«لا» 21 السياسي -
تمثل عملية ضبط سفينة الأسلحة الإماراتية قبالة سواحل الحديدة انتقالة نوعية وغير مسبوقة في عمليات البحرية اليمنية، وهي العمليات التي بدأ تنفيذها بعد ستة أشهر من بدء العدوان على اليمن. وسنحاول هنا إجمال أهمها، مع التعريج على بعض أسلحة وحدة التصنيع العسكري البحرية بدايةً بالتجميع من البقايا ونهايةً بالتصنيع اليمني الخالص.
ففي محاولة لاستغلال ما تبقى من إمكانيات قتالية بحرية تقليدية، بعد أن دمر العدوان السعودي الأمريكي كل ما كان متوفراً لديها، وجدت البحرية اليمنية ضالتها بدايةً في الصاروخ البحري الصيني (سي-801) الذي كان ضمن تسليح زوارق الصواريخ الصينية الصنع التابعة للبحرية اليمنية من فئة «هونان»، فقامت بجمع الصواريخ المتبقية من هذا النوع من المخازن التابعة للقوة البحرية السابقة، وبدأت باستخدامها قتالياً باستهداف القطع البحرية التابعة للعدوان عبر سلسلة من العمليات وصلت إلى 50 عملية تقريباً منذ بداية الحرب على اليمن حتى بداية العام 2022، وقد بلغت 10 عمليات ناجحة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وحزيران/ يونيو 2017، أبرزها في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 باستهداف سفينة النقل السريعة من فئة «سويفت»، المؤجرة من جانب البحرية الإماراتية، ما أدى إلى إعطابها بشكل كامل وإخراجها بعد ذلك من الخدمة.
ولا تشمل هذه العمليات عدة محاولات لاستهداف الفرقاطة التابعة للبحرية الأمريكية «يو إس إس ماسون»، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وكاد أحد الصواريخ اليمنية يصيبها في المحاولة الثالثة.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أعلن الجيش اليمني عن صاروخ بحري جديد تحت اسم «المندب 1»، وهو حصيلة تطوير محلي تم على الصواريخ الصينية السالف ذكرها، وقد تم استخدامه في 3 عمليات رئيسية لاستهداف القطع البحرية التابعة للعدوان خلال العام 2018؛ لكن كانت تلك الفترة وما تلاها مسرحاً لاستخدام تكتيكات بحرية هجومية أخرى.
لقد ركزت البحرية اليمنية بشكل كبير في عملياتها التدريبية على إعداد فرق من الضفادع البشرية، من أجل تنفيذ مهمات خاصة قبالة الساحل اليمني وداخل الموانئ التي تتواجد فيها قطع بحرية تابعة للعدوان.
العملية الأولى بهذا الصدد تمت في حزيران/ يونيو 2017، حين نفذ فريق من الضفادع البشرية هجوماً على سفينة إنزال بحري داخل ميناء المخا، ما أدى إلى إعطابها. وتلا ذلك خلال الشهرين التاليين هجومان على الميناء نفسه، استهدفا كاسحات الألغام التابعة للتحالف السعودي الأمريكي.
العام 2018 شهد 3 عمليات من هذا النوع، آخرها كان في أيلول/ سبتمبر، ألحقت أضرارا بإحدى القطع البحرية في ميناء جيزان السعودي. وتمكن أحد فرق الضفادع البشرية اليمنية في أوائل العام 2018 من السيطرة على الطوربيد المسير (Remus-600) الذي تنتجه مجموعة «كونجبيرج» النرويجية للصناعات الدفاعية.
ظهر تكتيك الزوارق الانتحارية المسيرة عن بعد للمرة الأولى في كانون الثاني/ يناير 2017، في حادث استهداف الفرقاطة التابعة للبحرية السعودية من فئة «المدينة»، إذ أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة قرب منصة هبوط المروحيات في مؤخرة الفرقاطة أن زورقاً سريعاً اصطدم مباشرة ببدن الفرقاطة، ما ألحق بها أضراراً متوسطة.
وتمتلك البحرية اليمنية 3 نماذج من الزوارق الفدائية المتحكم بها عن بعد: الأول ظهر للمرة الأولى في الهجوم على الفرقاطة السعودية، وكذلك في هجمات أخرى تم شنها في العام 2017، استهدفت قطعاً بحرية سعودية وإماراتية.
هذا النموذج يبلغ طوله نحو 10 أمتار، ويمتلك محركين يوفران له سرعة قصوى تبلغ 45 عقدة في الساعة، وتم تزويده بشحنة متفجرة تبلغ زنتها 450 كيلوجراماً، يعتقد أنها مستخرجة من صواريخ «ستايكس» السوفييتية المضادة للسفن التي امتلكتها البحرية اليمنية في ما مضى.
النموذج الثاني ظهر للمرة الأولى في أيار/ مايو 2018، حين حاولت 3 زوارق مفخخة الهجوم، انطلاقاً من ميناء الحديدة، على قافلة تضم قطعاً حربية سعودية. هذا النموذج مصنع من الألياف الزجاجية، وتبلغ سرعته 30 عقدة في الساعة، ويستخدم بشكل أساسي في بث الألغام البحرية؛ لكن لوحظ منذ منتصف العام 2018 استخدامه في الهجمات على القطع البحرية في البحر الأحمر، عن طريق تجهيز عبوات ناسفة في بدن الزورق، وتوجيهه بطاقم بشري في اتجاه الهدف المراد تدميره، ثم مغادرة الطاقم المكون من فرد أو فردين الزورق أثناء تحركه، بعد أن يقترب مسافة كافية من الهدف. من أهم مميزات هذا النموذج بدنه المنخفض الارتفاع الذي يجعل من الصعب رصده أثناء تحركه على سطح الماء، وخصوصاً من مسافة بعيدة.
النموذج الثالث هو تعديل محلي لزوارق الصيد اليمنية التقليدية، بهدف تحويلها إلى زوارق فدائية. وقد استخدم هذا النموذج بشكل مكثف منذ العام 2019، بعد أن تم أجريت عليه تعديلات تشمل آلية للتحكم بالتوجيه والدفع عن بعد وكاميرا لنقل المشهد الأمامي للزورق.
وكان الهجوم الأول الذي تم فيه استخدام هذا النموذج في نيسان/ أبريل 2019، انطلاقاً من منطقة اللحية الساحلية، شمال مدينة الحديدة، وكذلك الهجوم الذي تم في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 قبالة ساحل مدينة جيزان في الحد الجنوبي السعودي.
التكتيك الأهم في مجال التسليح البحري كان موجهاً بشكل كبير نحو سلاح أثبت جدارته خلال ثمانينيات القرن الماضي في منطقة الخليج، ألا وهو الألغام البحرية. في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بدء إنتاج نوعين من الألغام البحرية الغاطسة: «مرصاد 1»، و»مرصاد 2».
وكما يبدو، تزايد اعتماد البحرية اليمنية على هذا السلاح، وهو ما اتضح بشكل كبير من خلال المعروضات التي ظهرت في معرض الشهيد القائد في 11 أذار/ مارس 2021، حيث كشفت وحدة التصنيع 
العسكري اليمني عن ألغام بحرية جديدة من طرازات «كرار1» و«كرار2» و«كرار3» و«عاصف2» و«عاصف3» و«عاصف4» و«شواظ» و«ثاقب» و«أويس» و«مجاهد» و«النازعات».
معظم هذه الألغام يعد تطويراً لألغام «مرصاد»، مثل عائلة الألغام البحرية «كرار» و»أويس» و»مجاهد». لكن اللافت كان في بعض الأنواع الأخرى، مثل اللغم البحري «ثاقب»، الذي يتميز بآلية مغناطيسية للتثبيت على بدن القطعة البحرية المعادية، عبر عناصر الضفادع البشرية، ويمكن لمجموعة منه إحداث ثغرات كبيرة.
وتستخدم البحرية اليمنية حالياً الزوارق الساحلية الخفيفة بشكل موسع لتنفيذ مهام الاستطلاع والدورية، وتعمل على تسليح بعض النماذج منها برشاشات متوسطة وراجمات صواريخ، وهو ما يفي إلى حد كبير بالمهام المطلوبة من البحرية اليمنية في المرحلة الحالية، والتي تتلخ»في خلق مساحة كافية من الردع البحري لإبعاد نشاط القطع البحرية المعادية عن الساحل اليمني.