لا ميديا -
هذه العملية ميزتها أنه في تاريخ الصراع لم يحصل أن يستطيع شاب لم يتجاوز عمره 18 سنة أن يقتل في لحظة واحدة 80 ضابطا وجنديا من العسكريين.
وعلى الصعيد المعنوي ما كان الواحد منا ليجرؤ أن يحلم بمواجهة الإسرائيليين... وساد جو من الإحباط والضغط في المنطقة، وظن الإسرائيلييون أن ّوجودهم سيطول، وأن المجتمع اللبناني سيكون مجتمعا خاضعا...
كان أحمد، رسولَ هذه المعاني وعبّر عنها بقامته التي اقتحمت تلك القلعة وبأشلائه التي تلاشت في أنحاء صور وبروحه التي انتشر أريجها في الأمة. لقد كانت عملية 11 تشرين الثاني تأسيسا في المقاومة وفي العمل الاستشهادي وفي الهزيمة الصهيونية وفي النصر اللبناني، ولذلك بعد أقل من ثلاث سنوات من العملية خرجت قوات الاحتلال من صور مذلولة مدحورة.”
من كلمة الأمين العام لحزب الله في يوم الشهيد 2001
ولد أحمد جعفر قصير في بلدة دير قانون النهر، قضاء صور، عام 1963. ارتبط اسم أحمد قصير بـ”يوم الشهيد”، إذ إنه كان أول منفذ لعملية استشهادية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية في جنوب لبنان، بعد 5 أشهر و7 أيام على بداية الاجتياح “الإسرائيلي”، وسقوط آلاف الشهداء والجرحى اللبنانيين، فضلا عن آلاف المعتقلين.
في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، قاد الفتى اللبناني الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما سيارته المفخخة بكميات كبيرة من المتفجرات، واقتحم بها مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي الذي كان يضم القيادة العسكرية، وفجر نفسه بالمبنى المؤلف من 8 طبقات، كان المبنى يضم مكاتب تابعة مباشرة للمخابرات الإسرائيلية، بينما خصص أحد الطوابق كمقر لوحدة المساعدة التابعة للقيادة الإسرائيلية في المنطقة، وحول الطابق الرابع الى مقر يبيت فيه عدد من الضباط والرتباء ممن يكلفون بمهمات محدودة كالمخابرات واللوجيستيك والارتباط.
ومع حدوث الانفجار سرعان ما هوى المقر على من فيه، وشب حريق هائل وارتفعت سحب الدخان، وامتزج صراخ الجنود مع طلقات نارية متقطعة، وتحول المكان الى ساحة جثث متناثرة وصل عددها باعتراف من الناطق العسكري الإسرائيلي الى 74 ضابطا وجنديا بمن فيهم الحاكم العسكري، فيما اعتبر 27 منهم في عداد المفقودين.
وأوردت الصحف الإسرائيلية بعد بضعة أيام أن هناك 141 قتيلا و10 جنود في عداد المفقودين.
وبعد 3 أيام على العملية الاستثنائية، اجتمعت حكومة الاحتلال وأعلنت الحداد، حيث أطلقت صفارة في جميع أنحاء الكيان، وواصلت وسائل الإعلام قطع برامجها وبث الموسيقى الحزينة. في حين خصصت المدارس ساعة من حصصها للحديث عن العملية.
شكلت تلك العملية أكبر وأنجح عملية استشهادية في تاريخ الصراع مع الاحتلال الصهيوني الذي صدم مسؤولوه ومستوطنوه من حجم العملية وأسلوبها، ومثلت تحولا في تاريخ العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، أثمر تحريرا عام 2000.
أبقت المقاومة الإسلامية اسم منفذ العملية مجهولا، حتى 19 أيار/ مايو 1985، عندما أقامت احتفالا بذكرى شهدائها في بلدة دير قانون النهر، كشفتْ فيه النقاب عن اسم الشهيد أحمد قصير.