
دمشق - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
تؤكد المعطيات والمعلومات المتوفرة أن الملف السوري والمنطقة عموماً يقف على أبواب مرحلة من التصعيد الميداني والسياسي، إما لاستكمال حسم ملفات عالقة، وأما لتثبيت وقائع جديدة في إطار صراع الإرادات الذي يجري لتحديد مواقع القوى والدول في المنظومة الإقليمية والدولية التي تتشكل مع وصول التوازنات الدولية القائمة برأسها الأمريكي الغربي إلى نهاياتها.
وتشير هذه المعلومات إلى أن ما يجري خلف الكواليس من حركة سياسية ودبلوماسية نشطة حول هذه المواضيع أكثر بكثير مما هو في العلن، ولن يطول الأمر حتى تظهر نتائجها إلى العلن.
ومن مؤشرات ذلك فشل الاجتماع الروسي التركي حول إدلب بعد تمنّع تركيا عن تنفيذ التعهدات التي اتفق عليها رئيس النظام التركي الإخواني رجب طيب أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديميير بوتين خلال قمة موسكو الأخيرة، وقبلها في قمة سوتشي، ووقف الدوريات الروسية التركية المشتركة، وبعد التصعيد الذي قامت به المجموعات الإرهابية في المنطقة، وغير بعيد عن هذه المواضيع والملفات أيضاً ما يجري في لبنان وليبيا واليمن، لتأتي الحرب المفاجئة في إقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان كمؤشر إلى عمق صراع الإرادات الذي يجري، وتحديداً بين روسيا وتركيا، والذي سينعكس على كل الملفات، ومنها الملف السوري.
معلومات مؤكدة حصلت عليها "لا" تفيد بأن الجيش السوري وشركاءه الروس على أهبة الاستعداد، وهم ينتظرون اللحظة المناسبة لإطلاق معركة تحرير ما تبقى من إدلب أو جنوب طريق حلب اللاذقية (M4) على الأقل في أي معركة جديدة، وكذلك فتح معركة شرق الفرات وغربه، وهذه المرة مع الأمريكي والتركي والمجموعات الإرهابية المرتبطة بهما.
واستعداداً للقادم -تضيف المعلومات- أدخل الجانب الروسي أسلحة متطورة إلى الميدان السوري من شأنها حسم المعركة بشكل سريع وحازم لصالح دمشق وحلفائها تحت غطاء جوي روسي فاعل وواسع النطاق.
ومن هذه الأسلحة راجمات الصواريخ المضادة للدروع القادرة على إطلاق عشرين قذيفة من 6 فوهات، وقادرة على الإصابة الدقيقة بنسبة عالية جدا مدعومة بوحدة توحيد النيران المرافقة لها مع طائرات مسيرة تقودها إلى الهدف ومداها 100 كلم، وهو مدى غير مسبوق، يفوق ثلاثة أضعاف مدى صواريخ الراجمات الأمريكية و"الإسرائيلية"، وكذلك منظومة "هيرمس" الموجودة فقط لدى الجيش الروسي ولم تخرج خارج روسيا إلا إلى الميدان السوري، ويتوقع أن تشكل عامل تفوق في الميدان عند أي فتح للجبهة سواء في إدلب أم على ضفة الفرات.
تطورات الوضع في العراق، وخاصة تصاعد عمليات المقاومة ضد الوجود الأمريكي في العراق واستهدافها السفارة الأمريكية وخطوط الإمداد اللوجستية الأمريكية والتي بلغت أكثر من أربعين عملية خلال أيلول/ سبتمبر الفائت لوحده والتي أجبرت الأمريكي على التفكير بإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد -وهي الأكبر في العالم- ونقلها إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق، هذا التطور الميداني الكبير سيكون له تأثير كبير على قرارات غرف العمليات العسكرية التي تقرر شكل وزمن أية معركة.
كما أن نظرة واشنطن إلى ما تعتبره خطراً روسياً صينياً استراتيجياً سيكون حاضراً في قرار خوض المعارك ورسم السياسات حول المنطقة وتحديداً في إدلب وضفتي الفرات، لأن أي انسحاب أمريكي سواء من العراق أم من سورية سيغير المشهد الميداني، وقد يغني عن خوض معارك كان يخطط لها، لأن الرؤية الأمريكية للخطر الصيني الروسي تحتم على واشنطن إعادة النظر في انتشار قواتها العسكرية في العالم أجمع، وتجعل وجود هذه القوات في منطقة "الشرق الأوسط" وتحديداً سورية والعراق عديم الفائدة تماماً، خاصةً في حال حصول نزاع عسكري دولي قد يضع القوات الأمريكية في وضع حرج جداً بسبب سهولة حصارها من الجنوب (مضيق باب المندب ومضيق هرمز) ومن الشمال الغربي (مضيق جبل طارق)، بالإضافة إلى بُعد هذه القوات عن مسرح العمليات المفترضة، بين الصين والولايات المتحدة، والذي سيكون بشكل أساسي في المحيط الهادئ وشرق المحيط الهندي.
ومع الأخذ بعين الاعتبار كل هذه التطورات فقد توقع أكثر من مصدر ممن تواصلت معهم "لا" حول التوقيت المتوقع لبدء هذه المعارك في حال سارت الأمور كما هو مخطط لها أن تكون بعد الانتخابات الأمريكية، لكن لن تستبعد المصادر حدوث تطورات مفاجئة أو غير متوقعة قد تسرع أو تؤخر التوقيت، كما هو الحال في الاندلاع المفاجئ للحرب في ناغورني كاراباخ، والتي أشعلت أكثر من ضوء أحمر في موسكو وطهران، بعدما رفعت هذه الحرب درجة الحرارة على حدود البلدين وتركيا مع كل من روسيا وإيران. لكن المؤكد أن حرب استكمال تحرير إدلب وشرق الفرات واقعة بالتأكيد، والأمور مرهونة حول التوقيت بما تقرره غرفة العمليات السورية الروسية الإيرانية.
المصدر أحمد رفعت يوسف / لا ميديا