حسن فرحان المالكي / لا ميديا -
كنت أتساءل أول ما سمعت بالديمقراطية أيام الثانوية وتعلمت أنها تعني حكم الشعب للشعب، وأن للأغلبية أن تصوت وتفعل أي شيء؛ كنت أتساءل يومها وببراءة: هل لو رأى أكثر الشعب -أي شعب- أن يقتلوا الأقلية ويبيدوهم، أيكون هذا من حقهم ديمقراطيا؟!
هذا السؤال كبر معي من الثانوية إلى اليوم، حتى تذكرته وأنا أسمع حوارا للمهرج محمد النجيمي مع أحد الليبراليين وهو يحتج عليه بأن الإسلاميين أغلبية ولهم أن يفعلوا ما شاؤوا من منع وسماح وتشريع عقوبات و... إلخ، وما زال السؤال قائما وجوابه خافياً.
أعيد السؤال بطريقة طائفية ليفهمه الديمقراطيون الجدد:
هناك أغلبية شيعية في إيران، هل يحق لها ديمقراطيا قتل الأقلية السنية؟!
ماذا سيقول المهرجون الديمقراطيون الطائفيون في جوابهم على هذا السؤال؟!
طبعا، سيقولون: لا!
حسنا، فأنتم تحتجون بالأغلبية...؟!
ستقولون: هناك حقوق إنسان، وحرمة دماء، وأحكام شرعية مقدمة على رغبات الأغلبية؟!
حسنا، وهذا ما نريد منكم أن تفهموه؟!
لماذا لا تعقلون المبادئ الديمقراطية التي تسبق الشكل الديمقراطي ولا تتذكرونها إلا عندما نذكر لكم الأغلبيات الأخرى؟! لماذا؟!
ديمقراطية الحماقة!
لماذا لا يتعلم الحمقى البحث في حقوق الإنسان وكرامته وتثقيف أنفسهم بها قبل أن يحتجوا بأكثرية أو يتباكوا على أقلية؟!
ديمقراطية إلى الوراء!
لماذا تنجح الديمقراطية عند الشعوب "الكافرة" فيتقدمون بها إلى الأمام بينما تراجعنا نحن إلى الخلف؟! لماذا؟!
الجواب سهل، لأن تلك الشعوب هضمت مبادئ الديمقراطية قبل شكلها.
فهي قد تجاوزت وجوب قتل المخالف وأذيته والتعبد بذلك، بينما نحن قفزنا إلى الشكل الديمقراطي قبل أن نحسم هذه المسألة!
لذلك سترون حماقات الأكثريات وقد تظنونها من مساوئ الديمقراطية. كلا!
لا تظلموا الديمقراطية، لأنها كانت موضوعة للبشر وليس للغابة!
ونحن قد أفسدنا كتاب الله ودينه وشرعه وهو أفضل من الديمقراطية، أفلا نفسدها أيضاً؟!