مروان أنعم / لا ميديا -
«العلاقة مع الكلاب تحديداً علاقة خاصة ومميزة للغاية، فهي ليست مجرد حيوانات أليفة وحسب، بل من الممكن أن تنشأ بينها وبين مربيها علاقة صداقة ومحبة تتطور على نحو مواز للعلاقات الإنسانية التي نقيمها مع الآخرين».
هكذا يبدأ محمد عامر خميس، البالغ من العمر 48 عاماً، حديثه عن تجربته في تربية الكلاب، الممتدة لما يقارب 15 عاماً وعلاقته معها، واصفاً كلابه التي يربيها ويعيش معها أغلب أوقات اليوم بأنها عائلته الصغيرة التي يشعر معها بالأمان والطمأنينة المطلقة.
خميس، الذي كان في السابق يعمل متعاقداً في صندوق النظافة والتحسين بمدينة تعز، يكشف أن عشقه لتربية الكلاب بدأ منذ الطفولة، وذلك عندما كان يرى بعض الأطفال الصغار يؤذون الكلاب ويقذفونها بالحجارة.
استطاع خميس أن يتعلم ويطور قدراته ذاتياً عن طريق حضور دورات في الإنترنت، لمعرفة الأساليب الحديثة والمتطورة في تربية الكلاب، ومعرفة سلالاتها وأنواعها، وكيفية التعامل معها وترويض الأشرس منها. يقول: "إن بعض السلالات، منها سلالة الـ"وولف" الروسية، تعد من السلالات الأصعب ترويضاً، نظراً لشراستها وقوة وحِدّة طباعها، وذلك لأنها تعتاد على مدربها أو مربيها الذي نشأت معه منذ أن كانت جراء صغيرة، ولا تقبل بسهولة أن تتعايش مع مدرب أو مربٍّ آخر عندما تكبر".. 
إنها الأفضل على الإطلاق في مجال الحراسة تحديداً. يؤكد خميس.
ويضيف: "لا يستطيع لصوص الكلاب أو أياً كان أن يسرق الـ"وولف" الروسية، المشهورة بشخصيتها القوية، وتعتبر أيضاً من الفصائل المنظمة في حياتها والمعتادة على قضاء حاجتها من تبول وغيره في أوقات معينة، بعكس الفصائل الأخرى التي تحتاج إلى الكثير من التدريب والترويض للالتزام بتعليمات مدربها".
وعن أشهر الفصائل الموجودة في اليمن والمنتشرة يقول خميس إن "الدينجو" الأسترالي والهولندي هي الأكثر تواجداً وانتشاراً ككلاب ضالة، وهي تلك التي نشاهدها في الشوارع من كلاب الحي وغيره. أما فيما يخص الكلاب المروضة والمملوكة للآخرين يقول خميس إن الجيرمن الذي يشبه الروبوت الحيوي المطيع والمخلص جداً، يليه الهاسكي والجريفون واللولو فوكس، هي الأكثر انتشاراً لدى الناس. ومع ذلك يرى خميس أن الكلاب الضالة في شوارعنا تعد الأفضل والأكثر استخداماً في الصين والدول الآسيوية، وهي الأفضل في تعاملها أيضاً مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
أول ما يفكر به خميس عند استيقاظه قبل الظهيرة، هو كيفية توفير وجبة الغداء لتلك الكلاب، التي يقتطع لها من مصروفه اليومي في كثير من الأحيان، فيذهب لشراء ما تبقى من مخلفات بائعي اللحوم أو الدجاج من عظام وغيره من البقايا، ليعود بها إلى كلابه التي تنتظره بفارغ الصبر.
ويوضح أن الكلاب تستطيع أن تتحمل الجوع لعدة أيام قد تصل إلى أسبوع، لكنها لا تقوى على تحمل العطش وغياب المياه النظيفة، واضطرار تلك الكلاب إلى شرب مياه المجاري أو المياه الملوثة قد يسبب لها بكتيريا وأمراضاً مختلفة، إلى جانب مرض السعار الناجم عن العدوى المنتقلة من الكلاب المصابة به إلى السليمة بالعراك واللعاب.
يرفض خميس قتل الكلاب والحملات العشوائية التي تقوم بها البلدية بين الفينة والأخرى، ويصفها بـ«غير الأخلاقية»، نظراً للطريقة العشوائية وغير المنظمة أولاً، وثانياً بسبب أن طريقة القتل العشوائي هذه تعد إحدى الكوارث البيئية، والمفترض أن يتم ملاحقة المسعورة منها فقط، وليس جميعها وقتلها بشكل عشوائي كما هو سائد.
يحمل خميس القتل العشوائي للكلاب المسؤولية وراء تفشي داء الكلب، فكلاب الحي التي يجري استهدافها بالحملات هي حائط الصد أمام دخول الكلاب الغريبة والمسعورة إلى الحي، وترفض بشدة مخالطتها ولمسها، وتطردها من خلال تشكيل طوق لدفعها خارج الحي.
لم يتبق لخميس إلا 4 كلاب فقط من عشرات كانت تمثل له عائلة وأسرة مصغرة..
«الكلب يستطيع أن يشعر بالحالة النفسية لصاحبه أو مالكه»، يقول بحميمية.
ويسترسل بذات النبرة:«إنها أقرب إليّ من بعض البشر».
لا غرابة فهو يحوطها بالرعاية  من لحظة الولادة إلى أن تكبر وتصبح يافعة؛ وعندما يحدث أن يبيع أحدها فإنه يكون قد باع أحد أبنائه -حد وصفه.
خميس لا يبخل بالنصائح على سكان الحي من مالكي الكلاب الذين يسرعون إليه للاسترشاد بخبراته عندما تتعرض كلابهم لأي مرض أو اضطراب أو مشكلة لا يستطيعون التعامل معها.
يقول: "واجهت الكثير من المصاعب والمتاعب، فقبل 4 سنوات كان لدي الكثير من الكلاب التي أرعاها داخل أرضية مسورة حصلت عليها بالتعاون مع أحد أصدقائي، وهناك تم قتل أكثر من 60 كلباً منها بسبب إيذاء الناس والأطفال لها".
ويكشف معلومة يجهلها الكثيرون عن  دوافع الكلاب للإيذاء, فعيون الكلاب -وفقاً له- تستطيع تمييز الغرباء بالحجم والطول، ولذلك يحدث أن يهاجم كلب طفلاً لاعتقاده أن ذلك الطفل قد آذاه أو أزعجه في يوم من الأيام. ولكن الحقيقة أن الطفل المؤذي قد يكون بنفس طول الطفل الضحية. وهنا ينصح خميس الأهالي والناس أن يمنعوا أطفالهم وأطفال الآخرين من أذية الكلاب، لأن تعنيفها يجعل منها عدوانية ومضطربة، فهي حساسة جدا.