مدير عام مديرية شرعب الرونة .. اللواء علي القُرَشي، في حوار مع «لا»:شرعب تعاني من الإقصاء والتهميش منذ أكثر من 57 عاماً
- تم النشر بواسطة عبدالله الحسامي/ لا ميديا
حاوره: عبدالله الحسامي / لا ميديا -
بجرأته المعهودة وصراحته التي تكاد لا تبقي على شيء، يطل اللواء علي القرشي، مدير عام مديرية شرعب الرونة، في حوار أجرته معه صحيفة «لا»، متنقلا من مشهد ساخن إلى تصريح ناري وصارخا بأعلى صوته: شرعب تعاني من الإقصاء والتهميش لأكثر من 57 عاما، ومازالت تعاني إلى الآن، حتى بعد أن دفع الحرمان بأبناء المديرية، والذين يطلق عليهم القرشي وصف «أعاجم هذا العصر» كترميز تاريخي مقصود، لأن يكونوا السباقين على مستوى محافظة تعز وبزخم شعبي كبير للالتحاق بالمسيرة القرانية وثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
أولى طلقات تعز في مواجهة العدوان
لو تحدثنا عن وضع شرعب الرونة في هذه المرحلة؟
أولاً شرعب الرونة تعد خلفية جبهات تعز والساحل الغربي، وتحيط بها الجبهات من ثلاثة اتجاهات، مع العلم أن أول طلقة في مواجهة العدوان ومرتزقته في محافظة تعز كانت من أبناء شرعب المجاهدين، الذين استعادوا مفرق شرعب وعدداً من نقاط ومواقع مرتزقة ما يسمى «اللواء 35» الذين كانوا يتمركزون في مفرق شرعب ومفرق الخمسين ومفرق الضباب ومفرق الدفاع الجوي بالخمسين.
كما قمنا بتطهير مواقع اللواء في جبل الهان وتبة الخزان بالمطار القديم، وشكلنا طوقاً على مرتزقة «اللواء 35» من الاتجاهات الأربعة، ثم التحمنا مع بقية المجاهدين وطهرنا اللواء ومواقع المرتزق صادق سرحان في مفرق الحصين بالستين ومواقع المرتزق حمود المخلافي في مفرق بني عون بالستين.
مطلوب تدخل مباشر وعاجل
أبرز المشاكل التي تواجهكم...؟
نحن في مديرية شرعب الرونة نعاني من إقصاء وتهميش، لا ندري إن كان هناك سياسة ممنهجة، أو أن هناك من يدير هذا التهميش من أتباع النظام السابق لا يزال موجوداً!
هناك مجاهدون في المديرية يعملون بجهود ذاتية، وتم تأمين المديرية كذلك بجهود ذاتية. هناك معاناة كبيرة لأبناء شرعب الرونة في الجانب الخدمي (المياه، الطرق، الصحة، الكهرباء).
كذلك لدينا عدد من النازحين وصلوا من شرق حيس ومقبنة إلى العوادر، وتم إنشاء مخيمات لهم، وهم بحدود 50 أسرة ولا يزال النازحون في حالة توافد.
أشد المعاناة في شرعب الرونة هي شحة المياه والطرق، خاصة في العزل التي أصبحت تعاني من الجفاف.
زرنا عزل الزراري والعوادر الأسبوع الماضي، فقال لنا المواطنون: إما أن تعملوا لنا حلاً في جانب المياه وإما سنضطر إلى النزوح. تصور أن النساء في تلك العزل يقطعن مسافات بعيدة من أجل الحصول على الماء، حتى الطالبات اللواتي يدرسن توقفن عن الدراسة ليتفرغن لجلب الماء.
المديرية تعد شبه محاصرة وهي بحاجة ماسة إلى تدخل مباشر وعاجل من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ في صنعاء لتعويض المديرية ما حرمته إياها الأنظمة السابقة لأكثر من 57 عاما من أي استحقاق، ورغم هذا الحرمان دفع أبناء المديرية ليكونوا السباقين على مستوى محافظة تعز وبزخم شعبي كبير للالتحاق بالمسيرة وثورة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، كما كان لهم دور في قيام ثورة 21 أيلول/ سبتمبر.
قمنا بتفعيل المجتمع على مستوى محافظة تعز بدءاً من مديرية شرعب السلام وبعض عزل التعزية ومديرية المظهر ومديريات الساحل الغربي الأربع من خلال علاقاتنا الشخصية بالمجتمع في تلك المديريات.
أبناء شرعب الرونة لديهم أمل كبير في قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، والرئيس مهدي المشاط، بإعادة الأمل إلى هذه المديرية وتعويضها عن الحرمان والإقصاء الذي طالها من الأنظمة السابقة.
مبادرات مجتمعية ناجحة
تحدثت أن المديرية حرمت في السابق من أي استحقاق في الجانب الخدمي، لماذا لا يتم تعويض هذا الاستحقاق اليوم؟
لا يوجد حتى الآن أي تعويض. سبق أن قلت لك إن لدينا أملاً كبيراً بقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله.
هناك مبادرات مجتمعية وتم شق عدة طرق، ونجحنا في هذا المجال، فالمبادرات المجتمعية حتى الآن حققت أكثر من 252 طريقاً تربط القرى والعزل.
كذلك نعمل على مسح ورصف وسفلتة طريق الحرية، مركز المديرية. المقاول يعمل فيها دون إشراف من «الطرق الريفية»، عمل كله غير صالح، ورفعنا لنائب وزارة الأشغال وللمحافظة وتخاطبنا مع «الطرق الريفية» لإيقاف المقاول عن العمل أو تغيير المهندس المشرف على المشروع.
أيضاً لدينا مبادرات مجتمعية في جانب الصحة، حيث يتم الآن إنشاء ثلاثة مراكز صحية في ثلاث عزل: عزلة الأسد وعزلة المعشار وعزلة الأجشوب.
هناك أيضاً مبادرات مجتمعية ومساهمة من رجال أعمال خيرين مغتربين أو تجار في الداخل تم بموجبها إنشاء منازل للأيتام وأسر الشهداء في عزلتي الزغارير والأجشوب، وبلغ عددها حتى اليوم 25 منزلاً. كذلك هناك مبادرات مجتمعية بعمل مشروع مياه القلعة بعزلة الزغارير تم استكماله بتكلفة 100 مليون ريال. كما تم حفر بئرين في عزلة العوادر، إحداها لا يزال العمل فيها جارياً، ولا يزال لدينا في هذا العام مبادرات مجتمعية جديدة.
في انتظار تنفيذ المحافظ وعده
أين دور السلطة المحلية في دعم هذه المشاريع؟
السلطة المحلية في المديرية ليس لديها أي إيرادات لتقدم منها. كل شيء مركزي.
وقد جلسنا مع الأخ المحافظ، صلاح بجاش، في الفترة الأخيرة، وقدمنا له هذه المشاريع مع الدراسات الخاصة بها، ووجه مهندسين للإسهام في دعم المبادرات المجتمعية في المديرية من جانب الطرق، كذلك وجه المياه بإخراج مهندسين لعزلتي العوادر والزراري اللتين تعانيان من شحة المياه والجفاف، وحتى الآن ننتظر التنفيذ الذي وعد به المحافظ واستكمال ما تبقى من هذه الطرق.
إعادة تشغيل مرافق صحية
هناك شكاوى من نقص الخدمات الصحية في المحافظة، ما هي الحلول والمعالجات التي قدمتموها في هذا الجانب؟
حققنا في هذا الجانب نقلة نوعية من خلال تشغيل المستشفيات والوحدات الصحية وخاصة مستشفى الحرية الريفي والذي يقدم خدمة طبية لمديريات الرونة والسلام وفرع العدين، ومستشفى الشهيد عبدالجليل في مركز المديرية يقدم خدمة لمديريات الرونة ومقبنة والتعزية وأصبح يقوم بعمليات جراحية.
هذه المستشفيات كانت شبه مغلقة، واليوم تم تشغيلها وتحتاج إلى دعم من وزارة الصحة وتحويلها إلى مستشفيات عامة وتزويدها بالكوادر الطبية الجراحية وطبيبة نساء، كونها تقدم خدمة طبية لأكثر من أربع مديريات، كذلك هي بحاجة لمزيد من الدعم بالأجهزة الطبية لكي تتمكن من تقديم الخدمات الطبية على أكمل وجه.
«صفر» جريمة
نسبة الجرائم في شرعب، اليوم، مقارنة بما كانت عليه في عهد النظام السابق...؟
بالنسبة لمديرية الرونة، كانت تعاني في السابق من انفلات أمني وجرائم قتل وتقطعات، كما كانت تنتشر فيها معسكرات لتنظيم «القاعدة» التكفيري منتشرة، معسكران للتنظيم في منطقتي الزراري والحرية، وكان يقود معسكر الزراري القيادي أبو عبدالله المصري، وأبو عمار السالمي الملقب بـ»البتار» أمير «القاعدة» في حزم العدين، والقيادي الإخواني المرتزق عبدالباسط الكامل الذي استمرت المواجهة معه في الحرية من 2015 حتى نهاية 2018. واجهنا في هذه الجبهة بجهود ذاتية طول هذه الفترة. فبعد أن تم تطهير المديرية من معسكرات «القاعدة» ومعسكر ما تسمى «المقاومة التهامية» الذي كان يتواجد في عزلة الشراعب، والنقاط والمواقع التي كانت تتبع المرتزق صادق سرحان والتي كانت ترتكب جرائم في حق المواطنين المسافرين، أصبحت مديرية شرعب الرونة الأولى على مستوى الجمهورية من ناحية الأمن فيها.
قمنا بإعداد خطة أمنية، بناءً على دراسة أمنية تتناسق مع معايير وزارة الداخلية، نظراً للمساحة الجغرافية الكبيرة لمديرية الرونة وصعوبة تضاريسها والتنقل فيها، فتم إنشاء مراكز شرطة في أماكن هامة تبعد عن مركز المديرية، وهو ما حد من نسبة الجريمة، ونستطيع القول بأن نسبة الجرائم في المديرية أصبحت «صفر».
ومع هذا يحتاج الجانب الأمني بالمديرية إلى دعم وإسناد ولفتة كريمة من معالي الأخ وزير الداخلية، اللواء عبدالكريم الحوثي، الذي كان له السبق في دعمنا قبل أن يتعين وزيرا.
سلمنا عناصر «القاعدة» لجهاز الأمن والمخابرات
ماذا عن قيادة تنظيم «القاعدة» الذين ألقيتم القبض عليهم أثناء تطهير معسكراتهم؟
قتل العشرات من عناصر التنظيم، وتم القبض على مجموعة منهم بينهم القيادي أبو عبدالله المصري، والقيادي ماجد فرحان الزراري أمير التنظيم بشرعب الرونة، وأبو عمار السالمي أمير التنظيم بحزم العدين وآخرون، وتم تسليمهم لجهاز الأمن والمخابرات، وننتظر منهم اليوم إرسال هؤلاء القيادات مع أفرادهم إلى النيابة الجزائية المتخصصة لمحاكمتهم بالجرائم التي ارتكبوها بحق المجاهدين والمواطنين في شرعب الرونة وغيرها.
قصور أمني في «السلام»
هل هناك مخطط للمرتزقة لاستهداف وإثارة الفوضى في المناطق المحررة، خصوصاً في المديريات القريبة من الساحل، وبوجه أخص شرعب؟
نعم، هناك مخططات للمرتزقة، وحاولوا تنفيذه من خلال إثارة المجتمع، واستهداف المجاهدين الذين كان لهم تأثير، وقاموا باغتيالهم إما عن طريق الاختراق من الداخل وإما عن طريق أياد تتبع العدوان مباشرة.
هذه كانت من ضمن خطط استهداف المديرية، استهداف المجاهدين أولاً، حتى تبقى المديرية مفرغة من المخلصين الذين لهم الدور في القضاء على أي تحرك للعدو.
نقول إن خطط المرتزقة فشلت، ولكن أعتقد أنه لا يزال لديهم بعض الخطط في مديرية شرعب السلام التي لا يزال الجانب الأمني فيها مخترقاً ولم يقم بمهامه على أكمل وجه، وهناك قصور في الجانب الأمني.
كان لدينا في شرعب الرونة قصور في الجانب الأمني، لكنه تغير عندما تغير الرأس وجاء مدير أمن جديد.
من هو الرأس؟
المدير السابق أبو جلال، تم تعيينه بعد أن قمنا بتأمين المديرية وتطهير معسكرات «القاعدة». والمدير الجديد عبدالله العماري، وهو شخص جيد وذو شخصية قوية يصعب اختراقها من قبل أيادي ومرتزقة العدو، ويحتاج إلى دعم وإسناد. لكن الجانب الأمني في شرعب السلام لا يزال ضمن ولاءات شخصية تتبع العدوان.
مدير أمن شرعب السلام طه الطالبي مخترق، ولا يصلح أن يكون مدير أمن للمديرية ولا حتى مديراً لقسم شرطة، هو غير مؤهل لذلك. لكن الأمل كبير في «أبو كاظم»، مدير أمن المحافظة، كونه يعرف شرعب ويعرف ما الذي تحتاجه شرعب من الكوادر الأمنية النزيهة والمؤهلة.
«أعاجم العصر»
ماذا عن الاستقطابات التي يقوم بها المرتزقة في المديرية؟ وهل هناك حواضن لهم؟
كان هناك استقطابات بشكل كبير قبل تأمين المديرية، والخطة الأمنية حدت من ذلك.
كذلك للعدو تواصلات ويحاول أن يثبط معنويات بعض المجاهدين والمجتمع نتيجة للمعاناة، فالعدو يوظف المعاناة، ولكن نقول إن المجاهدين في شرعب الرونة «أعاجم هذا العصر»، وهم نسخة من أعاجم المختار الثقفي، الذين فرط بهم الأعراب، فكانوا بالوفاء والتسليم والاستبسال، فنحن سنكون أولئك الأعاجم في هذا العصر.
صحيح للعدو حواضن وخلايا في المديرية، لكن القبضة الأمنية في المديرية ستكون لهم بالمرصاد.
قضايا عالقة
وماذا عن قتلة الشهيد الشيخ صلاح الشرفي ومرافقيه، والذين لايزال بعضهم طلقاء إلى اليوم ويتحركون ضمن جغرافيا السيادة الوطنية؟
هذه من القضايا العالقة التي تحتاج من القيادة إلى تسريعها، وكذلك قضية الشهيد أبو رعد الحشاش في شرعب السلام.
هذه من ضمن القضايا التي أدت إلى صدمة للمجاهدين في المديريتين، كونهما من السابقين في الالتحاق بالمسيرة القرآنية ورفد الجبهات.
يجب محاكمة «الكوحة»
ما حقيقة أن للمرتزقة يد في اغتيال الشهيد صلاح الشرفي في شرعب الرونة وأبو رعد الحشاش في شرعب السلام؟
نعم، للمرتزقة يداً في اغتيال الشهيد صلاح الشرفي، لأنه كان يشكل خطراً عليهم في تحركاته ونشاطه، خاصة تحركه في منطقة تعتبر أوكاراً للعدو، فتآمروا عليه بكمين غادر، وتبنى مرتزقة العدوان تلك العملية الإجرامية.
القضية الآن في النيابة والمحكمة الجزائية المتخصصة، ونحتاج إلى تسريع هذه القضية حتى ينال القتلة الإعدام وإيصال من تبقى من المشاركين في الجريمة ومن ضمنهم «الكوحة» إلى صنعاء للمحاكمة.
وبخصوص الشهيد أبو رعد الحشاش، فقد كان أول مجاهد انطلق من شرعب السلام، وأول المجاهدين في جبهات محافظة تعز أثناء مواجهة مرتزقة العدوان في بداية العدوان.
كان الشهيد يشكل مصدر قلق للمرتزقة بتحركاته وإيمانه وجهاده، فتم استهدافه عن طريق اختراق الصف الأمني، ومن قاموا بتنفيذ العملية ليسوا مجاهدين، ولم يسبق لهم الجهاد، وهم من أتباع النظام السابق.
لم أعين أياً من أقربائي
البعض يتهمك بأن لديك 20 قسم شرطة وأن القائمين عليه من أقربائك، ما صحة ذلك؟
عندما أمنا المديرية، وضعنا خطة أمنية لكي تكون المديرية في حزام أمني يتناسق مع خطط وزارة الداخلية، وتم رفع هذه الخطط لمدير الأمن السابق عبدالخالق الجنيد، ووافق عليها، وبموجب ذلك تم إنشاء 6 أقسام شرطة فقط وتم تسليمها لمدير أمن المديرية، ولا يوجد فيها أحد من أقربائي، وخرجت لجنة استلام من قبل مدير أمن محافظة تعز أبو كاظم وهو فهم هذه الخطة وأشاد بها.
إدارة أمن المديرية في مركز المديرية تبعد عن عزلة العوادر 70 كيلومتراً، وعزلة الاجشوب 80 كيلومتراً، فكيف تستطيع هذه الإدارة ضبط الجانب الأمني إذا حصلت أي جريمة في تلك المناطق حيث لن يصل الأمن إلى هناك إلا وقد فر الجناة، ناهيك عن صعوبة التنقل في تضاريس جبلية وطرق وعرة جداً جداً؟! وقد تحملنا هذه الخطة الأمنية ونفقاتها منذ إنشائها، والمجاهدون الآن فيها يعانون، ولم نقدم لهم شيئاً من احتياجاتهم.
هل لديك رسالة أخيرة تريد إيصالها عبر الصحيفة؟
نطالب حكومة الإنقاذ ووزارة الكهرباء بإلزام مؤسسة ابن الأشول نقل محطة كهرباء شرعب الرونة ومحطة السلام وتركيبهما، كما تم تركيب محطة مقبنة.
المصدر عبدالله الحسامي/ لا ميديا