«لا» 21 السياسي -
ما يزال الكِبر يعمي بعض الحمقى عن رؤية الحقيقة ومعرفة الحق والاعتراف بأن الانتصار اليمني هو بالفعل ما هز وشق وشكل ولا يزال قشرة الكرة الأرضية الشرق أوسطية، فهو ما سحب أمريكا صاغرةً من أفغانستان، ودفع بوتين باتجاه أوكرانيا وجعله من قبل يتدخل في سورية، وشجع الصين على شق طريق الحرير وسط جبال ورمال أمريكية حصرية، وهو ما جعل إيران تضع قدماً على طاولة فيينا وقدماً أخرى في فم واشنطن، وهو ما عزز مقاومة الجبابرة بوجه الصهاينة وغرز سيف القدس في عين الوقاحة الصهيونية، وما عجّل بكشف تفاصيل الشيطان في قمة النقب وسجل بكف سلسبيل لبنان ملحمةً من شرفٍ ولهب، وركل مؤخرة أردوغان فطار إلى أبوظبي والرياض و»تل أبيب»، وفك عن الأسد قضبان قيصر وقيود كسرى، ووجّه بوصلة العراق باتجاه أربيل وأعاد سهام المدد إلى الكنانة، وهو ما أجبر بن زايد على تقبيل يد دمشق وتبجيل سلطان عمان، وأرغم ابن سلمان على النزول من شجرة الغرور وشجعه على مخاصمة بايدن، وهو ما أدخل الأخير البيت الأبيض وسيخرجه إلى السرايا الصفراء.
ليس مبالغة قول ذلك، وإنما بلاغ لليمنيين بأن قدّروا نصركم، وإبلاغ للعالمين بأن اعترفوا بهزيمتكم. ولا نغمط حق الآخرين ممن هم في خندق المقاومة؛ لكنه اليمن، أبركُ البذر رغم الشحة، وأقدسُ الحصاد برغم الحصار.
إن كرة النار المتدحرجة من أدنى حقل القهوة حتى أقصى حلق مرارات الطارئين، والتي ما تزال تتحرك الآن بين تضاريس خارطة تاريخ آدم وبين مسقط روح هابيل ومهبط هيكل قابيل، هي كرة النار تلك التي ولعت شرارتها مع بداية العدوان على اليمن، وابيضت واحمرت ثم اسودت مع كل ليلةٍ انتحبت فيها أمٌّ ثكلى، ومع كل يومٍ زفت فيه ومنه شهيد. هاهنا الشهود باقون والشهداء خالدون، ومن هاهنا تهب ريحٌ تجغرف الحكايات ورياحٌ تؤرخ الأماكن من أول شهقةٍ للخلق وحتى إذا بلغت الحلقوم.
وللمتربصين بالنهار، خفافيش ظلمٍ وظلام، وللمتشككين بالحق، ببغاوات زورٍ وباطل، نعرض في صفحات هذا العدد الأربع بعضاً من حججنا لصواب ما سبق وعرضناه أعلاه، ونضرب ببعضها الآخر وجوهاً شاهت، لعلها تُسَلم لتستقيم أو تعرِض لتقيم بين ظهراني نجدٍ والجحيم.