدرسة الأمريكيتين فكرة لا تفنى وباقية ما بقيت أمريكا!