الزمن الجميل!
- تم النشر بواسطة أنس القاضي / مرافئ لا
أنس القاضي / مرافئ لا -
من اليساريين مَن يطلقون مفهوم «الزمن الجميل» على كل مَشهد بالأبيض والأسود كانت فيه النساء يخرجن بشعرهن وبفساتين قصيرة، ومثل هذه الحياة كانت حكراً على طبقة مترفة مرتبطة بالاستعمار في عدن، ولم تكن حياة الشعب، يمتد هذا الغزل إلى امتداح عهد الاستعمار البريطاني وتمني عودته باعتباره الزمن الجميل، وهذا مفهوم الليبراليين عن الجمال، لا مفهوم القوى الثورية والتقدمية، وليس فكر ماركس ولا باذيب ولا فتاح!
إن الزمن الجميل في نظرة الإنسان الثوري التقدمي، هو الزَمن الذي تحظى به الأوطان بالسيادة والشعوب بالتقدم الاجتماعي وإعلاء العلاقات الإنسانية على القيم السلعية، الأمر الذي يفتح –حينها- أمام المجتمعات آفاق التفتح الإبداعي والفني والسمو الروحي والأخلاقي وإغناء الحياة المدنية والحريات الاجتماعية بمضمون تقدمي مؤنسن دون توقفها عند حد الشكل والمظهر الخارجي، بعد التحرر من هموم الحياة المعيشية التي تستثير في نفس الإنسان النزعات البدائية.
كيف يوصف زمن الاستعمار البريطاني بأنه كان جميلاً وهذه حقيقته:
كان في عدن رجل بوليس واحد لكُل 250 مواطناً، من السكان، وفي الوقت نفسه في إنجلترا نفسها وجد بوليس واحد لكل 750 مواطناً.
أعطيت قوات الاحتلال البريطانية من قبل الإدارة الاستعمارية حق التعرض والتفتيش لأي مكان وحق الاعتقال والتحقيق مع أي شخص ومصادرة وثائقه ونزع اللوحات والأعلام ووضع أية منظمة جماهيرية تحت الرقابة.
ويشهد على هذه المرحلة القائد الوطني الماركسي عبدالله باذيب: «لم يكن أمام شعبنا اليمني من وسيلة للدفاع عن نفسه ضد تسلط الإنجليز والسلاطين، غير السلاح، الذي لم يستطع الإنجليز حرمانهُ منهُ وقد حرمه من كل وسائل التعبير الأُخرى، فلا صحف ولا أحزاب، ولا انتخابات، بل كبت وقهر وحرمان كامل».
الكفاح المسلح في ثورة 14 أكتوبر، انصرف جزء بسيط منه نحو بريطانيا، كان الكفاح في شقه الأكبر ضد المرتزقة من أجل إزالة أكثر من 20 سلطنة وإمارة لكل واحدة جيش وعلم وهوية واتفاقية حماية مع بريطانيا كقطر والبحرين. وقد وصلت احتياطات سلطة ثورة 14 أكتوبر إلى إعطاء المحافظات الجنوبية أرقاما بدلاً عن الأسماء، من أجل محو الهويات والعصبيات السياسية الحاكمة التي غذتها بريطانيا، وعادت الإمارات اليوم إلى تغذيتها وتسليحها، وبعث السلاطين والمشائخ والأمراء الذين يشكلون ثقلاً كبيراً في قوام قيادة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي.
المصدر أنس القاضي / مرافئ لا