حاوره - مارش الحسام / لا ميديا -
الأضرار وحجم الخسائر التي خلفها العدوان الكوني على اليمن دائما ما يتم التعامل معها بجزئية سطحية من خلال معارض ومؤتمرات وندوات ورصد عشوائي لا يرتقي لمستوى هذه الجرائم، وهذا كان سببا كافيا لأن يدفع أحد الخبراء في تنظيم وإعداد المعارض الدولية إلى أن يقدم مشروعاً متكاملاً لرصد وتوثيق كل جرائم العدوان في اليمن بكل تفاصيلها وأبعادها الاستراتيجية وخلفياتها التاريخية، كان هذا جزءاً من الحوار الذي أجرته صحيفة «لا» مع الخبير الدولي في تنظيم وإعداد المعارض جلال رسخان القادري، للحديث عن تجاربه المحلية والعربية والدولية ومشروعه الوطني لرصد جرائم العدوان على اليمن.

أهم مشاريعي
 بداية لو تعرف القراء بشخصكم الكريم؟
جلال محمد رسخان القادري ماجستير هندسة زراعية، جمهورية تشيكوسلوفاكيا (سابقا). مدير عام شركة المتقدمة للمعارض والأسواق الدولية، وخبير دولي في مجال تنظيم وإعداد المعارض الدولية، أول من أسس هذا المجال في اليمن، وحاليا بصدد التحضير لمعرض دولي عن جرائم العدوان في اليمن الذي أعتبره أهم مشاريعي طوال مسيرتي الداخلية والخارجية.

معارض محلية وعالمية
  قبل الانتقال للحديث عن الحدث الأبرز في مسيرتك، ممكن تطلعنا على بداية تأسيسك لهذا المجال في اليمن؟
كان لي الشرف في تأسيس أول شركة معارض تحت مسمى الشركة اليمنية للمعارض، وقدمت دراسات لوزارة التجارة والصناعة التي كانت حينها مختصة على استخراج الموافقات وإقامة المعارض، وقدمت رؤية قانونية ومنهجية، لكنها أهملت وكانت عرضة للمزايدات، ومع ذلك نجحت الشركة التي قمت بتأسيسها في إقامة معارض عالمية على المستوى الدولي في صنعاء، وأخرى على المستوى المحلي، منها معرض «يمن هيلث» عام 1991، وآخر للصناعات الوطنية واستمر لأكثر من 6 دورات سنوية، ومعرض الكمبيوتر والاتصالات واستمر لـ9 سنوات، وآخر للرعاية الصحية استمر 7 سنوات.
كما أقامت الشركة 9 معارض للمنتجات الإيرانية في اليمن، وكنت أول من أقام علاقات مع إيران في هذا المجال، ابتداء من 1992 عملنا 8 معارض في صنعاء وواحداً في عدن واستمر لثلاث دورات سنوية.
وأقمنا العديد من المعارض الخاصة بالمنتجات اليمنية في عدد من دول القرن الأفريقي، ومعارض للصناعات الدوائية اليمنية في كل من تنزانيا وجيبوتي.
وعملنا معرض الأسبوع التجاري الثقافي اليمني في كل من إثيوبيا وتايلاند والصين واليابان، وفي معرض «إكسبو اليابان الدولي 2005» شاركنا باسم اليمن ضمن 160 دولة وحزنا على المرتبة الأولى على مستوى العالم، وكان هناك أكثر من 6 ملايين زائر.

إهمال حكومي في اليابان
  ماذا كان محور المشاركة اليمنية في اليابان؟
«حكمة الطبيعة» كانت محور مشاركتنا، نقلنا أشياء كثيرة حتى المبنى بأحجاره وأخشابه، وآثارنا وتراثنا اليمني على حسابنا، رغم أني أعددت برنامجاً للهيئة العامة للاستثمار على مستوى المحافظات، ولكن للأسف لم تشارك سوى محافظة تعز، كان هناك إهمال حكومي، ومع ذلك استطعنا أن نحوز على إعجاب العالم كله، ورغم أن مشاركتنا هذه بثتها أكثر من 240 قناة تلفزيونية، إلا أنه ـ للأسف ـ لم تغط الخبر حتى ولو قناة يمنية واحدة، باستثناء هامش صغير في بعض الصحف رغم أننا استقدمنا صحفيين على حسابنا.

رفضت الإمارات وقطر
  كم عدد المعارض التي أعددتها أو شاركت في إعدادها؟
هناك أكثر من 128 فعالية ومعرضاً محلياً وعربياً ودولياً، أعددتها وشاركت في تنظيمها، بالإضافة إلى العديد من الأعمال العربية والدولية التي تم استدعائي إليها بصفة شخصية في إعداد خططها، وذلك بصفتي خبيراً دولياً في إعداد المعارض الدولية.
  ما طبيعة المعارض الخارجية التي شاركت في إعدادها؟
أغلبها في سلطنة عُمان، وتم استدعائي مرات عديدة لرسم خطط وإعداد المعارض، في البداية أسست معهم معرض عُمان للطاقة والمياه والتكنولوجيا، ومعرض مسقط الدولي للمياه والطاقة المستدامة 2012، وعملت معهم في معرض عُمان الدولي الطبي 2010، وشاركت في توسيع مشروع وتطوير مهرجان خريف صلالة، وتم تكريمي من قبل الحكومة العُمانية أكثر من مرة.
وكان لي مشاريع أخرى مع قطر، وكنت بصدد إعداد المعرض الدولي لرياضة كرة القدم، ولكن بعد العدوان ألغيت التعامل معهم كونها دولة مشاركة في العدوان على اليمن، وفي دبي كانوا انتدبوني كخبير لمعارض 2020، ولكني رفضت باعتبارها دولة محتلة لأجزاء من بلادنا.

رصد دقيق لجرائم العدوان
  ننتقل للحدث الأبرز وهو معرض جرائم العدوان.. ممكن توجز لنا نبذة عنه؟
هو مشروع وطني ومعرض يسلط الضوء على جرائم العدوان على اليمن، ويهدف لتعزيز الارتباط الوطني وتحقيق التضامن العالمي مع اليمن.
وأعددت رؤية كاملة وشاملة لهذا الحدث، وأعطيت خلفيات كاملة عن التاريخ الارتباطي الجديد والقديم للمشروعات الأمريكية الصهيوخليجية، ابتداءً من تأسيس تلك المنظمات الإرهابية، مرورا بحروب العراق، من ثم «الربيع العبري» وتدمير ليبيا وسوريا وصولا إلى اليمن الذي يتحالف عليه أكثر من 17 دولة تحت واجهة السعودية. وقدمت مرتكزات وأبعاداً استراتيجية ورصداً لكل التفاصيل الدقيقة على مستوى كل قطاع شمله تدمير وأضرار أو نزوح وغيرها.
لا نكتفي بذكر الأضرار التي لحقت بنا مباشرة، بل أيضاً الأضرار غير المباشرة المترتبة عليه، وذلك بحزمة من الحقائق الثبوتية المتكاملة بمختلف تفاصيلها الدقيقة على صعيد جرائم العدوان من زاوية كافة الأساليب والطرق والأشكال سواء من محيط المرحلة الزمنية لما قبل العدوان وأثناء التخطيط له أيام حكم الفار هادي، وما جرى خلال تلك الفترة من تدمير للجيش ومنظوماته الدفاعية، واستمرارا بالمرحلة المزمنة لرصد جرائمه من يوم العدوان العلني المستمر على بلادنا حتى اليوم.
  كيف جاءت الفكرة؟
جاءت من الحرقة على بلادنا، ووجدت جهات كثيرة تعمل على الرصد بأسلوب عشوائي لا يرتقي إلى مستوى هذه الجرائم.. وحاولنا أن نغطي كل تفاصيل العدوان، مع ترك الجداول مفتوحة لاستيعاب المستجدات.

يتماشى مع رؤية القيادة الثورية
  أين تكمن أهمية هذا المشروع أو المعرض؟
يمكن القول إنه يتماشى مع الرؤية الثاقبة للقيادة الربانية التي استطاعت أن تأخذ بزمام الأمور، وتمتعت بالنفس الطويل والصبر والحكمة والصمود والانتصار، هذه القيادة الربانية لم تركن لمعطيات الأمس ولم تغفل عن معطيات اليوم، وعملت هذا المشروع تماشيا مع هذه الرؤية لقائد المسيرة القرآنية.

اصطفاف وطني وتضامن عالمي
  هل قمت بحصر الأضرار الناتجة عن جرائم العدوان؟
أولاً، هذا مشروع ومعرض الاستبيان كيف يجري العرض وكيف ستكون محتوياته، أنا قدمت مشروعاً متكاملاً، ما هو المؤتمر، وأعمال وبرامج المؤتمر الذي سيحمل اسم «معرض ومؤتمر العدوان الغاشم على اليمن». وهو ذو شقين أو قسمين: من جهة يهدف إلى تعزيز الاصطفاف الوطني عبر البرامج والفعاليات ذات العلاقة بهذا الصعيد، ومن جهة أخرى لتحقيق التضامن العالمي مع اليمن. وبالنسبة للرصد هذا يأتي تحت فقرة واحدة ضمن بند الترتيبات الأساسية لمرحلة الإعداد والتحضير الأولي والذي يعني حصر وتوثيق كافة أنواع جرائم العدوان بكافة أساليبه وأشكاله وليس القتل والتدمير فقط.

حصر شامل لكافة الأضرار
  ممكن أن تعطينا مثالاً توضيحياً لتتضح الفكرة أكثر؟
مثلاً، لو تحدثنا عن الأضرار الخاصة بالقطاع الصناعي، ونضرب لك مثلاً: هذا مصنع تم استهدافه، نحن أعددنا استمارات وثائقية مالية ترصد هذه الأضرار بطريقة صحيحة سريعة وتوثيقية وثبت إدانة العدوان على جرائمه.
لا نرصد فقط الأضرار أو الخسائر التي لحقت بالمصنع جراء القصف، وإنما نقوم بحصر شامل لكافة الأضرار المترتبة على القصف، من ضمنها الخسائر التي تكبدتها المؤسسات والجهات والقطاعات الأخرى مرتكزة على قواعد بيانات وفق استمارات استبيانية تضمن الحصر الشامل لكل الأضرار.
  ماذا تحوي بنود هذه الاستمارات؟
أعطيتك مثلا على قصف مصنع، وعلى ضوئه سنستكمل الحديث السابق، الاستمارات الاستبيانية فيها، كم مساحة المصنع؟ وما هي محتوياته قبل القصف، ونوع الإنتاج ومتوسط إنتاجه اليومي أو الشهري أو السنوي، كم عدد العمال، عدد الآليات، أقسام الإنتاج، نوع الإنتاج، وعندما نقيم الأضرار بعد القصف نرصد كم عدد الضربات التي تعرض لها، مساحة الأضرار حول المصنع، عدد الشهداء والمصابين، كم لديه فروع، والرصد لخسائر المصنع لا يعني تكلفة المعدات والمبنى، إنما خسائره من يوم توقف إلى يوم إعادة تشغيله، نحسب متوسط الإنتاج اليومي للمصنع، إذا كانت منتجات للتصدير أو للاستهلاك المحلي، إذا كان لديه فروع، كم تراكمت عليها الإيجارات، وكذا الخسائر التي طالت العاملين في المصنع، والخسائر التي امتدت إلى الجهات الأخرى مثلا المصنع لديه تعاملات بنكية، أي أن هذا البنك تكبد خسائر جراء قصف المصنع، والموضوع عميق جدا ولا يمكن شرحه في حوار صحفي واحد.

فريق من الكوادر والخبرات
  ولكن كيف ستتمكن من رصد جرائم العدوان بعد سبع سنوات؟ وما هي المصادر التي ستعتمد عليها؟
كما قلت المشروع كبير وعميق، هناك قواعد ترتكز عليها هذه العملية.. العملية ليست عشوائية، سنشكل فريقاً من الكوادر والخبرات لعملية الرصد، وكل هذا مرصود، ومصادرنا الإعلام الحربي وقناة المسيرة، هذا مشروع وطني كبير، أهم المشاريع التي عملتها في حياتي.

بث عالمي بسبع لغات
  ذكرت أنه سيهدف لتحقيق التضامن العالمي مع اليمن، كيف ستوصل الرسالة؟
هذا البرنامج سيعرض في اليمن وسينقل مباشرة على الإنترنت وسيبث باللغات السبع أونلاين في جميع أنحاء العالم، وسيربط هذا الموقع الحي الذي يعكس جرائم العدوان على الخارطة اليمنية، كل محافظة كيف دمرت والأضرار التي لحقت بكل القطاعات بهذه المحافظة.
كما أن الموقع سيتم ربطه مع كل القطاعات الطلابية والجاليات اليمنية في الخارج، وكذا مع المنظمات والهيئات المهتمة بحقوق الإنسان، ومع صحفيين عالميين وأعضاء برلمان أحرار على مستوى العالم.

نوافذ إدانة
  هل سيتم بث المعرض عبر اليوتيوب وما شابه؟
عبر موقع بالإنترنت له نوافذ كثيرة، واليوتيوب إحدى هذه النوافذ، والمعرض هو إدانة ثبوتية على جرائم العدوان، وهناك نوافذ تستوعب كل مكونات وفئات الشعب اليمني المتضررين من العدوان، حتى على مستوى أسر الشهداء والأضرار التي لحقت بهم نتيجة استشهاد عائلهم، والتعويضات المستحقة لهم.

استيعاب المستجدات لاحقا
  بالنسبة للمحافظات المحتلة كيف سيتم رصد الأضرار فيها؟
المشروع ركز على هذه النقطة، وتركنا الاستمارة مفتوحة لاستيعاب المحافظات التي يتعذر رصد الأضرار فيها حاليا، لاستيعابها لاحقا، وأيضاً كل الاستمارات تركناها مفتوحة لاستيعاب مستجدات الأضرار في المحافظات المحررة.
  متى سينطلق هذا المعرض؟
لم نحصل على الموافقة بعد، ويلزمني المشروع عدة أشهر لاستكماله، أي خلال 4 أو 6 شهور سأنتهي من إعداده بالكامل، ومن ثم سأقدمه لرئاسة الدولة للموافقة عليه.

توقف مع استشهاد الصماد
 كم استغرق منك إعداد هذا المشروع الذي لم يكتمل؟
استغرق أكثر من سنة، وكنت بصدد تقديمه للرئيس الشهيد الصماد، أي بعد الانتهاء من إعداده، وحدث أن استشهد الصماد وتوقفت عن إكمال المشروع تماما حتى ما قبل أيام شجعني الزميل علي الرهيدي على استكماله.
 هل عرضت المشروع على خبراء؟
عرضته على صديق خارجي تعرفت عليه أيام تشيكوسلوفاكيا، وهو خبير دولي في القانون، وعندما اطلع على المشروع أكد أن قواعده البيانية ستكون بنحو 99٪ إدانات لمحاكمات سيترافع بها أمام محكمة الجنايات الدولية ضد العدوان.

قواعد بيانات قانونية ومحاسبية
 ماذا عن الفعاليات والمعارض التي تقيمها بعض الجهات حول جرائم العدوان؟ ما تقييمك لها؟
جرت كثير من الفعاليات ظهرت وانطفأت في اليوم التالي.. دمرنا كذا.. وكذا..، ونسوا الموضوع، لم تستند على قواعد بيانية ولا على قوانين مالية ولا تقارير وتحليلات خبراء ومهندسين وحقوقيين ومحاسبين ماليين وقانونيين.
بينما كل قواعد البيانات التي أعددناها استندت على العهود والمواثيق الدولية والدساتير والقوانين العالمية، وكلها تثبت الإدانة لكل جريمة من جرائم العدوان.
 هل سيشهد المعرض فعاليات على أرض الواقع أم سيبث على الواقع الافتراضي؟
سيكون هناك فعاليات وأنشطة ومهرجانات يومية، برامج إذاعية وتلفزيونية وغرفة عمليات تستقبل ردود الأفعال من العالم كله. ولا يسعني هذا الحوار البسيط أن نطلعكم على كامل محتويات المعرض.
 كلمة أخيرة..؟
نشكر صحيفة «لا» على هذه اللفتة الكريمة، وأرجو من خلالها أن تصل رسالتي للقيادة لكي تتفاعل مع هذا المشروع الوطني.