حاوره: مروان أنعم / لا ميديا -
عززت معركة "سيف القدس" الثقة في دول محور المقاومة التي تخطو بخطوات ثابتة واستراتيجية في إلحاق الهزيمة بالكيان المحتل، من خلال سلسلة من المواجهات مع العدو الصهيوني، ابتدأت من معركة يوليو/تموز 2006 التي خاضتها المقاومة اللبنانية ضد غزو جيش الاحتلال الصهيوني للبنان، مروراً بالاعتداءات الصهيونية على غزة في 2009 ومن ثم 2012 و2014، والتي توجت مؤخراً بمعركة "سيف القدس" التي جاءت ضمن تلك السلسلة من المعارك الاستراتيجية مع العدو الصهيوني، وضمن سياق واحد يسعى إلى تطوير سلاح المقاومة وتراكم القدرات العسكرية والنارية لردع العدو وإضعافه وكسر هيبته الديكورية التي أسهمت في صناعتها قنوات ووسائل إعلام التطبيع والانبطاح الخليجي.
إن معركة "سيف القدس" وما حققته حركات المقاومة الفلسطينية فيها من انتصار، ستُعجل من تفكيك الكيان المحتل الهش وطرده إلى الأبد من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صحيفة "لا" وضمن إطار لقاءاتها مع ممثلي محور المقاومة في اليمن، أجرت حواراً مع ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الأستاذ خالد خليفة، الذي تفضل مشكوراً بالإجابة على تساؤلاتنا في سياق الحوار التالي.

العدو فشل في تحقيق أهدافه
 كيف تنظر المقاومة الفلسطينية للانتصار الأخير في معركة "سيف القدس"؟ وكيف سينعكس في إطار الصراع مع الكيان المحتل؟
نحن نعتبر أن هذا الانتصار هو انتصار في جولة من جولات المعركة، ولا يتحقق الانتصار الكامل إلا بتحرير كل شبر في الأراضي الفلسطينية من دنس الاحتلال، ولكن من ناحية أخرى يمكن قياس قيمة هذا الانتصار من خلال قدرة المقاومة في منع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه بالرغم من تفوق قدراته العسكرية، وعدم قدرته كذلك في اختراق مجتمع المقاومة استخباراتياً، بخاصة عقب أن نفذت كافة الفصائل في غزة عمليات إلقاء القبض على الكثير من أعين العدو من الجواسيس الذين كانوا يرفعون الإحداثيات والمعلومات إلى العدو من داخل القطاع، وأصبح العدو لا يملك معلومات جيدة ولا بنك أهداف عسكرية، وقد شاهدنا كيف تحول ذلك العجز الاستخباراتي باتجاه استهداف منازل المواطنين والأبراج السكنية والبنية التحتية المدنية في القطاع، على أمل إحداث شرخ بين المقاومة وحاضنتها الاجتماعية من المواطنين، ولكن ذلك أثبت العكس في التفاف الشعب حول المقاومة وقياداتها، بالإضافة إلى رضوخ العدو لشروط المقاومة، وقد بدأت تنعكس في الخلافات داخل جيش الاحتلال الذي فشل في تحقيق أهدافه وفي منع صواريخ المقاومة من الوصول إلى المناطق المحتلة.

سلطة غير وطنية
 ما هي النتائج السياسية التي حققتها المقاومة الفلسطينية في معركة "سيف القدس"؟
لدينا هناك وجهان، فهناك من يسارع إلى اقتطاف ثمرات الانتصار بينما لم يكن له أي دور أو مشاركة في صناعته، وهناك طرف آخر يتمثل في فصائل المقاومة في غزة والتي كان لها الفضل في صناعة هذا النصر، فالطرف الأول المتمثل في السلطة الفلسطينية التي لا ناقة لها ولا جمل في المعركة، ولم يكن لديها في حقيقة الأمر أي موقف منها، فالسلطة الفلسطينية وبخلاف كل السلطات في العالم التي تكون في مقدمة المواجهة عندما يتعرض البلد والشعب لاعتداء، وقفت موقف المتفرج من بعيد على ما تتعرض له غزة من عدوان صهيوني، ولكن عندما توقفت المعركة وجدناهم سباقين في اللقاءات وإطلاق التصريحات، والأمريكان أرادوا إعادة الحياة لهذه السلطة عبر حصر المساعدات وإعادة الإعمار فقط من خلال السلطة الفلسطينية لغرض محاولة إحياء "أوسلو" وتبعاته، والدليل أن المصريين هم من تولوا هذه المهمة من خلال ربط المساعدات في ملف إعادة إعمار غزة عبر السلطة الفلسطينية التي تصلها الأموال عبر البنوك الصهيونية، وهناك اشتراطات جديدة حدثت عقب وقف إطلاق النار، تهدف إلى ربط ملف إعادة الإعمار، بإطلاق سراح الجنديين الصهيونيين المحجوزين في غزة، وهذا شيء غير مقبول، والمقاومة ترفض ربط الملف الإنساني المتمثل بإعادة الإعمار مع الملف العسكري وأسرى الحرب، وهذا ما تسعى إليه الدول المتواطئة والمطبعة مع كيان الاحتلال مثل مصر والإمارات وقطر.

نهوض شعبي فلسطيني عام
 ما هي المتغيرات الجديدة التي فرضتها المعركة على العدو؟
ما يميز هذه المعركة هو تزامن النهوض بين الضفة وغزة والأراضي المحتلة في 48، وهذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها حركات المقاومة الفلسطينية بالدخول في مواجهات مع العدو الصهيوني بسبب الاعتداء من قبل جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين على منازل المواطنين وجموع المصلين في القدس، وهذا ما لم يحدث قط من قبل، فقد كانت المواجهات والمعارك سابقاً تندلع نتيجة اعتداء الكيان المحتل على قطاع غزة، بينما الآن تغيرت المعادلة وكان الرد واضحاً على استهداف القدس والمواطنين في حي الشيخ جراح من اعتداءات قطعان المستوطنين الصهاينة، ومن هنا فقد كانت معركة "سيف القدس" مختلفة عن سابقاتها، لأن المقاومة كان لها هدف استراتيجي يتمثل في أن حركات المقاومة استطاعت أن توسع نطاق الرد ليشمل استعداد المقاومة في الرد على أي اعتداء يقع داخل الأراضي الفلسطينية، وتوحيد الرد على الأرض سواء في غزة أو القدس أو الضفة. 

دول المحور لم تقصر
 كيف تثمنون التنسيق والدعم المقدم من دول محور المقاومة لنصرة القضية والمقاومة الفلسطينية؟
دول محور المقاومة لم تقصر في دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال والخبرات العسكرية، وخير مثال على ذلك ما نلمسه هنا في اليمن من خلال دعوة السيد عبدالملك إلى التبرع لتسليح المقاومة والشعب الفلسطيني
عملية الدعم لا يمكن أن تصل إلى الداخل، وقطاع غزة الذي لا يتعدى مساحته 350 كيلومتراً مربعاً وفيه أكثر من مليوني نسمة، لا يحتاجون إلى المقاتلين، ولكن ما ينقصهم هو السلاح والتمويل، وعندما تزود هؤلاء بالسلاح وما يحتاجونه من مقومات للاستمرار في المقاومة ومقارعة العدو، ستجدهم سباقين لمقارعة العدو وإذلاله، والدعم المادي مهم جدا للمقاومة الفلسطينية، بخاصة بعد قيام العدو الصهيوني عبر أذنابه وأدواته في المنطقة بتجفيف الموارد المالية وتشديد الحصار على القطاع.

دعم يمني سخي
 كيف تنظرون إلى الموقف الشعبي والرسمي اليمني في دعم وتسليح حركات المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية؟
الشعب اليمني يعتبر أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى، وهي تحظى بالاهتمام والدعم من القيادة والشعب، وبحسب المبادرة التي أطلقها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تحت عنوان "القدس أقرب"، هذا يعد خير دليل على توحد الرؤى بين القيادة والشعب، وقد لمسنا توجه اليمنيين وبسخاء إلى التبرع للمقاومة الفلسطينية بالرغم مما تمر به اليمن من عدوان وحصار ظالم، إلا أن الشعب اليمني لم يتردد في نصرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ولذلك نحن نرى في اليمن توأماً للقضية الفلسطينية، والانتصارات التي تحققت في غزة ما هي إلا امتداد للانتصارات التي يحققها الجيش واللجان الشعبية في ساحات العز والبطولة بالتصدي لآلة حرب متطورة لأكثر من 15 دولة ويلحقون بهم خسائر وهزائم مذلة، ونحن نرى أن العدو واحد في اليمن وفلسطين، والمحرك أيضاً واحد، يتمثل في أمريكا و"إسرائيل"، وهم يستخدمون أذنابهم في المنطقة من دول الخليج لتحقيق أهدافهم.

"21 أيلول" صححت البوصلة
 ما هي الإضافة التي شكلها يمن 21 أيلول إلى دول محور المقاومة؟
اليمن الشقيق اليوم بات وبقوة إحدى أهم الدول في محور المقاومة بعكس السابق، وعندما جاءت ثورة 21 أيلول أثبت اليمن أن فلسطين هي الهدف والغاية والوجهة، وأن نصرة القضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة الفلسطينية وتسليحها واجب ديني ووطني، وفق ما يطرحه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاباته، واليوم اليمن يلقن المعتدين دروساً قاسية ويضربهم في عقر دارهم، وبات اليمن يتحدث عن إمكانية استهداف الكيان الصهيوني المحتل بالصواريخ اليمنية، وهذا ما لم يكن يخطر في بال العدو الصهيوني من احتمالية وجود تهديد قادم من أقصى جنوب الجزيرة العربية، فاليمن اليوم أصبح يشغل تفكير أكبر مراكز الدراسات والأبحاث الأمريكية والصهيونية، لدراسة هذا المتغير الذي قلب الطاولة على رؤوس جميع المطبعين والمتخاذلين مع الكيان الصهيوني المحتل.